لست مع القائلين بأن الدكتور كمال الجنزوري قد تأخر في تشكيل حكومته, لأنها المرة الأولي التي تتاح فيها الحرية الكاملة لرئيس وزراء مصر في اختيار من يريد لتولي الحقائب الوزارية في حكومته دون تدخل من أحد. فليس سرا أنه طوال السنوات الأخيرة كانت هناك حصص من المناصب الوزارية تخضع لسيطرة بعض الشخصيات مثل سوزان وجمال مبارك وزكريا عزمي وغيرهم, بل أن تولي الدكتور أحمد نظيف رئاسة مجلس الوزراء لأول مرة جاء بناء علي اختيار جمال مبارك. لكن هناك مشكلة أخري تتعلق برؤية الدكتور الجنزوري لطبيعة حكومته, فقد صرح عقب تكليفه بأنه يشكل حكومة سياسية وليست حكومة تكنوقراط, برغم أن حكومات الانقاذ الوطني في معظم دول العالم تتشكل من التكنوقراط بحكم أن لديها مهمة محددة خلال فترة زمنية محدودة. إلي جانب أن الدكتور الجنزوري نفسه يعتبر من الشخصيات التي ينطبق عليها وصف التكنوقراط, فهو لم يختر رئيسا لمجلس الوزراء باعتباره ممثلا لتيار سياسي معين, بل بحكم خبرته في العمل التنفيذي بشكل عام والقطاع الاقتصادي بشكل خاص. والغريب أن معظم الشخصيات التي اختارها الجنزوري لتولي مهام وزارية معه ينطبق عليها أيضا وصف التكنوقراط, مثل بعض وكلاء الوزارات الذين أصبحوا وزراء في نفس مجال عملهم, وهي اختيارات لم تتم علي أسس سياسية. وبغض النظر عن ذلك, فإن تصور الحكومة الجديدة لمهمتها يجب أن يتم علي أساس الظروف الحالية التي تمر بها الدولة, والفترة الزمنية التي ستعمل خلالها وطبيعة تلك الفترة. فليس منطقيا الآن فتح ملفات مشروعات عملاقة قد يستغرق العمل بها سنوات طويلة, بينما عمر الحكومة الجديدة لن يزيد علي7 أشهر تقريبا, والظروف المالية والاقتصادية للدولة لا تتحمل الدخول في مشروعات تحتاج إلي سيولة مالية ضخمة. لذا يجب أن نتعامل جميعا مع حكومة الجنزوري وفقا للظروف التي ستعمل خلالها, ولا نحملها أكثر مما تحتمل, ويكفي أن تستطيع إعادة الأمن والاستقرار ووقف نزيف الخسائر الاقتصادية والمساعدة في استكمال التحول الديمقراطي, لتكون قد حققت كل مايريده الشعب الآن. المزيد من أعمدة فتحي محمود