تولي المستشار تيمور مصطفي كامل رئاسة هيئة النيابة الإدارية بعد مشوارطويل عمل خلاله في أعرق المؤسسات القضائية والقانونية المصرية والدولية. ويكشف لنا المستشار تيمورعن قضايا الفساد إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك وآلية استردادالأموال المهربة الي الخارج ومطالبته بإصدار القانون الخاص باستقلال هيئة النيابةالإدارية لتمكين أعضائها للإشراف علي الانتخابات. ويشرح المستشار تيمور دور هيئةالنيابة الإدارية في مكافحة الفساد وخطته في تطوير الهيئة حيث قرر إعادة هيكلة النيابة الإدارية بما يتلاءم مع ما تتطلبه مرحلة ما بعد25 يناير من مواجهة جادة لجرائم الفساد المالي والإداري في مصر. بعدقيام ثورة25 يناير ظهر كم رهيب من الفساد في مصر, كيف تقيم الوضع حاليا؟ مما لا شك فيه أن قيام الثورة وما صاحبها من مناخ للحرية, شجع المواطن المصري علي الإبلاغ عنوقائع الفساد المالي والإداري بالجهاز الإداري للدولة مما أدي إلي ازدياد عددالبلاغات والشكاوي التي تلقتها النيابة الإدارية. فقد بلغ إجمالي عدد القضاياالواردة الي النيابة الإدارية في الفترة من2011/1/1 حتي2011/9/30 عدد55027 قضية تنطوي غالبيتها علي وقائع تتعلق بالفسادالمالي والإداري, وقد تم الانتهاء من التحقيق والتصرف في عدد4000 قضية منها بنسبه إنجاز بلغت71% كما تلقت النيابة الإدارية أيضا في خلال ذات الفترة عدد3487 شكوي عن طريق الخط الساخن والذي تم استحداثه للتيسير علي المواطنين في التقدم بشكواهم الي النيابة الادارية وقد أحيلت تلك الشكاوي الي النيابات الادارية المختصة لإجراء التحقيق فيها. هل الفساد حقيقة إستشرت في مصر؟ نعم هناك فساد فهذه للاسف حقيقة, لقد تردت الخدمات في مصر وساءت احوال المرافق العامة بفعلالفساد الذي استشري في اغلب المرافق العامة وهو امر خطير يجب مواجهته والقضاء عليه اليوم قبل الغد, فالحرب الحقيقية التي يجب ان نخوضها اليوم هي الحرب علي الفساد,فذلك هو الخطر الحقيقي الذي يجب التصدي له, هذه معركة مصيرية وعلينا كمجتمع ان نخوضها,وانا واثق من انتصار المصريين فيها. وما سبب صعوبة الحرب علي الفساد؟ المشكلة ان الفساد المالي و الاداري في مصر نشأ وترعرع في سنوات عديدة في ظل نظام الرئيس السابق حسني مبارك, ومن خلال اتباع سياسات منهجية تحمي المفسدين وتقنن اوضاعهم, وتضعف من دور الاجهزة المنوط بهامكافحة الفساد فلا تتمكن من ان تؤدي دورها, الفساد ليس في الاشخاص, انما الفسادفي مصر في القوانين والتشريعات واللوائح التي تمت صياغتها لحماية الفساد و تحصينه, و هذا النوع اخطر من الفساد في الاشخاص,لان اقتلاعه صعب و يأخذ وقتا ويقتضي مراجعةكل القوانين واللوائح المعيبة التي ساعدت علي وجود الفساد وتعديلها. واين كانت النيابة الادارية من كل هذا الكم من الفساد؟ النيابةالادارية هي الهيئة القضائية المنوط بها محاسبة الموظفين العموميين تأديبياومكافحة القصور في ادائهم لاعمالهم الوظيفية, و كان الهدف من انشائها تحقيق ضمانات الحيدة التامة للقائم بالتحقيق الاداري بعيدا عن تأثير الرئيس الاداري بمايكفل حيدة التحقيق ونزاهته. ولكن الهدف المرجو من انشاء النيابة الادارية لم يتحقق, اذ سرعان ما ضاقت الدولة بالعدل والشفافية والرقابة وجدية المساءلة, والتيتمثلها جميعا النيابة الادارية, فسعت الي تقليصها والحد من اختصاصاتها فتم الغاءاختصاص النيابة الادارية بالتحقيق مع المسئولين بالعديد من الهيئات العامة والشركات التابعة المنشأة بقانون قطاع الاعمال العام رغم ان اموال تلك الجهاتجميعا اموال عامة بما يقتضي حمايتها, كما انه من غير المعقول ان ينفرد الرئيس الاداري بالتصرف النهائي في التحقيقات التي تباشرها النيابة الادارية دون اعطاءالنيابة الادارية سلطة التعقيب علي ذلك التصرف, وهو ما ساهم بشكل كبير في افسادالوظيفة العامة وهي كارثة كبري انبه لخطورة استمرارها واقول يجب منح النيابةالادارية الاختصاص بمراجعة القرارات الصادرة من الرئيس الاداري بناء علي تحقيقاتها, فاذا تبين لها عدم ملاءمة التصرف لما كشف عنه التحقيق تحيل النيابة الاداريةالاوراق الي المحكمة التأديبية كجهة قضائية محايدة للفصل في الامر بحكم قضائينهائي. وكيف يتم تفعيل دور النيابة الادارية لتقوم بدورها في مكافحة الفساد الوظيفي ؟ لابدمن تعديل قانون النيابة الادارية, لا سبيل اخر لجني ثمار نشاط النيابة الادارية وجهود اعضائها والاستفادة من خبرتهم. لذلك قمت باعداد مشروع قانون جديد للنيابة الادارية يحقق الاستقلال لها و يفعل دورها علي جميع الجهات والشركات المملوكة للدولة لحماية المال العام. ارجو ان يري طريقه الي النورقريبا, فكل يوم يمر دون صدوره يتأخر مواجهة الفساد وهو ما ينعكس بالسلب عليمصلحة الوطن والي حين ان يصدر قانون النيابة الادارية الجديد, كيف ستواجه النيابة الادارية قضايا الفساد التي ترد اليها ؟ لقد وضع تخطة عمل لتطوير النيابة فاصدرت تعليمات لكافة الاعضاء بضرورة تقديم كل مرتكبي جرائم الاعتداء العمدي علي المال العام الي القضاء التأديبي. وفي هذا الاطار تم لاول مرة في تاريخ النيابة الادارية اسناد الاختصاص بالاحالة الي المحاكم التأديبية الي مديري النيابات مباشرة باعتبار ان النيابة التي باشرت التحقيق هيالاقدر علي التصرف فيه وتقدير ظروفه دون تدخل من احد وهو ما يحقق الاستقلال فيالعمل القضائي فيما يخص استرداد الأموال المهربة الي الخارج ومنهاأموال مبارك وعائلته هل لك أن تعطي لنا فكرة عن آلية إستردادها ؟ أسترداد الأموال أمر وارد في الاتفاقية الدولية لمكافحةالفساد التي صدقت عليها مصر في2005 واعتقد انه يتطلب من مصر حاليا الوقوف علي ما تنظمه القوانين الاجنبيه فيما يتعلق بالاسترداد. علي سبيل المثال أموال مبارك وعائلته الموجوده في سويسرا. فالقانون السويسري يشترط ان يكون هناك احكام قضائية من القضاء المصري حتي نستطيع ان نستردهذه الاموال فهذا من شانه أن يدفع السلطات السويسرية علي اخذ الاجراءات اللازمة لاعادتها.ولكن اريد أن أؤكد هنا أن الأهم حاليا هو الوصول الي تحديد الاموال التي هربت للخارج وفي الوقت نفسه تحديد اماكن هذه البلاد التي توجد بها هذه الاموال المهربه.