الأمانة التي حملها الانسان ولم تتحملها السماوات والأرض وظلم بها نفسه تقتضي أن يراجع كل منا نفسه من حيث قناعاته وأدائه وأن يتعود علي تقبل النصيحة بأي وجه ويمنحها لغيره علي أحسن وجه في إطار ما زودنا به الله من منهج يعين علي تحمل المسئولية والأمانة بشكل قوي. وكانت المهمة الأساسية التي ركز عليها هذا المنهج هي الأخلاق إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الذين يألفون ويؤلفون ذهب حسن الخلق بالأمر كله وإنك لعلي خلق عظيم وغياب هذا الوتد في الشخصية المسلمة لهو خلل عظيم لا يعوضه مال ولاجاه ولاشهادات ولا شهرة كما يظن بعض المخبولين. ومن أجل النجاح في حمل الأمانة لابد من العمل الجماعي كفريق يتشاور ويتعاون ويتناصح والنتيجة المحتملة النجاح في أداء المهمة, أما غير ذلك فالفشل ينتظر الجميع خاصة في مناخ يؤتمن فيه الخائن ويخون فيها الأمين. وقد عقدت لجنة الشئون الخارجية والأمن القومي بمجلس الشوري جلسة حضرها ممثلا عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون ومدير مدينة الانتاج الإعلامي ونائب رئيس هيئة الاستثمار بالمنطقة الحرة وممثل جمعية حماية المشاهدين لمناقشة خطورة الوضع الإعلامي الجديد الذي اختلط فيه المال بالحرية المطلقة بالهوي السياسي في غياب محاسبة حقيقية من أي جهة مسئولة. وقد أثارني المشهد الأخير أمام مقر الإخوان المسلمين في المقطم خاصة في التناول الإعلامي الذي ميز بين المصريين وانحاز بشكل فج الي المعتدي وأدان الضحية فلقد قطعت رءوس وتم سحل مصريين ونقلت وسائل الإعلام السباب المباشر وحصار المساجد والتعدي علي حرمتها, ومن قبل استشهد عشرة أمام الاتحادية دفاعا عن شرعية تخلي عنها من وجبت عليه حراستها وحمايتها ولم يذكرهم أحد ممن أقاموا الدنيا عندما سبت مواطنة تحرشت بأبرياء أو سحل من شارك في الاعتداءات علي مقر الرئاسة وتعدي علي قوات الشرطة سبا وضربا وغير ذلك مما فضح المرتزقة من الإعلاميين والسياسيين بشكل لايقبل الشك. لذا ففي غياب من يراقب ويحاسب ظهر الدور الشعبي في الرقابة علي وسائل الإعلام. وقد تشكلت منذ عام تقريبا جمعية أهلية لحماية المشاهدين أصدرت تقارير عديدة لتقييم دور الفضائيات, من حيث الأداء المهني وانعكاسه علي حماية الأمن القومي المصري جاء في إحدي دراستها أفرزت الأقمار الصناعية مشهدا سياسيا واعلاميا بالغ التعقيد انتهكت فيه حدود الدول وساعد علي ذلك قصور التشريعات الإعلامية المعاصرة عن حماية سماوات الدول من البث الوافد وتتلخص مخاطر الفضائيات الخاصة في: تعرض المواطنين للبث العربي والأجنبي وتراجع مشاهدة تليفزيون الدولة يمثل الخطر الأول علي الأمن القومي للبلاد, حيث يتعرض لإعلام خاص ينتهك مواثيق الشرف والقواعد المهنية ويسهم في نشر الشائعات, والأمثلة أكثر من أن تحصي الي جانب الخدمات الاعلامية الأجنبية الخاصة بفضائيات ناطقة بالعربية لعدد من الدول مثل القناة التركية والكورية والأمريكية والفرنسية والبريطانية وغير ذلك وهي تخدم بلا شك مصالح هذه الدول. الخطر الثاني يتمثل في الأداء الاعلامي للفضائيات المصرية الخاصة الذي نراه خطرا حقيقيا علي الأمن القومي المصري, ويتضح هذا بجلاء في تقارير الجمعية التي صدرت خلال الشهور السابقة والتي تؤكد بالدليل أن معظم هذه القنوات تعكس وتحمي مصالح الملاك من رجال الأعمال حيث تبالغ في عداوة الشرعية وتستخدم أساليب الدعاية الصهيونية في نشر الشائعات التي تهدد السلم الاجتماعي وتربك المشهد السياسي والرأي العام المصري. يتمثل في الإعلانات التي تضر بصحة الشعب المصري وتذاع ليل نهار دون اعتبار لأضرارها وسعيا وراء كسب مالي عاجل. كما أن هناك إصرارا من قبل بعض الفضائيات الخاصة علي كسر هيبة الدولة من خلال الإضرار بصورة رئيس الدولة ونشر الأخبار السلبية بحيث تظهر الدولة وكأنها ساحة حرب مما يضر بالاستثمار وينفر رجال الأعمال ويضرب السياحة في مقتل, كذلك تستعدي بعض القنوات مثل اون تي في وسي بي سي والنهار الجيش علي النظام القائم بل حرض بعضهم أهالي محافظات قناة السويس علي غلق القناة في فتترة الاضطرابات! وقد أوصت الجمعية بعدة توصيات لضبط الأداء منها, الإسراع في إصدار قانون المجلس الوطني للإعلام. وضرورة دعم الجهود الشعبية في متابعة الأداء والتقييم لرفع الحرج عن الدولة في مقاضاة هذه القنوات التي تضر بالأمن القومي المصري. وكذلك ضرورة الزام القنوات بتصحيح موقفها المرتبط بشروط الترخيص بحيث يصبح شرط الترخيص مرهونا كما في كل فضائيات العالم- بمدونة سلوك أو دليل سياسات التحرير تقدمها القناة نفسها ولا يفرض عليها مع أوراق الترخيص لتتم المحاسبة بناء عليها ولدعم الرقابة الذاتية قبل الرقابة الشعبية. علاوة علي استصدار تشريع عاجل خاص بحرية تداول المعلومات يراعي فيه متطلبات الأمن القومي. أعتقد أن هذه المحاولة الشعبية جديرة بالدعم في محاولة لعودة الوعي لإعلام فقد شرف الكلمة في محاولته توظيف حرية الكلمة, ونسوا أو تناسوا أن شرف الكلمة قبل حريتها ولعل فيما يحدث خيرا حتي يشارك في بناء مصر أبناؤها الشرفاء المحبون لها دون غيرهم من المرتزقة الكاذبين, ونذكر أنفسنا ونذكرهم بأن باب التوبة والعمل الصالح مفتوح علي مصراعيه لمن أراد فمن يريد؟. لمزيد من مقالات د. محمد جمال حشمت