سيدي الرئيس.. انتخبتك بكل إرادتي وبكامل قناعاتي, لأنني حلمت بمصر جديدة, أردتك أن تكون رمزا لي ولكل من ذاق الظلم في عهد الظلام, تمنيت أن تعيد الحقوق التي سلبتها منا حكومات العار المتعاقبة, وتشعرني بكرامتي مرة أخري. اخترتك لأنني كرهت العودة إلي الوراء, أو أن أكون سجينا لماض كريه, هتفت باسمك رغبة في مستقبل أفضل لي ولأولادي وأحفادي وحتي يسود العدل, وأشعر بنسمات السعادة بعد أن الهبت نيران الحياة ظهري, أملا في أن أستريح في ظل حاكم عادل يوفر لي الأمن والأمان والعيش الكريم في شيخوختي, ولايجعلني أحمل قلمي مع ألمي في رحلة شقاء لا تنتهي. تذكرت أيام أن كانت جماعتك هي التي ترعي المحرومين, وتوفر لهم العيش الكريم, والعلاج والتعليم والدروس المجانية في المساجد, أكبرت فيكم كفالتكم لليتيم ومساعدتكم للمحتاج, يوم كان اللامبارك وجماعته يسرقون أقوات الناس وينهبون كل خيرات الوطن. أعطيتك صوتي لأنني أردت أن يعاقب من أحرق مئات المصريين في قطارالصعيد, ومن أغرق الغلابة الكادحين في مياة البحر الأحمر, وترك أجسادهم طعاما للأسماك,انتخبتك رئيسا لمصر لتعيد لها مكانتها وريادتها, وتعبر بها العبور الحقيقي نحو المستقبل بالعلم والإيمان والعمل, عبورا جماعيا طبيعيا وليس مجرد شعارات وهمية تذوب بمجرد سطوع شمس الحقيقة. تحديت مخاوفي ومخاوف الكثيرين من الحالمين بوطن أفضل, وهم يسيرون إلي الصناديق, يتمنون إن تتبدد مخاوفهم, وتكون دعاوي جنرالات الإعلام مجرد خرافات باطلة للنيل منكم وتفزيع الناس وترويعهم من وصولكم إلي الحكم, وجلست يا سيدي علي مقعد الرئاسة, بما يحيطه من ألغام ومفرقعات, وأحاطتك القلوب بالدعاء والتضرع إلي الله أن يكلل خطاك ويسدد مسعاك ومسعانا بتحقيق أهداف ثورتنا: عيش, حرية, عدالة اجتماعية. نعم أمطروك بوابل من الشائعات, وصوبوا إليك مدافع حقدهم, وصواريخ كراهيتهم, وجيشوا ضدك كل خفافيش الظلام, وبثوا من خلال فضائياتهم المأجورة كل صنوف الفتن, ونصبوا بألسنة الإفك جحيم يسبق كل خطوة تخطوها. توقعت منك أن تتحرر من قيود الجماعة والحزب, وأن تنطلق إلي رحابة حضن المصريين جميعهم, أن تكون رئيسا للوطن كله, وليس موظفا لدي فصيل أو فريق.. انتظرت أن تبدأ مشوارك وقد وليت مسئولية أعرق شعب في التاريخ, وقد أصبحت مناط أمل المحرومين والمكلومين, والمثخنين بالجراح أن يكون قرارك الأول هو أن ترفع المعاناة عن كاهل المطحونين. ولكن لم تتبدل الأحوال كل شرور الشرطة, التي كانت دافعا للثورة لم تتغير, واستمرت عمليات سحل وقتل المتظاهرين, وجاءت البراءة من نصيب قتلة الشهداء, وفشلنا حتي هذه اللحظة في الوصول إلي الجاني, وضاع دم الشهداء في طرقات المرحلة الانتقالية, وبدلا من لم شمل المصريين تفرق الشعب إلي شيع وجماعات, وتحولت أيامنا إلي كر وفر بين الضحية والجلاد, وغرقنا في بحار الفتن, وتاهت الحقيقة, لم نعد نعرف من يهدم كيان الدولة, تحول الثوار إلي بلطجية, وتولي الجهلة زمام الكلام, وارتقي المنابر من يؤجج الفتن ويشعل الحروب. لم تتحقق نهضة, ولم تختف القمامة من الشوارع, ولم تخف زحمة المرور,ولم تعمل المصانع المتوقفة, وماتت السياحة, وأصيب الاقتصاد المصري بفقر الدم, وضرب الدولار الجنيه بالقاضية, وأصبحت الأسعار نيران تكوي المصريين. سيدي الرئيس.. أتمني ألا أكون مخطئا يوم اخترتك لتعيد لي كرامتي, وتشعرني بأنني مصري لي قيمة وكيان أباهي به العالم. لمزيد من مقالات د .إسماعيل إبراهيم