ما شهدته مصر في الجولة الأولي من الانتخابات البرلمانية يعكس بشكل حقيقيروعة ما أحدثته ثورة52 يناير في نفوسنا جميعا, وكأن الثورة قامت بتحضير عفريت الوطنية بداخل جسد المجتمع المصري لينتفض مجددا وتخرج منه تلك الأفعال الخارقة والتي هي أشبه بالمعجزات حيث لم تقو أية جهة مهما كانت قوتها أو جبروتها علي صرف هذا العفريت رغم كل ما شاهدناه طوال الشهور العشرة الأخيرة من عنف وانفلات أمني ولكن ظلت قوة الإرادة وصدق العزيمة هما الداعم الاول لحالة الحراك الاجتماعي منذ اندلاع الثورة وخير دليل علي ذلك أنه مع ظهور هذا الكم الهائل من الطوابير أمام اللجان الانتخابية تقهقرت السلبية واختفي التردد وذاب جليد الخوف مع حرارة تصريحات قادة المجلس العسكري وتأكيدهم علي مسئوليتهم عن التأمين الكامل للعملية الانتخابية.. فاختفت أعمال البلطجة وكأن الأرض انشقت وابتلعتها. لقد عزف الجميع أروع سيمفونية في حب مصر بانحيازهم الي ممارسة الديمقراطية التي اقتربت الي حد كبير من الشكل المثالي لها دون خوف من تزوير هذا الاختيار أو تزييف تلك الإرادة التي ظلت لسنوات مغيبة تماما ولا تجيد سوي الجلوس علي مقاعد المتفرجين وكأن الامر لا يعنيها في شي أو أن الانتخابات تجري في بلد آخر. أعتقد أننا لسنا في حاجة الي أي أوبريتات غنائية أو ملاحم وطنية للاحتفال بمناسبة مرور عام علي ثورة52 يناير التي باتت علي الأبواب, فما حدث في برلمان الثورة يفوق أية احتفالات قد تتفتق عنها أذهان المبدعين للإحتفاء بالثورة.. والجميل في الأمر أن تلك الحالة الرائعة لم تأت بتوجيه من أحد, والأجمل أنها ليست امتدادا للاحتفاليات السابقة من نوعية اخترناه وأول طلعة جوية التي اكتشفنا فيما بعد أنها كانت مجرد أفكار تندرج تحت ما يسمي بأدب الخيال العلمي حيث لا وجود لها الا في أذهان مؤلفيها فقط. المزيد من أعمدة أشرف مفيد