تخيلوا.. هناك في مصر من يري أن مائة ألف أو مائتي ألف أو حتي نصف مليون مواطن هم الشعب وأن ال85 مليونا هم مجرد كمالة عدد لا يجب الاحتكام إليهم في أمورهم وشئونهم لمجرد أنهم أناس محترمون يقدرون المسئولية ويخافون علي بلدهم ولا يشاركون في تخريبه لا بالحرق ولا بتعطيل المصالح والإنتاج ولا حتي باستخدام ألفاظ نابية.. أعتقد أن الحالة أصبحت مستعصية. مع بدء الانتخابات التشريعية اليوم أدعو كل مواطن ألا يمنح صوته لمن تدربوا في صربيا, ولا لمن حصلوا علي تمويل خارجي, ولا لمن عاثوا في الأرض فسادا, ولا لمتطرف أو متشدد, ولا لمن مارسوا العنف تحت دعاوي الثورية, ولا لمن أخطأوا في حق قواتنا المسلحة أو مجلسها العسكري, ولا لطالب سلطة, ولا لمن تحولوا فتوحلوا, ولا لمن يحمل جنسية غير المصرية, ولا لمن يستقوي بالأجنبي, ولا لمن يدعمون البلطجة والاعتداء علي رجال الأمن, ولا لمن لا يفقهون أو يعقلون أو يتفكرون أو يتدبرون.. أعتقد بذلك أن المهمة سوف تكون صعبة جدا اليوم. قالوا إن رجال الشرطة يعيبهم العنف واستخدام القوة المفرطة وان رجال القوات المسلحة يعيبهم الاحترام والالتزام والتسامح, وقالوا إن الحكومة ليست ثورية لأنها لم تعلق المشانق في الشوارع وأن المجلس العسكري ليس فاعلا لأنه ليس حنجوريا ويعمل في صمت, وقالوا نريد تشكيل الحكومة من الميدان وذلك في محاولة للتستر علي تحقيقات وزارة العدل حول التمويل الخارجي, وقالوا نطالب بالإسراع في إنشاء المؤسسات الدستورية ثم طالبوا بتأجيل الانتخابات, وقالوا حرية التعبير ثم تطاولوا علي مليونية العباسية.. عجبا لهم!. لا أدري هل نسينا أو تناسينا عن عمد أننا استقبلنا القوات المسلحة في الميادين بالزغاريد والرقص بعد أن قضينا أياما بلياليها في الشوارع نحرس بيوتنا وممتلكاتنا, ولماذا نتناسي أن مشكلة توك توك في بلطيم كان علي القوات المسلجة احتواؤها, وخناقة صبية في قنا كان علي القوات المسلحة تحجيمها, وأزمة باص في سوهاج تحملت هذه القوات توابعها, ناهيك عن مقاومة قطاع الطرق في كل المحافظات, أضف إلي ذلك أننا علي أعتاب انتخابات واستفتاءات هي الأخطر في كل مراحل الانتقال إلي الديمقراطية وهو ما يحتم تحكيم العقل وعدم الانجرار وراء مراهقين هنا أو طلاب سلطة هناك. أعتقد أن تكليف الدكتور كمال الجنزوري بتشكيل الحكومة الجديدة كان قرارا صائبا لأسباب عديدة أهمها أننا بكينا وتباكينا ذات يوم علي تنحية الرجل من المنصب نفسه, كما أعتقد في الوقت نفسه أن حكومة الدكتور عصام شرف كانت حكومة إنقاذ وطني حتي لو لم يطلق عليها ذلك, فقد ضمت ممثلين للقوي السياسية الحقيقية كما عملت في ظروف استثنائية يجب وضعها في الاعتبار حال التقييم. أظن أن الفضائيات لم تحسن التصرف حينما ركزت علي عمليات التحرش الجنسي في ميدان التحرير والتي تابعناها علي الهواء مباشرة لأنه تسيء إلي الثورة وخاصة أن من يمارسون تلك الأفعال لا يمكن أن يكونوا ثوارا, فالميدان يكتظ ببلطجية وأطفال شوارع ومتشردين وألتراس ومتطفلين. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة