محافظ البحيرة: خطة عمل عاجلة لرصف الطرق وتوفير إحتياجات المواطنين    السيسي يشيد بدور الهيئات القضائية في حماية حقوق المواطنين وصون مصالح الوطن    وزير الأوقاف يتلقى اتصالا هاتفيا من وزير الشئون الإسلامية بدولة إندونيسيا    وزير التعليم يتفقد ديوان الوزارة ويعقد سلسلة اجتماعات    محافظ القليوبية يعتمد خطة صيانة جميع مدارس    مصير مواعيد غلق المحلات في يوليو.. أهم تصريحات «مدبولي» اليوم    «الزراعة»: البنجر تصل إنتاجية الفدان 50 طن ويمكن زراعته في الأراضي الرملية    محافظ قنا يبدأ عمله برصد حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية    محافظ الشرقية الجديد: العمل بروح الفريق الواحد والبعد عن التفكير النمطي    قرار بتكليف عبده علوان بتسيير أعمال الهيئة القومية للبريد    ترامب ساخرا من بايدن: أصبح كومة خردة قديمة وهاريس البائسة أفضل منه    الهلال الأحمر الفلسطيني: العدوان المستمر أخرج غالبية المستشفيات عن الخدمة    الزمالك يؤكد انتهاء أزمة مستحقات بوطيب والحصول على الرخصة الأفريقية    جوندوجان: إسبانيا الفريق الأفضل في كأس الأمم الأوروبية حتى الآن    مانشستر يونايتد يمدد تعاقد تين هاج    تقرير مغربي: اتفاق شبه نهائي.. يحيى عطية الله سينتقل إلى الأهلي    التحقيق في مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها بالإسكندرية    المؤبد لعاطل بتهمة الاتجار في المخدرات بالإسكندرية    «التعليم»: فتح باب التقدم لطلاب الشهادة الإعدادية للالتحاق بمدارس التكنولوجيا التطبيقية    280 مليون جنيه.. إيرادات فيلم ولاد رزق 3 في السعودية بعد 21 يوم عرض    «جامدين كدة كدة».. تامر حسني يكشف عن موعد طرح أحدث أغانيه    «بيت السعد» يتصدر تريند X وفيسبوك في السعودية ومصر وعالميًا    بالصور.. تامر عاشور يحيي أقوى حفلات التجمع الخامس    ورش رسم وأداء حركي ومسرحي للموهوبين في ثاني أيام "مصر جميلة" بدمياط    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر المحرم غدًا    نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة في زيارة مفاجئة لمستشفيي العامرية والقباري    «السبكي» يشارك في احتفالية الهيئة العامة للتأمين الصحي لمرور 60 عامًا على إنشائها    مستشفى الصدر بالزقازيق بين الماضي والحاضر |صور    جامعة كفر الشيخ تطلق مشروع تعزيز برنامج مصر لتنظيم الأسرة SEFPP    متى موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024 للموظفين بالقطاعين العام والخاص ؟    أشرف زكي يكشف حقيقة تدهور الحالة الصحية لتوفيق عبدالحميد    ارتكبوا 6 وقائع.. القبض على تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بالجيزة    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يهدم المنازل في الضفة الغربية للتوسع الاستيطاني    تأكيدًا ل المصري اليوم.. الزمالك يعلن رسميًا انتهاء أزمة خالد بوطيب    الفريق أسامة ربيع يبحث مستقبل سياسات إبحار السفن الكورية عبر قناة السويس    نظام أمان مبتكر لمواجهة انزلاق السيارة على الماء    بيلاروس تنضم رسميا إلى منظمة "شنجهاي للتعاون"    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    بدء الصمت الانتخابي اليوم تمهيدا لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية    تحرير 35 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع مؤشر مصر الصحي    محافظ المنيا الجديد يتعهد أمام