مواجهة الانفلات الأمني هي الهدف الأول المفترض لحكومة الإنقاذ الوطني أن تعمل علي تنفيذه.. هكذا حدد المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق رؤيته للمطلوب مراعاته في تشكيل الحكومة الجديدة.. واضعا الأمن علي رأس قائمة هذه المطالب وأكثرها إلحاحا, باعتباره الأزمة التي يعاني منها كل أفراد الشعب, علي اختلاف فئاته, وعلي الحكومة في هذا الصدد أن تضع خطة عاجلة لإنهاء هذا الانفلات الأمني, بحيث تتضمن ضبط الخارجين علي القانون وإعادة الهاربين من السجون, ومطاردة البلطجية الذين أصبحوا قوة ظاهرة في المجتمع المصري ومعروفة للجميع, وتعقب العناصر الداعية للتخريب والمحرضة علي الفوضي, خاصة من بقايا النظام السابق. وأضاف المستشار الجمل قضايا بطالة الشباب, وأزمات الاسكان والزواج إلي قائمة مهام الحكومة الجديدة, مما دعانا لسؤاله حول مقدرة حكومة( انتقالية) علي حل مشكلات معقدة كهذه تحتاج إلي خطط زمنية متوسطة وربما طويلة الأجل, فكانت إجابته تأكيد ضرورة المضي ولو خطوات علي طريق حل هذه المشكلات, وفي الوقت نفسه يتم التركيز علي الأمور والقرارات العاجلة التي لاتحتاج لخطط طويلة مثل وضع الحدين الأدني والأقصي للأجور, وضبط الأسواق والرقابة علي السلع لوقف الارتفاع الجنوني غير المبرر في أسعارها. الجوانب الاقتصادية لايمكن إغفال خطورتها في استقرار المجتمع والدولة.. هكذا قال الدكتور مجدي حسن رئيس الشركة القابضة للأدوية.. إلا إنه لم يضعها في المرتبة الأولي كأولويات مطلوبة من حكومة الإنقاذ, لأن النهوض باقتصاد البلد- علي حد قوله- يستلزم أولا ان يتحقق المناخ الآمن, وبالتالي فهو يتفق مع الرأي القائل بأن معالجة الإنفلات الأمني وتأمين الطرق, وأستيعاب انفعالات المعتصمين وأصحاب المطالب الفئوية.. الطريق الممهد لتنشيط الاقتصاد, وإستعادة المستثمرين الهاربين من هذه الأجواء, وتشجيع المستثمرين الموجودين علي الاستمرار والدفع برءوس أموال جديدة في إستثماراتهم ومشروعاتهم القائمة. ويطالب د. مجدي حسن الحكومة الجديدة بأن تستعين بخبراء وأساتذة الاقتصاد لتنشيط كل الجوانب الاقتصادية المحققة للموارد مثل السياحة والانتاج, والتصدير, ولا مانع من أن تضع خططا حتي ولو لم يسعفها الوقت لتنفيذها, فالمهم أن تشعر السوق المحلية والعربية والأجنبية أيضاأن اقتصاد مصر يسير وفقا لرؤية محددة, وبجداول ومواعيد زمنية, فالعشوائية لاتصلح لاقتصاد المرحلة الحالية أو المقبلة. ويضيف اننا بذلك نفترض أن الحكومة تمتلك عصا سحرية لحل كل المشكلات, رغم أن المناخ لايساعد إطلاقا علي ذلك, فلا قانون يحترمه أحد, ولاشرعية لتصرفات الكثيرين.. ويتساءل: ما الذي تستطيع أي حكومة أن تفعله حيال وقائع غير مسبوقة في تاريخ مصر علي شريط السكة الحديد مثلا, وما الذي يمكنها فعله لتلبية مطالب فئوية لجميع طوائف الشعب تقريبا في ظل اقتصاد منهار, شبه متوقف عن العمل والإنتاج, ومجتمع لايحترم الدولة ولاقرارتها. ورغم الكلمات المتشائمة للمفكر السياسي جمال أسعد فإنه أعاد الأمل لكلماته بجملة وجد فيها الحل, ألا وهي إعادة هيبة الدولة, من خلال إتمام الانتخابات ليكون لدينا مجلسان للشعب والشوري ودستور, وبذلك تصبح للدولة مؤسساتها الدستورية التي تسهم في إعادة هيبتها لدي المواطن بشكل تدريجي.. أما قرار تغيير الحكومة الآن فلم يكن إلا نوعا من التهدئة السياسية للمناخ العام, وعلينا ألا ننتظر الكثير من الحكومة الجديدة طالما أن الأوضاع علي ماهي عليه.