عندما قرر الأمير البريطاني ويليام, دوق كمبرديدج, عقد قرانه منذ نحو عامين, انتفض الشعب الإنجليزي عن بكرة أبيه مباركا ومهنئا, وتدافعت الجموع وقوفا عند أعتاب قصر باكينجهام التاريخي( العريق) ابتهاجا وانتظارا لتلك اللحظة التي سيخرج فيها الأمير وعروسه من شرفة القصر يبادلان الناس التحية, في إطار( مليونية شعبية) مهيبة أعادت إلي ذاكرة العالم ذات الطقس الملكي( الشعبي) الذي واكب زواج والده الأمير تشارلز من الأميرة ديانا, تلك الأميرة التي( بكاها) الإنجليز(بصدق) حين مصرعها فجأة في أحد أنفاق عاصمة( النور) باريس! استوقفني بحق هذا الولاء المترسخ وذلك الارتباط الوثيق بين الشعب الإنجليزي وتلك الأسرة المتربعة علي العرش البريطاني( منذ قرون), فجازفت بسؤال, كنت أعرف مدي سذاجته, وجهته إلي صديق إنجليزي حول سر اقتناعهم( الدفين) هناك الذي لا تزعزعه السنين بهذا النظام الملكي؟ فأجابني شبه مبتسما بأن الملكية البريطانية هي باختصار رمز للتماسك الوطنيNationalSolidarity! كلمتان مقتضبتان دويتا في أذني المشبعتين طيلة حياتي بعبارات الوطنية و حصص( التربية القومية) والتاريخ والكفاح والتحرر والكرامة و(الحرية)... وما إلي ذلك من عبارات عصماء رنانة فضفاضة سرعان ما تعصف بها( رياح الحقيقة) مع أول بالونة اختبار! إن الملكية البريطانية, شأنها شأن بقية الممالك الغربية المتبقية, ليست محل تجريب أو مجازفة, وليس الستار قادرا علي أن يسدل من فوقها صبيحة يوم, لتبحر صاغرة علي متن( يخت المحروسة) في عجالة; تدوي من حولها إحدي وعشرون طلقة احترام( زائفة) تودعها إلي غير رجعة!! إنها ملكية متأصلة( شعبيا) شأنها شأن راية الوطن و قدسية حدوده وسيادة أراضيه; إن الملكية هناك اختلطت بنسيج الأوطان كمثل ذرات الأكسجين والهيدروجين التي لا يمكن للماء أن يكون ماء بدون امتزاجها( يد2أ), فمن ذا الذي يستطيع أن يقنع الناس بانفصالها؟ وأي ماء تراه وأي وطن حينئذ سيكون ؟ مبدأ ألتمس لك ولنفسي العذر( كل العذر) في عدم قدرتنا علي استيعابه!! (..الملكية البريطانية وبقية الممالك الغربية المتبقية) هذا هو حالها, فما بالك إذن بممالك( غير غربية) ما زالت علي قيد الحياة؟ أوليست هناك ممالك( ساكنة) مازالت متبقية في بلاد الشرق؟ هل تراها ساكنة بمعني( السكينة) أم تراها ساكنة بمعني( السكني): قصور وأمراء وألقاب وسلطان وولاء وأموال... ولكن تري هذه الممالك ساكنة في القلوب فعلا كمثل( سكناها) القصور منذ عقود ؟ ..عقبال البلاد إللي جهل حكامها يحسب ان العز بالقوات الأمريكية عقبال البلاد إللي شعبها جائع والحكومة تفتخر في طفرة مالية عقبال البلاد إللي تنام مواطن. معك جنسية وتصبح ما معك جنسية. عقبال النظام القمعي( المتوارث) ولإمتي وأنتم عبيد النزعة الذاتية عقبال إللي مرضي نفسه ومزعل شعبه. بكره يجلس بداله واحد بكرسيه لا يحسب إن الوطن باسمه ( وباسم عياله). الوطن للشعب وأمجاد الوطن شعبيه رددوا والصوت واحد للمصير الواحد كلنا تونس بوجه( النخبة القمعية). أبيات أطلقها شاعر(قطري) اسمه محمد ابن الذيب, متأثرا بثورة الياسمين التونسية في حينها واسماها( قصيدة الياسمين), فكان جزاؤه سجنا مؤبدا انفراديا بعد تحقيقات سرية, بحسب تقرير منظمة العفو الدولية, وكان جزاء شيوخ قبيلته( بني يام) المنع من دخول الأراضي القطرية! هاجت الدنيا حقوقيا وماجت من أجل إطلاق سراح الرجل بلا جدوي منذ اعتقاله في منتصف نوفمبر من العام2011, ثم ها نحن نسمع البارحة أنباء عن أن الحكم قد يتم تخفيفه إلي خمسة عشر عاما( تسامحا), وهو الذي( أهان) أمير البلاد و(حرض) علي قلب نظام حكمه( بقصيدة نبطية) في جريمة عقوبتها( الإعدام هناك)! يا لعجائب الفن; يسبق الواقع دائما, وينبئ به, ويكشف عن مكنونات النفوس وأسرار المشاعر الحقيقية القابعة في دهاليز العقل الباطن, فردية كانت أم( جماعية)! والعمل الفني طلقة ضوء كاشفة لواقع الناس, فما جدوي وابل من رصاص نحاسي رخيص يسكن في صدر مطلقها, أو حبل إعدام يطوق رقبته, أو حتي أربعة حوائط تقيد حركته, من بعد أن كشفت( قصيدته) وترا بالغ الحساسية؟