أهالى عروس الصعيد بالتواجد الميدانى بمواقع العمل    البيت الأبيض: هدف باريس وواشنطن حل الصراع عبر الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل دبلوماسيًا    العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية    حزب الله يشن هجوما بمجموعة من المسيرات على 7 مواقع عسكرية إسرائيلية    سويلم يتابع ترتيبات عقد «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    "رغم سنه الكبير".. مخطط أحمال بيراميدز يكشف ما يفعله عبدالله السعيد في التدريب    مباحث العمرانية تضبط عاطلين بحوزتهما 5 كيلو حشيش    «الإسكان الاجتماعي»: حملات متواصلة لضبط الوحدات المخالفة بأكتوبر والنوبارية    «دون وفيات».. انهيار منزل من 5 طوابق بالمنوفية    تشكيل كامل يغيب عن قائمة الأهلي في مواجهة الداخلية    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أولهم طلعت حرب ناس من قصر الشوق
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 12 - 2011

ليس غريبا أن نتذكر نجيب محفوظ بعد مرور مائة عام بالتمام والكمال علي مولده‏...‏ فهو الأديب المصري الأوحد الذي حصل علي جائزة نوبل في الاداب‏,‏ وهو صاحب مشروع تمصير شديد التميز. فكل ما كتب دارت تفاصيله علي أرض مصرية, و كان محددا منذ البداية فلم يرد أن يتخطي القاهرة بعد رواياته الأولي وان حدث وذهب في رحلة بالقلم فهو لا يتعدي حدود الاسكندرية.
وهذه هي عبقرية محفوظ.. فالعبقرية ترتبط دائما بالاختيار ثم بالدأب الشديد الذي مكنه من حكي تاريخ طويل قد يجهله القاهريون أنفسهم.
فمنذ زمن العشرينيات وحتي نهاية القرن الماضي.. ومحفوظ شاهد علي عصر الطبقة الوسطي المصرية وحي الجمالية والحسين وصحراء العباسية وتعليقات الحرافيش وعالم الفتوات وأبواب الحواري وسلوك الافنديات حتي أنه يمكننا أن نلخص كل هذا النجاح في ثلاثيته الشهيرة بين القصرين وقصر الشوق والسكرية التي كان قد رفض نشرها للوهلة الأولي عندما قدمها نجيب محفوظ للناشرين وكان السبب انه لا يوجد قارئ يستطيع أن يصبر علي قراءة كل هذه الحكايات.
ومن نفس المكان قصر الشوق... ولد شخص آخر و أضاف إلي تاريخ مصر, فإذا كانت مكتبة الإسكندرية تحتفي في بيت السناري هذا الأسبوع بنجيب محفوظ الأديب ونجيب محفوظ الطبيب الشهير الذي سمي أديب مصر علي أسمه فان الأهرام تضيف إليهما زيارة سريعة لابناء هذا الشارع, ويتوقف بالحكي عند شخص آخر من أبناء قصر الشوق. هو... محمد طلعت حرب رائد الرأسمالية المصرية الوطنية.
ولأن كل إنسان قصة منفردة في الاساس فيكفي أن نعرف في البداية انه عندما ولد طلعت حرب في الخامس والعشرين من نوفمبر1867 بمنطقة قصر الشوق في حي الجمالية كانت الدنيا تختلف فصحيح أن أسرته تنتمي في الأساس إلي مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية إلا انه بسكنه في هذا الحي وأنتمائه الريفي اصبح أبن بار للطبقة الوسطي لمصر المحروسة.
وكمعظم أبناء جيله التحق طلعت حرب بالكتاب لحفظ القرآن الكريم, و في أغسطس عام1885 تمكن من إنهاء دراسته الثانوية بمدرسة التوفيقية والالتحاق بمدرسة الحقوق للحصول علي شهادة الدراسات الأولية في القانون ثم التقدم لامتحانات الترجمة بعد أن أتقن اللغة الفرنسية إتقانا لم يكن بعيدا فيه عن أبناء الطبقة المتنورة, ليتم تعيينه في نفس عام تخرجه عام1889 كمترجم بالقسم القضائي بالدائرة السنية ويستمر حتي يصبح مديرا لأقلام القضايا خلفا للزعيم السياسي محمد فريد بك.
والدائرة السنية حسب التوصيف الوظيفي هي التي تشمل أملاك أمير البلاد وكذلك الجهاز الاداري الذي يشرف علي استثماراتها. والغريب أن هذه الدائرة كان الخديو إسماعيل يري انها الطريق الوحيد للحصول علي الاموال بعد أن ضاقت الدنيا من حوله وكبل العجز المالي طموحه وهو ما لم يستطع معه الاستدانة من جديد بعد جملة الديون المتراكمة.
وفي هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية عاش طلعت حرب شبابه في فترة تحمل الكثير أيضا من التطلعات القومية, فهو شأنه شأن أي مصري يتذكر ثورة عرابي التي عاصر بعض أحداثها والتي انتهت بنتيجة قد تبدو منطقية من وجهة النظر العسكرية من تفوق في العدة والعتاد البريطاني وهو ما مكنهم من احتلال البلاد, الا انه في الوقت نفسه كان يشبه آلاف المصريين الذين كانوا كالجذوة التي مازالت تشتعل تحت الرماد.
فصحيح وبكل المعطيات لم تكن قوة مصر العسكرية الوليدة في عصر محمد علي باشا تستطيع أن تقف في وجه آلة الحرب البريطانية المدججة المستندة إلي عسكرية عتيدة حتي لو حسبنا ما فعله المصريون في زمن محمد علي من فتوحات وحروب في شرق أوروبا والجزيرة العربية وأفريقيا الا ان الشخصية المصرية تعلمت علي مر السنين أن تستفيد حتي من دروس الهزيمة لتبدو وكما اتفقنا كالجذوة المتأججة تحت الرماد.
التجربة الوطنية
وبالدليل والبرهان لسنا واهمين عندما نصف طلعت حرب بهذا الوصف, فالتجربة المصرية المهمة التي عاصرها كانت تتبلور داخله إلي أن أصبح وكيلا لدائرة عمر سلطان باشا الذي كان هو الآخر شخصية مهمة في المجتمع المصري وكانت عائلته تتبني قواعد اقتصادية متعلقة بفكرة التمصير.
وهي تجربة يمكن أن نصفها اليوم بتجربة تدعيم النفوذ الإقتصادي المصري أو زيادة القوة الاقتصادية للعائلات المصرية التي حكي عنها اريك ديفز بالتفصيل في كتابه مأزق البرجوازية الوطنية الصناعية فما حدث أن كثيرا من العائلات المصرية قامت بشراء الكثير من الأراضي عند بيع أراضي هذه الدائرة السنية.
فقامت عائلة سلطان باشا علي سبيل المثال بشراء885 فدانا في بندر المنيا وارتبطت هذه العائلة مع عائلة شعراوي التي قامت هي الأخري بشراء281 فدانا في سمالوط بعلاقة مصاهرة, وتكرر الأمر بالنسبة لعائلة مرزوق التي صاهرت عائلة سلطان باشا أيضا واشترت299 فدانا في بني مزار, كما اشترت عائلات بدوية وهي لملوم السعدي والباسل في المنيا والفيوم166 فدانا و140 فدانا علي التوالي في مغاغة وقلمشة.
كما أن هناك تجربة خاص بطلعت حرب عندما أتيحت له الفرصة بتولي مسئولية شركة كوم أمبو ثم العقارية المصرية وجد أن السبيل الوحيد هو التمصير هذه الشركات وللاقتصاد المصري بشكل كبير.
ووسط هذا الصعود الاقتصادي المصري الذي دعمته دعوات من جانب عمرلطفي باشا عضو الحزب الوطني- القديم ووكيل كلية الحقوق كما تذكر د. مني قاسم في كتابها بنك مصر... وطلعت حرب صفحات من التاريخ والتي جاءت في صورة محاضرات في المدارس العليا عام1908 ليتحدث بصراحة عن فكرة إنشاء بنك وطني مصري. وهكذا وكما يقول الكاتب الكبير فتحي رضوان في كتابه طلعت حرب.. بحث في العظمة لم يخرج كتاب طلعت حرب علاج مصر الاقتصادي ومشروع بنك المصريين بنك الأمة الصادر في نوفمبر1911 عن فكر الرواد الأوائل وأعيان مصر عام1879 في ضرورة تأسيس بنك للمصريين أو بنك الأمة وما قاله عمر لطفي, ورشيد رضا وحفني ناصف وعبد العزيز جاويش من ضرورة إنشاء مصارف مصرية. ولكن ظروف فشل الثورة العرابية والاحتلال البريطاني لمصر أوقفهم.
