أعباء جديدة تضاف يوميا علي الموازنة العامة للدولة, فبعد صدمة تخفيض تصنيف مصر عالميا, فاجأتنا مؤسسة موديز بتخفيض التصنيف الائتماني لأكبر خمسة بنوك مصرية. والمفاجأة أن سبب هذا التخفيض الاتجاه المتزايد لهذه البنوك للاستثمار في أدوات الدين العام من أذون وسندات خزانة. وبالتالي فإن هذه البنوك كي تسترد تصنيفها عليها أن تخفض من حجم هذه الاستثمارات وهذا ما يضيف مزيدا من الأعباء علي الحكومة لتوفير مصدر آخر للحصول علي تمويل لسد عجز الموازنة وزيادة السيولة للاقتصاد المحلي. ولإظهار حجم المشكلة التي تواجهها الحكومة فإن أحد خبراء البنوك أكد انسحاب الاستثمارات الأجنبية من أدوات الدين العام بقيمة بلغت حتي الآن نحو6,2 مليار جنيه, كما تراجعت بعض البنوك عن تغطية ما يتم طرحه من أذون وسندات خزانة وهو ما شهدته الجلسة الأخيرة أمس الأول, والتي طرحت خلالها وزارة المالية نحو6,5 مليار جنيه تم تغطيها بصعوبة شديدة وبأسعار فائدة مرتفعة وصلت إلي 14.25% وهو ما قد يؤدي في حالة استمرار ذلك إلي زيادة تكلفة الدين العام. وأكد الخبير, أن الحكومة الآن لم يعد أمامها إلا الاقتراض من المؤسسات الدولية. ولكن تصريحات رئيسة بعثة المشاورات السنوية لصندوق النقد الدولي مع مصر أكدت أن الحكومة المصرية لم تتقدم حتي الآن بأي طلب للأقتراض من الصندوق وأنها في سبيلها إلي اتخاذ إجراءات داخلية لتوفير السيولة اللازمة وحل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها مصر. والمتابع لتصريحات الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية, يدرك أنه أعد حزمة من الاجراءات والتشريعات الجديدة التي من شأنها تعظيم الموارد السيادية وسد الثغرات التي يستغلها البعض في التهرب الضريبي والجمركي, وقد يكون أهم ما في هذه الحزمة هو تطبيق القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات والاتجاه نحو الضرائب التصاعدية علي الدخل وتعديل قانون الجمارك. ولكن الأهم من هذه التشريعات هو ما مدي قدرة الادارة الضريبية علي تطبيقها, خاصة مع ما تعرضت له خلال السنوات الأخيرة قبل الثورة من ترد في الأداء ظهر في القرارات المتضاربة التي تصدر عنها.. علي سبيل المثال لا الحصر قرارات بأنشاء إدارات داخل مصلحة الضرائب العامة ليس لها دور حقيقي, وإنما تضيف المزيد من الاجراءات وزيادة في البيروقراطية تؤدي في النهاية إلي هروب الاستثمارات الأجنبية. ومن هذه الادارات الوهمية إدارة اتفاقيات عدم الازدواج الضريبي والتي أصدرت قرارا بأن تسدد الشركات العالمية العاملة في مصر ضرائب ثم تستردها بعد فترة بناءا علي شهادة تقدمها الشركة الأم بأنها تسدد ضرائب في بلادها العجيب أن هذا القرار لم يؤدي إلي زيادة الحصيلة الضريبة بل علي العكس امتنعت كثير من الشركات عن الاستثمار في مصر, وصرح أحد قيادات مصلحة الضرائب أنه وحتي الآن لم تسترد اية شركة أية ضرائب مسددة وذلك في انتظار مراقب حسابات ليقرر أحقية الشركات في الاسترداد من عدمه. وفي نفس الوقت, الذي يتم فيه إنشاء إدارات وهمية يتم الغاء كيانات ناجحة وبدون مبرر واضح والمثال علي ذلك الغاء مركز كبار الممولين وتحويله إلي مجرد مأمورية ليس لها صلاحيات للتيسير علي الممولين من أعضائها وهو السبب الأساسي الذي كان وراء انشائها في المقام الأول علما بأن هذه المأمورية تسهم في تحصيل نحو80% من حصيلة ضريبة الدخل وأكثر من60% من حصيلة ضريبة المبيعات. وأخيرا فإنه لضمان خروج مصر من أزمتها الاقتصادية ونجاح حزمة اصلاحات الببلاوي فيجب التركيز الآن علي تطوير الادارة الضريبية وتطهيرها من الداخل ووضع القيادات القادرة علي اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب لكي تعود الادارة الضريبية دافعة لنمو مصر وليست معرقلة للأعمال.