ما بين صدمة وحزن.. ثم حداد تعيش فنزويلا والقارة اللاتينية بعد الرحيل المأسوي ل أسطورة العصر, كما وصفته بعض الصحف العالمية الرئيس المريض المثير للجدل طوال فترة حكمه والمحبوب من قبل غالبية شعبه والمعروف خارجيا بالرجل المشاكس المعادي للإمبريالية الزعيم الاشتراكي الثوري هوجو شافيز. رحل شافيز بعد صراع طويل انتصر فيه المرض ووضع فنزويلا أمام مفترق طرق, فهل ستنتهي الحقبة الشافيزية برحيل زعيمها وتبدأ مرحلة انتقالية لحقبة جديدة ربما لا تكون علي نفس المستوي, أم أن خليفته سينجح في كبح جماح المعارضة والإبقاء علي التركة الشافيزية في فنزويلا كما هي؟. وثمة سؤال يطرح نفسه, كيف تكون ملامح فنزويلا في مرحلة ما بعد شافيز؟!. فبعد14 عاما من حكمه سيستغرق الشعب الفنزويلي حتما وقتا ليعتاد علي فنزويلا من دونه. فشافيز سواء بالنسبة لمن معه أو بالنسبة لمعارضيه هو رئيس من نوع خاص وله كاريزما سياسية مختلفة. لذلك نجد من يحبه جدا ونجد كذلك من يعارضه, فهو رئيس له حضور شعبي دائم وطريقته في ممارسة السياسة مختلفة وهي ما أطلق عليها المراقبون السياسة الشافيزية ونسبوها إليه لأنه صانعها. فهل تستطيع أن تبقي سياسة رغم رحيل صانعها أم تنتهي مع رحيله؟. فقد يكون من الممكن المحافظة علي بقاء مبادئه الأساسية دون وجود شافيز لكن تطبيق سياساته بدونه أمر مختلف حتي لو أصبح نيكولاس مادورو نائبه ووريثه السياسي الذي ينتمي للمدرسة الشافيزية رئيسا لفنزويلا. فمجريات الأمور السياسية لا تسير علي منوال واحد وطريقة التعامل معها بالقطع نسبي يختلف من شخص لآخر.. وطبقا للدستور الفنزويلي فإن رئيس البرلمان ديوسدادو كابيلو سيتولي منصب الرئيس لحين إجراء انتخابات رئاسية عامة جديدة في غضون30 يوما. وهنا مربط الخلاف بين مؤيدي السياسة الشافيزية ومعارضيها. فقد أوصي شافيز مؤيديه قبل رحيله بانتخاب نائبة ووريثه السياسي نيكولاس مادورو والذي سيسير علي نهجه داخليا وخارجيا. وتمثل الجبهة المؤيدة الشريحة العظمي من الشعب الفنزويلي, وهو ما يعزز فرصة مادورو في الفوز. فسياسات شافيز الداخلية كانت ناجحة جدا, حيث ضرب أروع مثلا في محاربة الفساد والرشوة في بلاده وقام بخطوات عديدة لمكافحة الفقر, وتحسين الحياة المعيشية للفقراء, وأدخل تحسينات مهمة علي البرامج الزراعية والصناعية في بلاده, لأنه كان لا يريد لأمته أن تعتمد علي النفط كمصدر وحيد للدخل. وبذل الرئيس المنتخب جهودا مضنية في تطوير المجال الصحي والخدمي والتعليمي. واليوم لا تتجاوز الأمية في فنزويلا حاجز التسعة بالمئة فقط من مجموع السكان,ولم تقتصر سياسات شافيز الشجاعة علي الشأن الداخلي بل تعدت ذلك إلي الوقوف في وجه واشنطن وحلفائها التقليديين في العالم. وتميزت سياساته بالوقوف ضد الغطرسة والهمجية والاعتداء علي حقوق الشعوب الأخري. وفي المقابل قد تنجح جبهة المعارضة في تأمين المقعد الرئاسي في الانتخابات. فقد حققت بالفعل زخما شعبيا في الانتخابات التي جرت في أكتوبر الماضي وهو ما قد يضمن لها فرصة أكبر في الإطاحة بالسياسة الشافيزية. لكن في كل الأحوال, سواء استمرت السياسة الشافيزية أم لم تستمر فإن ملامح فنزويلا داخليا وخارجيا حتما ستتغير مستقبلا.