بعد نتائج المرحلة الأولي للانتخابات التشريعية, شرع كثيرون يتساءلون عن مصير السلام مع إسرائيل فيما لو وصل الإسلاميون لسدة الحكم فألغوا معاهدة كامب ديفيد!. والرأي عندي أن الإسلام يأمر باحترام العهود والمواثيق, ولقد احترم رسول الله صلي الله عليه وسلم صلح الحديبية الذي وقعه مع قريش حتي نقضته هي, فلن يخالف الإسلاميون نهج نبيهم لو وسد الأمر إليهم. إلا أنني أحب أن أطرح تساؤلا بهذه المناسبة علي المجتمع السياسي المصري حول مدي التزام إسرائيل بهذه المعاهدة في المقام الأول.. فحين وقعت مصر وإسرائيل هذه الاتفاقية لم يكن هناك طرف ثالث ووقعت أمريكا كشاهد وضامن لها. ونحن نعلم جيدا أنه بموجب بنود الاتفاقية فإن مصر التزمت بوجود ما لا يزيد علي750 جنديا شرطيا في المنطقة( ج) من سيناء وهي المنطقة التي يحدها غربا خط طولي يصل بين البحر المتوسط شمالا وشرم الشيخ جنوبا وتحدها شرقا الحدود مع إسرائيل بما فيها قطاع غزة الذي كانت إسرائيل تحتله وقت توقيع الاتفاقية بعرض33 كيلو مترا. وفي المقابل كان هناك شريط حدودي ضيق داخل إسرائيل يعرف بالمنطقة( د) منزوع السلاح أيضا بطول الحدود مع مصر بما فيها الحدود مع قطاع غزة لا يزيد حجم القوات الإسرائيلية الموجودة فيه علي أربع كتائب مشاة. إلا أن إسرائيل قررت فجأة عام2005 الانسحاب من غزة من طرف واحد ودون التشاور مع مصر, وحل محلها هناك كيان جديد وطرف ثالث لم يكن موجودا وقت إبرام معاهدة السلام, لم يوقع عليها وليس علي وفاق مع مصر ولا يخضع لسلطة إسرائيل السياسية ولا تلزمه بالتالي اتفاقاتها, هو حركة حماس المسلحة, فانتشرت علي طول خط الحدود مع مصر داخل المنطقة( د) ميليشيات مسلحة لا رقيب علي عددها أو عتادها في مواجهة شرطة مصرية ليست بالند لها بالمرة, ومن هنا نشأت مشكلات الحدود مع غزة من أنفاق وأحيانا اقتحام داخل أراضينا, إلي ما شاهدناه أخيرا من غزو ميليشيات مسلحة للعريش. وهذا يعد نقضا صارخا من جانب إسرائيل لمعاهدة السلام التي بمقتضاها قبلت مصر تحديد قواتها علي الحدود وفي كل المنطقة( ج) مترامية الأطراف. إلا أن دولة مبارك لم تحرك ساكنا وأدارت خدها الآخر لإسرائيل وتنازلت عن حق مصر كعهدها دائما. وكان يجب علي مبارك غداة انسحاب إسرائيل الأحادي من غزة أن يأمر فورا بتحريك قواتنا المسلحة كي تنتشر علي الحدود مع غزة بالعدد والعتاد الذي نحدده نحن وليس أي أحد آخر والذي نراه مناسبا لتأمين هذه الحدود. فاليوم أول واجب للقيادة السياسية الجديدة هو إيقاف هذا الانتهاك الإسرائيلي للمعاهدة حفاظا علي حقوق بلادنا, وتذكروا قول مصطفي كامل من يتسامح في حقوق بلاده ولو مرة واحدة, يعيش أبد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان.. فلا كان منا أبدا هاكم الرجل. د. يحيي نور الدين طراف