فوجئ عدد من السياسيين والمراقبين بالطريقة التى قام بها أفراد الشرطة العسكرية وقوات الأمن المركزى بفض اعتصام ميدان التحرير أمس الأول، مؤكدين وجود علاقة بين ذلك وبين محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك. وفيما انتقد عدد من السياسيين ما قامت به هذه القوات ووصفوه ب«الخطوة المتعجلة»، رفض آخرون مقارنة ما حدث بما كان يحدث من قمع فى عهد نظام الرئيس المخلوع مبارك. الدكتور عمار على حسن، المحلل السياسى وصف الطريقة التى فض بها الجيش والأمن المركزى الاعتصام ب«عدم الكياسة» و«التعجل»، خاصة أن الاعتصام هو إحدى الوسائل السلمية فى التعبير عن الرأى، واعتبر أن هناك علاقة مباشرة بين فض الاعتصام وبين محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك. وقال حسن خلال ظهوره مع الإعلامى حافظ الميرازى على قناة دريم مساء أمس الأول «إذا ربطنا بين فض الاعتصام ومحاكمة مبارك فإن فض الاعتصام سيكون له سببان فى هذه الحالة، الأول أنه فى حالة حضور مبارك للمحاكمة فعلا، فهناك تخوف من حدوث اشتباكات بين الثوار وأنصار مبارك». وأضاف «وفى حالة عدم حضوره سيثور غضب المعتصمين فى ميدان التحرير، وسيكونون نواة لاستقطاب أعداد أكبر للاعتصام»، وأكد أنه «لم يكن واضحا إطلاقا خلال لقائنا مع الفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، يوم الأحد الماضى، أنهم سيقومون بفض الاعتصام». فيما قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية «إن الاعتصام كان خطأ بالأصل، وفضه بهذه الطريقة خطأ كذلك». ورفض هاشم تشبيه ما قام به الجيش والأمن المركزى أمس الأول فى فض الاعتصام، بما كان يقوم به النظام السابق، مشيرا إلى أن فض الاعتصام فى هذا التوقيت مرتبط ببدء إجراءات محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى القاهرة. وقال سامح عاشور، رئيس الحزب الناصرى «عندما فشلت فكرة استخدام البلطجية فى مسيرة المجلس العسكرى فى فض اعتصام التحرير وأثارت مشاكل قالوا نستعين بقوات الشرطة العسكرية لفض اعتصام التحرير بشكل مباشر». وأبدى عاشور تخوفه من أن يكون قيام القوات المسلحة بفض اعتصام التحرير مؤشرا على رفضهم لأى اعتصامات مقبلة يقوم بها الثوار فى الميدان. وبالرغم مما قيل عن رفض المعتصمين إخلاء الميدان أو فتحه، قال عمرو حامد، عضو اتحاد شباب الثورة، إن أقل ما كان يجب على القوات المسلحة القيام به قبل فض الاعتصام بالقوة هو الإبلاغ المسبق للمعتصمين بفضه بدلا من الهجوم المفاجئ عليهم واعتقال الشباب بشكل عشوائى، مطالبا بفتح تحقيق فورى مع القيادات المسئولة عن قرار فض الاعتصام بتهمة استخدام العنف ضد معتصمين سلميين. وفيما يخص التصعيدات التى سيتخذها الثوار كرد فعل على فض الاعتصام قال حامد «إن تدخل القوات المسلحة فى فض الاعتصام قد يضطرنا إلى العودة للاعتصام فى الميدان مرة أخرى، أو تسيير مسيرات تتجه لمجلس الوزراء والنائب العام»، مطالبا بالإفراج الفورى عن جميع المعتقلين فى أحداث التحرير الأخيرة. فى السياق نفسه أدان أحمد بهاء الدين شعبان وكيل مؤسسى الحزب الاشتراكى المصرى فض القوات المسلحة لاعتصام التحرير بالقوة، معتبرا أن ما حدث يخلق صدامات جديدة بين الشعب والقوات المسلحة، مشيرا إلى أن القوات المسلحة وجدت الوقت مناسبا لفض الاعتصام بعدما استنفدت جميع الأسلحة لفضه. ودعا شعبان الثوار إلى تشكيل مجلس قيادة للثورة يتولى التحدث باسم الثوار والدفاع عن مطالبهم، قائلا: «الثورة قد تنجح عشوائيا ولكنها لن تستطع الاستمرار فى حصاد نجاحاتها بشكل عشوائى دون قيادة تنظم خطاها»، حسب قوله. واستنكر عبدالرحمن فارس، عضو ائتلاف شباب الثورة فض اعتصام التحرير، وربط بين فضه وبين محاكمة مبارك، وهو ما اعتبره مؤشرا يوضح ردة الفعل العنيفة التى ستواجه بها القوات المسلحة الثوار فى حالة اعتراضهم على طريقة محاكمة الرئيس السابق مبارك. إلا أن فارس أكد أن أحداث التحرير لن تؤثر على عودة اعتصامهم مرة أخرى فى التحرير فى حال تغيب مبارك عن حضور جلسات محاكماته، مضيفا «ميدان التحرير مكتوب باسم الثوار ولن يستطيع أحد منعنا من الاعتصام فى الميدان». من جهته قال عبدالغفار شكر، القيادى بحزب التحالف الشعبى الاشتراكى والجمعية الوطنية للتغيير «كان من الأفضل صرف المعتصمين بالحسنى، وذلك لأن الموجودين فى الميدان كانوا قلة وكان من السهل إقناعهم بدلا من استعمال القوة معهم»، خاصة أن المعتصمين كانوا من أسر الشهداء وعدد محدود من المتضامنين معهم، على حد تعبيره. وبرر شكر فض الاعتصام بالقوة بسبب حلول شهر رمضان، وبسبب المشاحنات التى كانت تحدث بين بعض أصحاب المحال التجارية والمعتصمين. ولكنه فى الوقت ذاته رفض أن يقارن بين الأسلوب الذى تعامل به الجيش مع المعتصمين وبين أساليب القمع التى كان يستخدمها النظام السابق قائلا «ما فعلوه مع المعتصمين ليس إجراء قمعيا، ولكنه إجراء متعجل، ولا يصح، ولكنه لا يمكن أن يقارن بأى حال بما كان يقوم به النظام السابق». «أنا ضد استخدام العنف، ولكنى مع ضرورة إخلاء الميدان» قال السعيد كامل، أمين عام حزب الجبهة الديمقراطية، موضحا أنه مع تعليق الاعتصام فى رمضان. وأضاف «حاولنا إقناع المعتصمين بتعليق اعتصامهم، لأن الاعتصام يجب أن يكون له حد حتى لا يفقد قيمته»، إلا أنه اعترض على استخدام العنف معهم قائلا «أنا ضد استخدام العنف، وكان من الممكن أن يطلبوا من المعتصمين البقاء فى الكعكة الحجرية الموجودة فى منتصف الميدان». كما أيد مصطفى الطويل، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، فض القوات المسلحة لاعتصام التحرير مبررا ذلك بتسبب المعتصمين فى تعطيل سير المرور فى ميدان حيوى كميدان التحرير مما يعرقل مصالح المواطنين، معتبرا أنه كان من المفترض أن يغادر جميع المعتصمين الميدان خاصة بعد موافقة القوات المسلحة على علانية محاكمات رموز الفساد بالنظام السابق.