تبدأ مصر عهدا جديدا من الديمقراطية التي اختفت منذ ثورة 1952 حيث ينتزع المصريون اليوم حقهم في انتخاب من يمثلهم في البرلمان دون ضغوط أو تزوير, وأقول ينتزع قاصدا, لأن إقامة الانتخابات النيابية هو انتصار تاريخي علي قوي الديكتاتورية, أنجزه المجلس العسكري بدعم الأغلبية من أبناء الشعب المصري, في مواجهة الحرب الضروس التي شنتها القوي الداخلية المدعومة بفلول و(فلوس) النظام السابق, والمتحالفة مع القوي (الإقليمية) الخائفة من عدوي ثورتنا, وكذلك القوي الخارجية التي أسفرت عن وجهها من خلال التصريحات الأمريكية الوقحة حول الشأن المصري الداخلي!. كل هؤلاء تكاتفوا من أجل منع تحقيق هذه الخطوة الديمقراطية العملاقة وإدخال الوطن في أتون الخلافات البيزنطية!. وأقول والله علي ما أقول شهيد إننا جميعا أبناء هذا الوطن لابد, وأن ندافع اليوم بكل ما أوتينا من قوة وحكمة, عن هذا الحق الذي أصبح في متناول أيدينا بفضل ثورة يناير, التي أطلقت أفضل ما فينا كمصريين, وإن كانت للأسف أطلقت أيضا أسوأ ما فينا, وهو أمر طبيعي في الثورات الشعبية, والتي تختلف تماما عن الانقلابات العسكرية ذات القبضة الحديدية والتي تصادر الرأي الآخر, وتغتال الحريات ولا تسمح بأي اختلاف معها!!. أدعو الله أن ينصرنا, وأن يولي أمورنا خيارنا ولو كان صوتهم خفيضا ولا يولي أمورنا شرارنا الصارخين في الفضائيات, ولنعلم أن هذا أول امتحان ديمقراطي حقيقي لنا, ومن الصعب أن ننجح فيه بنسبة 90%, يكفي 60%, وسوف تتحسن النسبة في المرات المقبلة, المهم أن نمضي علي الطريق ولا ننزلق إلي هاوية ديكتاتورية الأقلية, حتي لو أطلقت علي نفسها وصف النخبة, فإنها تبقي أقلية وعليها أن تلتزم برأي الأغلبية ولو كانت 51%. أما اختيار الدكتور كمال الجنزوري لرئاسة حكومة الإنقاذ للفترة الانتقالية القصيرة المتبقية وحتي قيام مجلس الشعب المنتخب بإقرار الدستور واختيار الحكومة الدائمة ثم انتخاب رئيس الجمهورية في أبريل المقبل, فإنني أراه اختيارا مناسبا من حيث تمتع د. الجنزوري بالخبرة اللازمة والشخصية القوية, والصلاحيات الكاملة من قبل المجلس العسكري.. ولست أدري كيف يفكر هؤلاء الذين يطالبون باختيار رئيس وزراء (مناوئ) للمجلس العسكري الحاكم, أو من يطالبون بتولية شباب ليتعلموا فينا السياسة والإدارة العامة, وفي ظل هذه الظروف الصعبة جدا!!, حيث البلد علي شفا الإفلاس!!. المزيد من أعمدة عصام عبدالمنعم