مثلما طالبنا بتفعيل قانون حماية الملكية الفكرية نطالب أيضا وسنطالب دوما بتفعيل قرارات جهاز حماية المستهلك واعتبارها بقانون احكاما قضائية واجبة النفاذ! فعندما صدر قانون حماية الملكية الفكرية في مصر, بعد صدوره عالميا, اطمأن حملة الأقلام الي ضمان حقوقهم الأدبية بعيدا عن سرقة افكارهم وانتاجهم وحقوقهم المادية المترتبة علي النشر والإذاعة والبث التليفزيوني والعرض المسرحي والسينمائي وكل الوسائط الحديثة من اسطوانات مدمجة وكمبيوتر وخلافه.. لكن الجهات المسئولة عن الضبط والتنفيذ لم تمارس عملها علي الوجه الأكمل, وكذلك الجهات المنوط بها دعم الحماية مثل إتحاد الكتاب واتحاد الناشرين واتحاد النقابات الفنية واتحاد الاذاعة والتليفزيون ونقابة الصحفيين ونقابة المحامين والجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان وغير ذلك.. وعندما أنشيء جهاز حماية المستهلك التابع لوزارة التضامن, والذي يتبعه جهاز الأمن الصناعي استبشرنا خيرا, علي أمل أننا قد اصبحنا في مأمن من استغلال التجار والمتاجرين علي جميع المستويات الحكومية والأهلية علي حد سواء بدءا من المأكل والملبس والمسكن, انتهاء بالسلع الإستهلاكية والمعمرة ايضا.. وقد احتفل المجتمع المدني كله بمولد هذا الجهاز الذي كنا بحاجة اليه بالفعل وهلل له الإعلام المرئي والمسموع والمقروء بعد أن أبدي نشاطا ملموسا وفعالية حقيقية وأظهر جدية في التعامل مع طرفي النزاع التقليديين, البائع والمشتري أو التاجر والمستهلك.. وحصل كثيرون من المستهلكين علي حقوقهم من المستغلين ببساطة وهدوء وسرعة دون الدخول في متاهات الشرطة والنيابة والمحاكم. ولكن بعد فترة وجيزة من عمر هذا الجهاز الوليد والأمل المنشود بدأت تنخر فيه البيروقراطية نتيجة تراخي وكسل ولامبالاة وتباطؤ وتواطؤ الموظفين المنوط بهم السهر علي حماية جهازهم من الشيخوخة المبكرة وعلي حماية المستهلك الواثق فيهم والمستسلم لهم من جشع المستغلين المستهترين بالناس أولا ثم المجتمع ثانيا واخيرا بالجهاز الذي يمثل الحكومة في المقام الأول.. فانخرط الجهاز شأن الاجهزة والوزارات والهيئات والمصالح والدوائر الحكومية وغير الحكومية الأخري في منظومة الفساد التي نظمها المسئولون بالدولة وغير المسئولين بها والتي طالت الوطن كل الوطن وأدت الي حركات التحرر ثم الثورة المجيدة.. هذا ماحدث بالفعل للجهاز ومن الجهاز من خلال تجارب شخصية وشكاوي من المواطنين ضد الجهاز كادت ان تصل الي النيابة العامة بعد أن تحول من جهاز حماية المستهلك الي جهاز حماية المستغل.. كل الأمل أن يتم التحقيق فيما ورد بهذا المقال حتي يعود الجهاز الي طبيعة وحقيقة الغرض الذي انشئ من أجله, وحتي نقول له نعم إذا قام بحماية المستهلك فعلا لا قولا.. وحتي يصبح تصحيح مساره أحد منجزات ثورة52 يناير العظيمة!