المؤتمر المصري الأول
أما الخطوة التالية فقد جاءت مع انعقاد المؤتمر المصري الأول وهو مؤتمر له مكانة تاريخية كبيرة وان كان يجهله الناس اليوم رغم كونه واحدا من أهم المؤتمرات التي ناقشت المصالح المصرية. وقد عقد هذا المؤتمر منذ مائة عام وفي نفس عام ميلاد نجيب محفوظ في عام1911 حين أرادت فيه مصر مراجعة أولوياتها ومشروعاتها مع كل القوي الوطنية, وكان تقرير اللجنة التحضيرية للمؤتمر في صف إنشاء بنك وطني يدافع عن المصالح المصرية وبأموال مصرية.
وبعدها بثلاثة أعوام فقط أي في عام1914 جاءت توصيات لجنة التجارة التي أنشأها حسين رشدي باشا رئيس الوزراء المصري هي الأخري في صف إنشاء بنك وطني علي الرغم من أن معظم أعضاء اللجنة كانوا من الاجانب و برغم هذا وكما تقول د. مني قاسم. فإن هناك من رفض المساهمة بحجة انشغال البلد مع سعد زغلول ولهذا حاول طلعت حرب الخروج من هذا المأزق عندما اختار الشباب حيث بلغت قيمة السهم المعروض للاكتتاب أربعة جنيهات علي أن يقسم السهم إلي أربعة أجزاء.
وبالفعل اكتتب مائة وست وعشرون مصريا منهم تسعة باشاوات وستون بك في الثالث من أبريل عام1920 لتأسيس البنك برأس مال ثمانين ألف جنيه.,وكان أعضاء المجلس الأول الذين تحملوا وحدهم نجاح أو فشل هذه التجربة هم: مدحت يكن باشا رئيس مجلس الادارة, ويوسف اصلان قطاوي باشا وكيلا, ومحمد طلعت حرب عضوا منتدبا, وعبد العظيم المصري بك, وعبد الحميد السيوفي بك, اسكندر مسيحة بك و د. فؤاد سلطان باشا, عباس أفندي بسيوني الخطيب, يوسف شيكوريل, وعلي ماهر بك أعضاء.
وهكذا تبدو قائمة الشرف تضم مجموعة من أسماء المساهمين الذين سجلوا أعلي درجات الوطنية وهم من الباشوات: أحمد مدحت يكن, يوسف أصلان قطاوي, فؤاد سلطان, محمد الشريعي, حسن عبد الرازق, عدلي يكن, عباس الدرملي, أحمد خيري, محمد محرز.
و أما البكوات فهم: محمد طلعت حرب, عبد العظيم المصري, عبد الحميد السيوفي, اسكندر مسيحة, علي إسماعيل, عبد الرزاق الفار, محمد موسي القعقاعي, إسماعيل بركات, محمد سليمان الوكيل, محمد إبراهيم خليفة, مراد الشريعي, محمد لبيب البتانوني, محمود عبد النبي, سلطان محمود البهنسي, عبد الستار الباسل, سالم السيد, عبد الرحمن فهمي, إبراهيم نصار, حسين عبد الغفار, يوسف جعفر مظهر, علي إسلام, السيد علي, حبيب مسيحة, حسن شعراوي, د.محمود عبد الوهاب, أحمد إحسان, محمد أحمد الشريف, سليمان يسري, د. علي إبراهيم, إبراهيم شكري, مرقص حنا, مصطفي رشيد, محمد علوي الجزار, محمد أحمد الخادم, محمد نبيه, عيسوي خضر, محمود ماهر, صاروفيم مينا, فهمي رزق الله عبيد, د. محمد طاهر, وهيب دوس, مصطفي المكاوي, الافوكاتو كامل صدقي, سلامة ميخائيل, محمد عبد النبي, علي القريعي, محمد توفيق الترجمان, عبد الرحمن, محمد طاهر نور, حسين المنزلاوي, رشوان محفوظ, أحمد فؤاد طلعت, عبد الرحمن الرافعي, محمد حلمي عيسي, أحمد حمدي.