فهناك برنامج اسمه ستار يديره البنك الدولي لتدوير الاموال الفاسده ويمكن من خلاله أن تلجأ مصر للبنك الدولي وايضا مكتب مكافحه الجريمة والمخدرات فيفيينا بأعتبار هذه الآليات يمكن ان تساعدنا علي عمليه الاجراءات المطلوبه لتقديم الطلبات اللأزمه للدول التي لديها هذه الاموال. أعتقد الأمر يحتاج الي متابعه حقيقية من الجانب المصري ليس فقط علي مستوي الاجهزه الموجوده داخل مصر و لكن يجب أيضا أن نسير في الطريق السليم وأخذ الاجراء القانوني المناسب لكيفية رفع الدعاوي المناسبة امام القضاء المختص في كل دوله وفي الوقت نفس لابد ان يكون هناك لجنه داخليه وطنيه تستطيع ان ترسم خطة طريق للاموال واعتقد ان هناك خبرات كثيرة في دول اخري ممكن ان نستعين بها في عملية استرداد الاموال. في اعتقادكم هل ستسترد مصر هذه الاموال المهربة؟ هناك جهود حثيثة بذلت في هذا المجال ولكن هذه المسألة ليست بسيطه فعندنا تجربة مماثلة في العراق. فكل المبالغ التي هربت وخرجت من العراق لم يسترد منها اكثر من مليار اومليار و نصف فهذه المسألة متعلقة بأرادة سياسية حقيقية. ومصر ستعقد قريبا مؤتمرا حول الاطار الوطني لمكافحة الفساد وستعقد جلسة خاصة بأسترداد الاموال في النيابةالادارية بالآتفاق مع المنظمات الدولية مثل منظمة مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في اوروبا نستطيع من خلال هذا المؤتمر ان نضع الاطار الذي من خلاله يمكن السير في عملية استرداد الاموال. وفي شأن انتخابات مجلس الشعب القادمة, هناك تهديد من بعض اعضاء النيابة الادارية بعدم مشاركتهم في الاشراف القضائي علي الانتخابات. ماتعليقكم؟ هناك ارادة سياسية حقيقية و جادة في الاشراف القضائي علي الانتخابات من قبل اعضاء النيابة الإدارية. ولكن هناك بعض المخاوف من عملية اشراف اعضاء النيابة الادارية او هيئة قضاء الدولة علي الانتخابات بأعتبار ان قانون النيابة الادارية و قانون هيئة قضايا الدولة لم يعط لهاتين الهيئتين الاستقلال الكامل والحصانات اللازمة. وبالتالي هناك مطلب من اعضاء النيابة الادارية بالاسراع في اصدار القانون الخاص بالاستقالال الكامل للهيئتين واعطائهما الضمانات الحقيقية لكي يكون هناك نوع من الحماية في الانتخاباتالقادمة حرصا منا علي المناخ الديمقراطي الذي نعيشه والذي يتطلب الشفافية وفي الوقت نفسه النزاهه في القيام بالعملية الانتخابية. فلابد ان يرفع الحرج عن اعضاءالنيابة الادارية كي لا يتم الطعن في نزاهة الانتخاب. وأود أن أضيف إننا في دولةمؤسسات و هذا يتطلب ان السلطة القضائية لابد ان تكون مستقلة واستقلالها امر ضروريلحسن سير العدالة وهذا ضمان ايضا للمواطن. هل معني ذالك ان أعضاء هيئة النيابة الإدارية لتشارك في الانتخابات القادمة؟ لم أقل اننا لم نشارك لكن الامر يتطلب ان لا نضع الانتخابات في وضع يطعن عليها بالبطلان نحن نقول باننا سوف نشارك لكن يجب الاسراع في اصدار القانون فما زال يوجد الوقت الكافي حتي27 نوفمبر القادم واعتقد ان هناك اراده سياسية جادة لعملية اصدار القانون لكي يصدر قبل الانتخابات. فالقضاء العسكري عنده الحصانة الكاملة وكذالك الهيئة القضائية المنصوص عليها في الدستور. معني ذالك أنك تطالب المجلس العسكري بالاسراع في اصدارالقانون الخاص بالاستقلال الكامل لهيئة النيابة الإدارية؟ نعم فنحن ننادي المجلس العسكري بالاسراع في إصدارالقانون قبل يوم28 نوفمبرحرصا منا علي نجاح العملية الانتخابية ونرفع عن اعضاءالنيابة الادارية مغبه ان يكون هناك بطلان علي الانتخابات.