لاشك أن السعي نحو استعادة الدور المحوري والمفصلي للسياسة الخارجية المصرية في الإقليم ودوائر عدة في العالم أمر مازال صعبا وعسيرا بفعل سياسات المراوحة والانتكاسات العديدة التي منيت بها البلاد طيلة السنوات العشر الأخيرة وعلي أكثر من صعيد. حيث صار الانغلاق والانسداد السياسي وصفة للرداءة المصرية نتاج تراكمات الزمن واخطاء الماضي التي ارتكبها النظام السابق. ولما كان الحال هكذا فإنه باتت هناك آمال وتطلعات تراود العديد من المصريين للاقلاع سريعا عن حالة الجمود والانغلاق لهذا الفشل الذي يحتاج إلي تفعيل الجهود والتحركات بأدوات وآليات جديدة وصياغة خطط وسياسات علي اكثر من صعيد يقع عاتقها علي حكومة الدكتور عصام شرف في المقام الأول ودور وجهد نشيط لوزارة الخارجية في المقام الثاني عبر رسم خارطة طريق وأفق سياسي لبناء سياسات جديدة للدولة المصرية بعد الثورة وأحسب أن أول قضية يجب ان تجيش لها الحكومة ووزارة الخارجية أولويات السياسة الخارجية من الآن هي الاستعداد لمعركة البحث واختيار شخصية مصرية رفيعة ذات حضور عربي وإقليمي لتولي منصب الأمين العام للجامعة العربية الذي سيصبح شاغرا في مطلع مايو المقبل بعد انتهاء ولاية عمرو موسي الثانية واستعداده لخوض تجربة انتخابات الرئاسة. ولذا فإن اختيار هذه الشخصية بعناية وتمريرها ستكون أول معركة سياسية ودبلوماسية بالمعني الحقيقي خاصة اذا علمنا أنه تجري حاليا خلف الكواليس محاولات مارثوانية في عدة دول عربية في مقدمتها قطر وسوريا والجزائر والعراق لقطع الطريق علي اي محاولة مصرية للاحتفاظ بهذا المنصب لأحد ابنائها واتباع منطق الازاحة لمغادرة مصر هذا المنصب والسعي لتدويره بين الدول العربية. واظن ان دوائر الخارجية المصرية تعلم باليقين كثيرا عن كواليس هذه التحركات وأسماء مرشحي هذه الدول حتي هذه اللحظة. وبالتالي بات خوض هذه المعركة يتطلب تكتيكات وأشخاصا علي درجة كافية من الكفاءة والحضور والقبول في المشهد العربي, أعلم ان البعض يرغب في ترشيح نبيل العربي وزير الخارجية لهذا المنصب وأنا لست من المؤيدين لمثل هذا الاختيار خاصة ان العربي يفتقد الحضور والعلاقات العربية بل هو رجل مختص بالعلاقات الخارجية والشئون القانونية وبارع بها فضلا عن كبر سنه, وكذلك الحال بالنسبة لمفيد شهاب الذي رشحته الحكومة السابقة بسبب تاريخه في عهد مبارك ودوره المشبوه مع عصابة الفاسدين في لجنة السياسات بالحزب الوطني, وفي المقابل هناك أشخاص اعتقد انهم أفضل وأجدر بهذا المنصب وليكن مصطفي الفقي الاختيار الأمثل لما له من خبرة بهذه العلاقات وحضور عربي وتربيطات مع عواصم عدة خاصة انه كان مسئول ملف العلاقات العربية بالخارجية ومندوب مصر في الجامعة لسنوات طويلة, وغيره من أمثال نبيل فهمي. وأحسب أن عمرو موسي عليه دور كبير في مساعدة ومساندة المرشح المصري المقبل لاجتياز هذا الامتحان خاصة في هذه الظروف التي تمر بها البلاد لما له من خبرة وحضور وعلاقات مع كل العواصم العربية. وفي تقديري ان اجازة مرور موسي إلي كرسي الرئاسة لو نجح في معركته الانتخابية المقبلة ستخضع بكل تأكيد لدوره واسهاماته في انجاح المرشح المصري للجامعة العربية والأخذ بيديه حيث ستكون سمعته في الداخل علي المحك ولو استطاع الاحتفاظ بهذه المنصب لمصر في مواجهة المغامرات والمناورات التي تجري حاليا للقفز عليه سيضمن لموسي حضورا ومشاركة مشرفة في معركة الرئاسة وفي حالة الاخفاق سيكون الرهان عليه في الرئاسة صعبا, وهدف وصوله إلي قصر العروبة بعيد المنال. المزيد من أعمدة أشرف العشري