فلم يكن أي من هؤلاء يجهل الأزمة المالية التي مرت بها مصر عام1907 والتي كانت من نتائجها الدعوة إلي وجود بنك وطني حيث أن بنوكا مثل البنك العقاري والبنك الأهلي وبنوك الرهون كما تعددها الباحثة صفاء خليفة كانت تتعامل بقسوة مع المصريين, ولم تتوان في نزع ملكية الأطيان والعقارات من الذين عجزوا عن سداد الأموال التي أقترضوها من هذه البنوك.
فالجميع في بر مصر كان يفهم هذه الحاجة ولهذا لم يكن مستغربا أن يكتب أحمد شوقي قصيدة نظمها خصيصا في افتتاح بنك مصر, ولا أن يقف الكاتب عبد الرحمن الرافعي بكل طاقاته وراء المشروع ويكون أحد أوائل المساهمين. أما المفاجأة الكبري فكانت أغنية سيد درويش التي سمعها كل الناس من الاسكندرية إلي أسوان وتقول كلماتها:
ثروتنا فين الاقتصادية
وفين كبارنا وفين ألوفاتهم
حاطينها في ايدين الأفرنجية
وأهم يا فرحتهم بكثرتهم
المصري أولي بقرش المصري
يفضل في ايده ما يتبعزقش
هما بمالهم واحنا بروحنا
دي ايد لوحدها متصقفش
المصلحة المصرية
معني هذا ان الحكاية كانت مصرية في الاساس وان مصر في ذلك العصر وبرغم وجود الاحتلال البريطاني وخيبة أمل المصريين في الحكم المستبد الا انهم في النهاية كانوا متفقين علي المصلحة المصرية وهو شئ نفتقده الآن. فالمقدمات في ذلك الزمن برغم انها لم تكن تستطيع أن تقدم شيئا يحسب للمصلحة المصرية الا انهم في النهاية أنجزوا بميلاد هذا البنك عام1920, ولكن الآن تختلف النتائج كليا عن المقدمات لان المصلحة الشخصية هي التي تحكم الأمور.
المهم ان المصريين لم يقفوا عند حد هذا الانجاز فقدولدت سلسلة من الشركات التي خرجت من رحم هذا البنك ومنها مطبعة مصر, شركة مصر لحلج الاقطان, شركة مصر للنقل والملاحة, شركة مصر للتمثيل والسينما,شركة مصر للغزل والنسيج, شركة مصر لمصايد الأسماك, شركة مصر لنسيج الحرير, شركة مصر لتصدير الأقطان, شركة مصر للسياحة, شركة مصر للملاحة البحرية, شركة مصر لصناعة وتجارة الزيوت, شركة صباغي البيضا ومصر للغزل الرفيع, شركة مصر لصناعة الأسمنت المسلح, شركة مصر للمناجم والمحاجر, ومصر للمستحضرات الطبية.
وبرغم انها أسماء كثيرة تتوه فيها الذاكرة الا أن ما نريد أن نقوله هو أن طلعت حرب وفي غضون سنوات قليلة كان محددا في تكوين كيان اقتصادي هائل يعبر عن الأمة المصرية مع وجود كل المنغصات التي كانت من الممكن أن توقفه. وانه كان متفتحا فعلي الرغم من إلتزامه الديني الا انه أنشأ شركة للتمثيل وتطور بفكره تجاه الفن السينمائي لأنه رأي فيه خيرا لمصر. فقد أراد أن يقدم قيما متميزة من خلال الفن, وأراد أن يصنع دولة بأكملها عن طريق التصنيع. ولا يهم في النهاية ان نتوقف امام محاولة السيطرة علي بنك مصر وخروج طلعت حرب من كادر الصورة ثم وفاته عام1941 أي منذ سبعين عاما لانه قد أنجز وان الأفكار لا تموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.