تزداد المشاكل الاقتصادية وتتعقد, وهو ما يحتاج إلي إجراءات حاسمة لمواجهتها, ولكن الحكومة تلجأ إلي إجراءات تزيد المشاكل ولا تقلل منها, ومن ذلك أزمة الوقود التي تستمر وتؤثر علي تراجع العمل وزيادة الأسعار وفوضي المرور بل المشاجرات للحصول علي السولار, والتي أسفر عن سقوط قتيل حتي الآن والعديد من الإصابات وما ينتج عن ذلك من اتساع السوق السوداء. ورغم تزايد المشاكل نجد الحكومة عاجزة عن المواجهة الصحيحة لوقف هذا التدهور وتكتفي بإطلاق التصريحات عن قرب إنهاء الأزمة وتحديد مواعيد لبدء نظام جديد لتداول المنتجات البترولية وما تلبث أن تتراجع عن ذلك وآخر القرارات التي تؤدي إلي مزيد من المشاكل ما قرره مجلس الوزراء في20 فبراير بزيادة سعر بيع المازوت من1000 إلي1500 جنيه للطن وهو ما نتج عنه قطع أصحاب مصانع الطوب الطرق في البحيرة والفيوم وبني سويف وبالتالي ستزداد المشاكل بمشكلة ارتفاع أسعار الطوب وكل المنتجات التي تستخدم المازوت, ونتيجة لسياسة أنصاف الحلول التي تتبعها الحكومة سيقوم الكثيرون بالتحول من استخدام المازوت إلي استخدام السولار لأنهما سلعتان بديلتان وهو ما سيزيد الطلب علي السولار الذي تتفاقم مشكلة عدم توافره. يلاحظ أن الحكومة كانت قد رفعت سعر المازوت إلي2300 جنيه للطن اعتبارا من15 ديسمبر2012 ولكنها تراجعت عن ذلك تحت ضغط منتجي الأسمدة والأسمنت ثم عاودت زيادة السعر ولكن إلي1500 جنيه وهو ما سيؤدي إلي المزيد من المشاكل ورفع الأسعار ونقص السولار وكان علي الحكومة أن تضع نظاما شاملا لأسعار الوقود تراعي فيه أوضاع الصناعات المختلفة وكيف تواجه الزيادات السعرية وان تتوقف عن سياسة المعالجة الجزئية التي تؤدي إلي المزيد من المشاكل, وهو ما فعلته سابقا حينما رفعت سعر بنزين95 وتركت باقي الأسعار فتحول الكثيرون إلي استهلاك بنزين92 ولم تحقق الحكومة ما كانت تبغيه من زيادة مواردها نتيجة زيادة سعر بنزين95 بل أدي ذلك إلي زيادة الطلب علي الأنواع الأخري من البنزين التي لم ترتفع أسعارها, لذلك علي الحكومة أن تدرك خطأ سياستها في التعامل الجزئي مع كل منتج لأن ذلك يزيد المشاكل نتيجة خوفها من اتخاذ القرارات السليمة لمواجهة الأوضاع الخاطئة في الأسواق. كذلك من المشاكل التي يتسع نطاقها وتستمر دون حلول مشكلة نقص السولار وكل ما تفعله الحكومة أن يصرح الوزير بأن سبب المشكلة هو التهريب وهي بذلك تدمغ نفسها بالفشل في مواجهة هذا التهريب وخاصة إلي السفن خارج الموانئ, فهل إلي هذا الحد أصبحت حدودنا مستباحة ولا سيطرة للدولة عليها؟!. أما إذا كان المقصود بالتهريب خارج المحطات فإن ذلك يؤدي إلي حصول البعض عليه بسعر مرتفع من تجار السوق السوداء وبالتالي سيسد جزءا من حاجة السوق ولكن بسعر مرتفع وهناك الكثيرون المستعدون لدفع سعر أعلي بدلا من الانتظار لأيام للحصول علي السولار, وبالتالي فالتهريب الذي تتشدق به الحكومة ليس هو السبب في مشكلة نقص السولار الذي يقدر بنحو30% مما يجعل الحكومة تخفض المطلوب لمحطات الكهرباء وتموين السيارات السبب الحقيقي للمشكلة هو عدم قدرة الحكومة علي توفير العملات الأجنبية لشراء الاحتياجات من الوقود, فهي تحتاج إلي نحو مليار دولار شهريا لاستيراد ما يسد النقص في الأسواق ولا تستطيع الحكومة ذلك في ظل تناقص الموارد من العملات الأجنبية وهي مشكلة ستزداد وبالتالي لن تستطيع الحكومة توفير المخصصات المطلوبة للاستيراد, فهل من المقبول استمرار وتصاعد المشاكل في الأسواق أم علي الحكومة ألا تهرب من مواجهة هذه المشكلة بالحديث عن مبررات غير سليمة؟ إن الأحوال في مصر لا تحتمل المزيد من المشاكل ولا يمكن لعاقل أن يتصور أن يستمر هذا النقص في مواد الوقود دون أن يؤدي ذلك إلي المزيد من الفوضي ثم الصراع لكي يحصل الأقوياء علي ما يريدون والدولة خائفة من مواجهة المشكلة. وما يزيد المشاكل أن الحكومة لا تستطيع الاستمرار في الاقتراض لاستيراد هذه الاحتياجات, ليس فقط لزيادة الأعباء في السداد ولكن لأنها لن تجد من يقرضها, فوزارة البترول مدينة بمليارات الدولارات للشريك الأجنبي مقابل ما تحصل عليه من حصته لضخها في الأسواق وحاولت اقتراض ملياري دولار من البنوك لسد جزء من مديونيتها ولكن البنوك تراجعت عن إقراضها للظروف التي تمر بها البلاد لذلك لابد من المواجهة الحاسمة لهذه المشكلة, التي تتركز في خفض الطلب علي مواد الوقود من خلال تحديد كميات لاستهلاك كل سيارة وهو ما كانت ستفعله الحكومة من خلال نظام الكوبونات بداية من ابريل ولكنها خافت فأعلنت التأجيل حتي يونيو وأعتقد انها ستؤجل من جديد لأنها من الضعف بحيث لا تقوي علي اتخاذ القرار السليم وإيضاحه للشعب, وحتي لا يؤثر ذلك علي فرصتها في الانتخابات وهو ما يوضح تغليب مصالح الجماعة علي مصلحة الوطن. لذلك أصبحت الحكومة هي المشكلة, فمن الممكن مواجهة أزمة الوقود ولكن ذلك يحتاج إلي حكومة قادرة علي المواجهة وليس الهروب باتخاذ قرارات تزيد المشاكل, فلماذا تتعلم من حكومة المغرب وهي حكومة ذات توجه إسلامي ولكنها انشغلت بعلاج مشاكل مواطنيها بطريقة سليمة وخرج رئيس وزرائها ليوضح للشعب انه لا سبيل غير زيادة أسعار الوقود وشرح لهم بصدق حقيقة الأوضاع مما جعل الشعب يتقبل زيادة الأسعار؟!, فإذا لم يكن لدي الجماعة الحاكمة من هم قادرون علي المواجهة السليمة للمشاكل بدلا من تفاقمها, فلماذا لا تستعين بمن يقدر أم لابد من استمرار المظاهرات والهتاف الشعب يريد إسقاط النظام, وبدلا من أن تتحسن الأحوال تزداد تدهورا؟!.