بالرغم من أن الجرح مازال نافذا من جراء سياسات الفشل والتراجع والتخبط الذي عشناه طيلة الأشهر العشرة الماضية, بسبب سوء الإدارة والقرارات من المجلس العسكري وحكومة عصام شرف. فإن هناك حاليا فسحة أمل جديدة باتت تراود المصريين بهذا الاختيار الموفق لشخص كمال الجنزوري وحكومته التي خضعت بعض الشيئ لمقاييس التكافؤ وصوابية الاختيار ووضوح الهدف والرؤية التي ستسير عليها طيلة الأشهر السبعة المتبقية قبل تسليم البلاد إلي رئيس جديد. الشاهد والثابت الآن أنه برغم كثير من الضبابية والتحفظات التي شابت اختيار شخص الجنزوري واعتراض فريق من معتصمي التحرير ومجلس الوزراء كان لهم منطق وحجة مشروعة ومستحقة, فإن هذا لا يخفي أن الأغلبية من عموم الشعب قد ارتضت حاليا بهذا الاختيار وباتت تري فيه المنقذ وحكومته بوليصة التأمين لإمكانية معالجة كل هذه الأخطار المحدقة بالثورة ونجاحاتها. فمهما كان حجم الاختلاف حوله إلا أنه في كل الأحوال أفضل من عصام شرف ووزير داخليته ألف مرة فلا يمكن أن نغفل أن الجنزوري في نهاية الأمر شخص لديه رؤية وتاريخ تراكمي من الخبرات والتجارب الاقتصادية والتنموية والإدارية للمساعدة في إنقاذ هذه الدولة, في هذا التوقيت البالغ الأهمية والحساسية وإمكان المساعدة عبر خطاب مقنع وتحقيق آمال وأحلام تراود كل المصريين في الأمن والاستقرار وإعادة الانضباط إلي الشارع سريعا, وهذا ما تعهد الرجل بتنفيذه خلال أيام علي أرض الواقع. وأظن أن التأكيدات والضمانات المقدمة منه ومن وزير الداخلية الجديد ذلك الشخص الذي يراهن عليه الجميع ورجالاته كثيرا في إنهاء حقبة الفوضي والفلتان واقتلاع فرق القتل والبلطجية الجوالة في مدن مصر إلي غير رجعة, وهذا بالرغم من أنه أصبح أمرا صعبا في ظل انهيار جهاز الشرطة حاليا إلا أنه ليس مستحيلا, ويمكن أن يتحقق بالعزيمة والإرادة والقبضة الأمنية وهذا هو الرهان علي وزير الداخلية فإذا نجح سيحفظ له كل المصريين الجميل والعرفان طيلة الوقت, وإما أن تشيعه لعنات الغضب والحنق, وأعتقد أن الرجل صادق في وعده لاستعادة هذا الأمن المفقود وعلينا أن نفسح له المجال والثقة في قدراته ومؤهلاته, فأحسب أن شخصيته الجادة ستصنع هذا النجاح في وقت قصير للغاية. وتبقي الثقة والرهان الأكثر علي شخص الجنزوري فعليه أن يسارع بفتح ممر آمن للمصريين وسط حقل ألغام الأزمات والمشكلات العبثية التي يغوص فيها هذا الوطن كل صباح. ولذا فإن الرجل أمامه فرصة تاريخية ليصنع لنفسه مجدا يبدد به طعنات الغدر التي سددها له سدنة النظام السابق عندما اختلفوا معه ونجحوا في إقالته عبر الدس له عند المخلوع, ونجحوا في إقناع واصطفاف فريق من معارضيه الحاليين بسوء مسلك وإدارة الجنزوري. وهذا لن يتحقق إلا عندما يبادر الرجل إلي تدارك مسار الإصلاحات الذي تعثر بفضل سياسات الفشل لحكومة الهواة من أمثال شرف وعلي السلمي وطابور طويل من العجزة الفاشلين كانوا معه, والإسراع بتحقيق ثمار الثورة التي حرم المصريون من جنيها وتقديم جوائز ترضية للمصريين علي أرض الواقع وفق معالجات آنية للكوارث والمآسي التي نعيشها ونكابدها يوميا, وبالتالي لا بديل أو خيار أمام الجنزوري سوي النجاح ونسج ضفائر من الإبداع والإصلاحات الملموسة والعلاج بأسلوب الصدمة لكل هذه المشكلات المتجذرة حتي يقطع الطريق علي غربان الخراب الذين يسعون إلي سحب هذا الوطن إلي الهاوية من جديد وتكسير أقدامه دوما حتي لا يستطيع الوقوف والحراك بعد اليوم, وهم للأسف كثر في الداخل والخارج. وبكل صراحة أقول للدكتور الجنزوري لقد أعطيت الفرصة من جديد بغطاء شعبي وأمل وحلم يداعب58 مليون مصري بالنجاح فلا تضيعها ولو قدر وفشل الجنزوري في مهمته الإنقاذية الحالية بسبب الفوضي والفلتان والمصالح الفئوية الضيقة والتلاسن والتجاذبات السياسية ومليونيات التحرير في التوقيت الخطأ واستمر الوضع بمثل هذه الصورة سيكون الأمر كارثة علي مصر وعندئذ لا يلومن المصريون إلا أنفسهم. المزيد من أعمدة أشرف العشري