كشفت الأحداث الأخيرة عن وجود خلل جسيم في تأهيل قوات الشرطة المصرية وقدرتها علي فض الاعتصامات والتظاهرات دون وقوع ضحايا, وفي الوقت الذي تم فيه فض اعتصام وول ستريت في أمريكا دون ضحايا, فقد وقع العشرات في ميدان التحرير لمجرد المحاولة الفاشلة لفض الاعتصام بالقوة. من هنا لابد من أن تكون الأولوية لوزير الداخلية الجديد في إعادة تأهيل قواته علي فض الاعتصامات والاضرابات إذا اقتضت الضرورة ذلك بشرط عدم وقوع ضحايا كما يحدث في أمريكا والدول الأخري التي سبقتنا في هذا المجال. المقدم علاء عبدالوهاب, عضو ائتلاف ضباط الشرطة ومسئول إدارة الأزمات بالائتلاف يقول: لا يستطيع أحد المزايدة علي وطنية ضباط الشرطة فحياة الشعب المصري والشرطة مرتبطتان ارتباطا وثيقا فنحن من أبناء الشعب وسعدنا بالثورة مثلهم وتمنينا أن تتحقق العدالة داخل كل أجهزة الدولة بما فيها جهاز الشرطة خاصة أننا كنا نلمس ذلك في عملنا قبل الثورة من ضغوط تمارس علينا من قبل وزير الداخلية السابق لمصلحة النظام السابق, فكل المعالجات تتم بطريقة أمنية والضغوط الكبري كانت في جهاز الشرطة لمواجهة الناس ولتكميم أفواههم, وهذا ما أدي لكراهية الشعب لجهاز الشرطة نظرا لوجود ممارسات خاطئة خاصة من بعض أفراد الشرطة. ويضيف علاء عبدالوهاب أنه من خلال ائتلاف ضباط الشرطة حاولنا عرض وجهات نظر وأفكار للعمل علي تنشيط وتغيير أداء وزارة الداخلية علي اعتبار أننا في عهد جديد ويجب أن نتعامل بنظرة جديدة مع المواطنين, ولكن في ظل هذا التطوير نشعر بالأسي والحزن للمحاكمات التي حدثت مع الضباط الذين كانوا يدافعون عن مكان عملهم وهي ما أحدثت هزة نفسية لرجال الشرطة فان يعتبر البلطجي شهيدا وهو الذي هاجم المنشآت الشرطية أو القسم وحاول سرقته وتهريب المساجين وتكرم أسرته في كل مكان. في الوقت الذي يعتبر فيه رجل الشرطة المجرم الذي يحاكم ويعاقب وتهان أسرته وتعيش أسوأ ظروف. ويضيف علاء عبدالوهاب نتساءل هل إذا ما دافعنا مرة أخري عن تلك الأقسام أطلقنا النيران لتفرقة المعتدين سوف يحيلولنا للمحاكمة, فأي منطق هذا؟! وهل يمكن أن يعمل رجل الشرطة تحت مظلة القانون وهو يعلم أن الدولة بكل مؤسساتها لن تحميه أثناء ممارسة عمله. ومع هذا نحن نلوم بعض القيادات التي قامت بإصدار قرار بإخلاء ميدان التحرير من المعتصمين بالقوة وهذا كان قرارا نعتبره خاطئا جدا علي اعتبار أنه كان من الممكن الحوار مع بعض الرموز السياسية وبعض شباب الثورة والعقلاء بالميدان لمحاولة فض الاعتصام حتي نعيد حركة المرور وعودة العمل لطبيعتها خصوصا أننا نستعد للدخول إلي الانتخابات البرلمانية. ولكن إصدار بعض القيادات لهذا القرار جنت علي قوات الشرطة وتسببوا فيما يحدث الأن. ولكن في المقابل استغل مثيرو الشغب والبلطجية الأحداث واندسوا وسط المتظاهرين فيشعلون النيران بالمولوتوف وهو ما يسبب في اشعال الفتنة والأحداث معا. والذي اشعل الأوضاع وجود الأشخاص الذين يطلقون الرصاص الخرطوش من الأسلحة المصنعة محليا من فوق أسطح المباني علي الثوار ورجال الشرطة علي السواء حيث إنني من ضمن من أصيبوا بإحدي تلك الطلقات في صدري. ويضيف علاء عبدالوهاب أن الإعلام له أثر سلبي في نشر السموم مرة أخري في نفوس الشعب والتحريض علي ما يتم الآن, ولكي نجتاز تلك الأزمة يجب تضافر كل الجهود من كل الجهات المعنية والشعب معا. كما يجب أن تتغير وتتطور الآلية في وزارة الداخلية فنحن كضباط شرطة