يجتهد وزير العدل المستشار أحمد مكي في ان ينجز مشروع قانون جديد لتداول المعلومات, يجعل مصر الدولة الرابعة في العالم العربي التي تملك هذا الحق بعد الاردن وتونس والامارات المتحدة, يتوافق مع احكام الدستور المصري الجديد. ويلتزم المعايير الدولية التي تقيس حيدة قوانين المعلومات ونزاهتها, وإن كان الخبراء الدوليون يؤكدون أن مشروع القانون المصري يحقق95 نقطة من150 نقطة تشكل المعايير المثلي لقانون جديد للمعلومات, يكون الاصل فيه هو اتاحة المعلومات لا منعها, في الزمن المطلوب وبالسرعة الواجبة ودون مقابل يتجاوز التكلفة الفعلية لتقديم هذه الخدمة, وفي اطار اجراءات سهلة تتيح لمن يطلب المعلومات ان يعرف الاسباب التي من اجلها لم يحصل علي المعلومات التي ارادها, وتمكنه من ان يرفع شكواه الي هيئة قضائية مستقلة تملك عقاب الممتنعين عن تقديم المعلومات, وتلزمهم توفيرها مالم تكن المعلومات تمس الحياة الخاصة للاشخاص او تحتوي علي اسرار تجارية او مهنية تهم طرفا ثالثا لا يجوز الافصاح عنها بحكم القانون, او يؤدي الافصاح عنها الي الاضرار بالامن القومي والاقتصاد الوطني. وبرغم ان مشروع القانون الجديد يعهد الي مجلس ادارة مشكل من13 عضوا من الحكومة والمجتمع المدني, يضعون السياسات العامة التي تحقق الشفافية ونشر المعلومات, يظل نطاق الاباحة في القانون الجديد محكوما بصيغ فضفاضة, تسمح بوضع ضوابط واستثناءات واسعة تحت ذرائع منع الاضرار بمصالح الوطن وأمنه القومي, رغم انحسار نطاق السرية في العالم اجمع الي حدود واضحة لا تحتمل اللبس, كما ان الذين يحكمون سرية المعلومات هم انفسهم الذين يسمحون باتاحتها!, ويعطيهم القانون الجديد الحق في الحجب الكلي او الجزئي للمعلومات لمدة تتجاوز75 عاما, وهو زمن جد طويل يخل بهدف القانون الذي يجعل الاتاحة هي الاصل والمنع هو الاستثناء. ويزيد من صعوبة الامر اتساع الفسحة الزمنية انتظارا للمعلومات المطلوبة الي حدود تقرب من شهر, وهي مدة جد طويلة قياسا علي احكام بعض قوانين المعلومات الاوروبية التي تختصر فترة الانتظار لساعات لا تتجاوز اياما, علي ان الاخطر من كل ذلك ان تكون هناك سلطة ما تستطيع حجب المعلومات عن المجتمع لمدة75 عاما وهو أمر لا نظير له في93 دولة تملك قوانين لتداول المعلومات لا تتجاوز فيها مدة الحجب لاخطر وثائق الدولة30 عاما الامر الذي يمكن المجتمع من الاستفادة بأخطائه السابقة وتجاربه المختلفة, لكن ميزة القانون المصري التي تتيح له فرصة التعديل والاضافة كي يكون اكثر انفتاحا, انه ينص في مادته الاولي علي ان المعلومات ملك للشعب تكفل الدولة للكافة حق الحصول عليها.., وهذا في حد ذاته يمثل إنجازا كبيرا يتحتم الاحتفاء به.