نعاني من وجود بعض القيادات غير الحكيمة بالوزارة والمحسوبة علي النظام السابق وعلي اعتبار أنهم لا يريدون أن يستمعوا إلي أي أفكار جديدة من شأنها أن تصب في مصلحة الوطن أولا ثم الوزراء ثانيا. فكان من الواجب كمسئول أمني كبير عند حدوث التداعيات واستفحال الأمور إصدار قرارات تصب في مصلحة الدولة كلها ومنها إقالة مدير الأمن لإصداره تلك القرارات الخاطئة ويخرج مسئولو الإعلام في الوزارة للاعتذار لكل الدولة عما بدر من أحداث وفي هذه الحالة يحدث تدارك للأمور. ولم يبق أمامنا الآن سوي محاولة تهدئة الأمور عن طريق القوي السياسية الموجودة لاستيعاب الأمر والتواصل مع شباب الثورة والتهدئة معهم ومن الضغط المتمثل علي وزارة الداخلية لأن الاستمرار في هذا الوضع لن يتحقق معه أي نوع من الأمن للدولة خصوصا أن ما يحيط بوزارة الداخلية من أحداث يؤثر علي عموم الدولة بالكامل. ويري المستشار أحمد الخطيب, من شباب الثورة, أن الشرطة لن تعود إليها كامل لياقتها الأمنية مع تكرار الاعتداء عليها, وقد حدث ذلك جليا في أكثر من واقعة تثبت أنها قادرة علي المواجهة وكشف حقيقة الواقعة وهذا ما ينعكس أثره بالسلب علي المواطنين الذين يشعرون بمدي تقاعسها عن أداء واجبها ويعتبرونها ضد الثورة الأمر الذي يجعل حالة من الاحتقان من جانب الثوار تجاه الشرطة, وفي الوقت نفسه توجد حالة الاحتقان من جهاز الشرطة تجاه شباب الثورة بسبب كثرة توجيه النقد واللوم إليهم وتحميلهم أوزار النظام السابق. ويضيف أحمد الخطيب هذا الأمر الذي انعكس علي المواجهات الدامية بينهما التي أعقبت جمعة المطلب الوحيد, وأصبح كل طرف يكيل للآخر بالمبادرة بالاعتداء واستخدام العنف المفرط غير المبرر الأمر الذي يلزم معه تشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة تشمل جميع الأطياف أمنية وقضائية وثورية وسياسية ودينية تكون مهمتها كشف حقيقة ملابسات تلك الأحداث الدامية بمنتهي الحيدة والموضوعية توضح فيه عما إذا كان فيه أعمال بلطجة تمت ضد أفراد الشرطة ووزارة الداخلية وعما إذا كان هناك فعلا قذائف مولوتوف تم الاعتداء بها علي رجال الشرطة, وكما يحقق فيمن هو صاحب المبادرة بالعنف تجاه الآخر وعما إذا كان أفراد الشرطة قد اتبعوا الإجراءات القانونية في مواجهة تلك الأحداث دون تعسف في استخدام حقهم القانوني في الدفاع عن النفس بحيث يكون هناك قدر من التوازن بين أفعال الاعتداء والرد عليها في ضوء سلمية تلك المظاهرات من عدمها, وذلك حتي يمكن أن نحفظ للثوار حقهم في التعبير السلمي عن الرأي وحق التظاهر, ومن زاوية أخري نحفظ للشرطة هيبتها وقدرتها علي التصدي للخارجين علي القانون. ويري اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي يجب أن يحترم المواطن رجال الشرطة أولا ولا يعتدي عليهم أو يتلفو ويحرق سيارات الشرطة, مما يستوجب بعد ذلك الرد عليه, فيجب أن نحافظ علي هيبة الشرطة والتي تمثل هيبة الدولة, وكما يجب علي الثوار أن يعوا المرحلة التي تمر بها البلاد ولا يتركوا الفرصة للمخربين والبلطجية أن يندسوا بينهم, ومثال ذلك الأشخاص الذين يطلقون النيران فوق الثوار ورجال الشرطة. كما يري اللواء حسام سويلم أن استمرار وجود الثوار بالميدان سيظل معه الخلل الأمني, فيجب إخلاء الميدان بواسطة القوي السياسية بجميع أطيافها, وبذلك نفك الأزمة ونبدأ في الاستعداد للانتخابات الجديدة. أما الدكتور عصام النظامي عضو اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة, يري أنه علي القوات المسلحة وشباب الثورة المخلصين السيطرة علي الموقف, من خلال تشكيل حاجز ودروع بشرية تفصل بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزي التي تحمي وزارة الداخلية حقنا للدماء, وعلي المجلس العسكري أن يعلن عن تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في أسباب اندلاع الأزمة ومحاكمة المخطئين والمحرضين, حيث أن هذه مؤامرة علي الثورة. كما يضيف الدكتور عصام النظامي, أنه يجب ترسيخ مبادئ وأساليب وقيم لدي قوات مكافحة الشغب من خلال تدريبات خاصة لهم بكيفية التعامل بحكمة وبأسلوب متدرب وواع بأنهم يتعاملون مع أبناء وطنهم واخوانهم المصريين, ويمارسون أكبر قدر من ضبط النفس مع توفير كل سبل الحماية لهم من خلال برامج تدريبية حديثة, لكي يعود شعار الشرطة القديم الشرطة في خدمة الشعب, فهو بالدرجة الأولي نظام خدمي, فيجب أن يبدأ العلاج من خلال تأهيل طلاب الشرطة من خلال المناهج التي يدرسونها في كلية الشرطة علي التعامل علي أنهم في خدمة الشعب دون اهانة أو تسلط علي أي مواطن, فهم شأنهم شأن الأطباء في خدمة الوطن, ومهمتهم الأساسية توفير الأمن والأمان للمواطنين. ,ويذكر أحمد سلامة مسئول الشباب بالجمعية الوطنية للتغيير, أن المشكلة بشكل عام لم تبدأ لأن لها عمقا, ويجب أن تحل من جذورها, فما نواجهه الآن من مصادمات بين الداخلية والثوار بدايتها هي دخول الداخلية كطرف في الصراع منذ اندلاع ثورة25 يناير التي بهرت العالم بسلميتها ورقي شعبها, وأثارت فزع العالم بهمجية الداخلية ووحشيتها في التعامل مع المتظاهرين السلميين, وهي نفس الآلية التي تتعامل بها الداخلية الآن, والداخلية لم تتعلم الدرس ولم تستفد من تجربة تعاملها مع ثورة25 يناير, فالثقة مفقودة بين الشعب والشرطة. ويضيف أحمد سلامة, ولكي نعيد تلك الثقة يجب معرفة الهدف من وجود وزارة الداخلية, وهو الحفاظ علي أمن وسلامة المواطن المصري, والحفاظ علي ممتلكاته الخاصة والعامة, فلابد أن تكون هذه هي عقيدة الداخلية الجديدة. والآليات التي يجب أن نطبقها للوصول لهذا الهدف عن طريق الاعتراف بالأخطاء السابقة, وكشف كل الأسرار التي تحوم حولها الشائعات, كتعامل أمن الدولة مع المواطنين, والتعهد بعدم تكرار هذه الأخطاء, كما يجب الاعتذار عن الأخطاء, وإعلان الداخلية عن استعدادها لتحمل المسئولية في كل الأحداث الجارية وكذلك تقديم كل المتسببين في الأحداث الحالية وفي قتل الثوار الحاليين وتقديم كل المتسببين في قنل واصابة ثوار25 يناير للمحاكمة, الشعب الآن يحتقن وأناس منهم وصل الأمر بأحدهم أن يطالب بدفع مبلغ يصل الي120 ألف جنيه مقابل فقئ عين ضابط فقأ أعين مئات الشباب المصريين, وهذا يدل علي أن الشعب بدأ يتخذ قانون الغاب لأخذ حقه, لأنه يشعر أن القانون لا يطبق والداخلية فقط هي القوية في القمع, واهدار كرامة المصري, وغير قوية في تحقيق الأمن, والحفاظ علي الممتلكات العامة والخاصة. ويستوجب الأمر وقفة وإعادة هيكلة كاملة للوزارة بطريقة محترمة ومهنية للوصول الي وزارة تحقق الأمن والأمان, والشعب عندما يري تطبيق العدالة علي الجميع, ومحاكمة كل من أفسد وقتل من وزارة الداخلية سيعلم بالضرورة أن كل الموجودين بهذا الكيان من صغيرهم الي كبيرهم هم شرفاء محترمون ولا يوجد عليهم أي شبهة فسيتعاون الشعب وأفراد الداخلية مع بعضهم البعض وسيعود الأمن بذلك التوافق.