أشاد الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل بالثقة الكبيرة التي منحها الشعب المصري للجيش لإدارة المرحلة الانتقالية بعد ثورة25 يناير, وأكد أن الثورة المصرية كان لها أبعاد كبيرة علي المنطقة العربية برمتها في ليبيا واليمن وسوريا. وقال في حوار مع الأهرام ان التغيير في سوريا سيكون له تأثير بالغ علي الأوضاع في لبنان وإلي تفاصيل الحوار: إلي أي مدي تري تأثير الثورات العربية علي لبنان والأوضاع الداخلية للبنان؟ الوضع مترابط وتأثير الثورات العربية ليس فقط علي لبنان, ولكن علي المنطقة كلها, الثورات التي تشهدها المنطقة, هي علي النقيض بالمقارنة بما حدث في يوليو52 والتي كانت إنقلابا عسكريا, وكون ما حدث ثورات شعبية فإن الوضع شديد الخصوصية والتعقيد في مكوناتها وأطرها وأوضاعها, وثورات الأخيرة كانت تعبيرا عن الاحباط والظلم... ولكل مجتمع خصوصيته, ففي سوريا الجميع يطالب بحقوقه من العلويين والبعثيين والسنة والعلمانيين والإخوان المسلمين, وغيرهم, وفي اليمن حدث ولا حرج من النظام القبلي ولكل مطالب مشروعة وليبيا مشكلة قبائل وعشائر. أما مصر, فهي دولة مؤسسات والشعب المصري متمسك بهذا, والشعب أعطي الثقة لمؤسسة كبيرة وهي الجيش حتي تدير المرحلة الانتقالية, وهي ملتزمة بإدارة الفترة الانتقالية من أجل التغيير والحرية وحقوق الإنسان وأعتقد أن هناك شراكة حقيقية بين كل الشعب, وكان توجه المسئولين والقيادة المصرية للعب دور محوري وقيادي, كما حدث في25 وهذا ما نرجوه أن تؤدي هذه الثورات إلي إيجاد نظام جديد أفضل من النظام القديم. هل يقلقك تنامي التيار الديني المتشدد في المنطقة بعد الثورات؟ وهل من الممكن إرساء الديمقراطية في ظل هذا التصاعد للحركات الدينية؟ أهم ما يميز الثورات العربية هو تعددية التوجه, وبالتالي مع وجود هذه التعددية ظهرت كل التيارات, وتاريخيا هذا حدث مع الثورات, كما في الثورة البلشفية, ولكن مع اقرار المسئولية لكل الأطراف لتحقيق أهداف هذه الثورات, ومن هنا سوف يتم محاصرة التيارات المتشددة من أجل الإنخراط في العملية السياسية لمصلحة البلاد لذلك علي الجميع التنظيم, وتحمل المسئولية ودعم التيارات الليبرالية لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان, زيارتكم إلي مصر هي من أجل تقديم التعازي إلي الشعب المصري في ضحايا أحداث ماسبيرو والتي شهدت صراعا بين المسلمين والمسيحيين, هل تعتقد أن القضاء علي الفتنة بين المسلمين والمسيحيين أمر صعب خاصة في ظل ما تمر به مصر في الفترة الأخيرة؟ هذه ليست الزيارة الأولي لمصر للقاء رجال الدين من شيخ الأزهر أو البابا شنودة, فأنا كنت في مصر قبيل الثورة في زيارة بعد حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية, وأنا أعلم جيدا أن المشكلة والصراع بين المسلمين والمسيحيين أمر قديم والاجواء المتشنجة موجودة منذ فترة طويلة والمبادرة التي قمت بها ليست رهن الساعة لكنها نابعة من الشعور بالمسئولية وخطورة الوضع وحتمية معالجة الأوضاع الخاطئة بالافعال والإجراءات التي تمنع تكرار ما حدث, وأعتقد أن هناك رغبة قوية لدي المسئولين في مصر لمواجهة أخطار الفتنة الطائفية... والمبادرات التي تأخذها مصر يجب ألا تقتصر علي الوضع المصري فقط لكن يجب أن تؤسس إلي نمط جديد من التعاطي العربي لمواجهة وحل هذه المشكلات لأن هذه المشكلة موجودة في مصر والعراق وسوريا ولبنان وكل الدول العربية لان المسيحيين هم جزء من النسيج العربي الوطني, وهم كانوا من طليعة المدافعين عن القضايا العربية مثل أنطوان الجميل كان رئيس تحرير الأهرام في مرحلة النهضة ومؤسس الأهرام هو بشارة تقلا وغيرهما وهم جزء من النضال العربي, وأنا أعتقد بوجود شعور بالمسئولية تجاه كل المصريين للقضاء علي الفتنة والصراع بين أبناء الشعب الواحد. هل تؤمن بنظرية المؤامرة علي العرب؟ أم هذه هي الشماعة التي يعلق عليها الكثير من فشلهم في حل المشكلات؟. هذه شيمة من الطباع العربية أن نحمل الآخرين ما يحدث لنا, وأن هناك من يتآمر علينا, وهنا يجب أن تكون مجتمعاتنا محصنة حتي لا نكون بيئة مناسبة لتآمر الآخرين لاننا معرضون لكل أنواع الاختراقات بسبب التشرذم الذي تعيشه الأمة العربية, ونحن الذين نفتح المجال للمؤامرات والتدخلات, وقد يكون ما حدث أخيرا مع الاقباط نتيجة لمؤامرة أو مخطط لضرب الوحدة والنسيج الوطني, وفي الوقت نفسه لم نتخذ في الماضي القصاص من مثيري الفتنة المعروفين, ولم تقم الدولة بواجبها تجاه هذا الصراع. إلي أي مدي تري تأثير ما يحدث في سوريا علي الأوضاع في لبنان؟ عندما يقمع شعب, كما يحدث مع الشعب السوري فإن هناك خللا في السلطة, وأعتقد أن السلطة السورية إلي الآن غير مدركة لطبيعة وخطورة ما يحدث في سوريا, وعلي أي حال, فهذا شأن سوريا أما بالنسبة لتأثيره علي لبنان فكلنا نؤثر علي بعضنا البعض, فما حدث في تونس كان له تأثير علي مصر, وما حدث في مصر أثر علي اليمن والبحرين وسوريا وليبيا, وغيرها, ونأمل أن يكون كل ما حدث بلبنان قد أعطي مناعة للبنان... كما أنه لاشك أن التغيير في دمشق سيكون له تأثير كبير في الوضع اللبناني, ونأمل أن يعود الشعب السوري واللبناني لاقامة علاقات طيبة, وهذا سيتحقق عندما تسود الديمقراطية والحرية في سوريا, وينعم الشعب السوري بالاستقرار والحرية. إذن وقف التدخل السوري في لبنان سوف يمنح لبنان الكثير من الاستقرار؟! في لبنان مثلث يمنع المؤسسات الشرعية اللبنانية من القيام باعمالها هذا المثلث أو هذه القوي هي سوريا بتدخلها المباشر وحزب الله وإيران هذه القوي لديهم أهداف تتجاوز المصلحة اللبنانية, ولديهم استراتيجية أشمل من الواقع اللبناني, فنحن نعرف أهداف إيران وصراعها مع القوي الإقليمية كذلك حزب الله ومشروعه الديني الذي هو بعيد عن المصلحة اللبنانية الحقيقية وسوريا لديها الطموح في الأطماع اللبنانية, وهذا معروف تاريخيا لذلك إذا تأثرت سوريا بشكل أو بآخر فسيظل تأثير حزب الله وإيران ولن تنتهي المشكلة اللبنانية بغياب سوريا حتي, وإن حدث تغيير في التوازنات الدولية. وكيف ستواجه الأطراف اللبنانية هذه المعضلة في ظل المتغيرات الخارجية, وحكومة لبنانية موالية لحزب الله وإيران؟. لدينا تجارب تاريخية في عام75كانت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان أقوي من وضع حزب الله الحالي, وكانوا مسيطرين علي كل نواحي الحياة السياسية في لبنان, ولكن الوضع تغير الآن, وأنسحبت منظمة التحرير, كذلك بالنسبة لسوريا, والتي كانت لفترة طويلة تسيطر بسبب وجود الجيش السوري, وكانت تعين رئيسا ورئيس حكومة, فأين سوريا اليوم؟.. إسرائيل أيضا كانت مسيطرة علي الوضع في لبنان في فترة سابقة, وهكذا تغير الحال, إذن كل شيء يتغير, ووضع حزب الله, وإيران في لبنان وضع مفروض علي لبنان, وهناك ظروف استثنائية تجعل هذه القوي مهيمنة الآن لكن هذا الوضع لن يدوم, ونأمل أن تتغير الأوضاع. هل يؤمن السياسيون اللبنانيون بأهمية الدعم الدولي والاقليمي لحل المشكلة اللبنانية أم أن الحل لابد أن يكون داخليا؟؟ العالم كله اليوم مرتبط ببعضه, وهذا كان واضحا في التدخل الدولي لحل أزمة ليبيا واليمن وغيرهما, وقد تكون مصر هي الدولة الوحيدة التي كانت محصنة من التدخل الخارجي لذلك كانت الناس مشدودة إلي ما يحدث فيها, ولابد من الدعم الدولي لمساندة لبنان لكن مع توافر إرادة داخلية لبنانية لأن الإرادة الدولية قد تقف ضدك في بعض الأحيان, كما كان سابقا, حيث تآمرت القوي الدولية علي لبنان لمصلحة إسرائيل أما الآن, ومع تغيير موازين القوي لذلك, فالشعب اللبناني هو الذي يدفع الثمن, وكل اللبنانيين يدفعون باقدارهم لإعلاء شأن لبنان, فنحن بيت الجميل ضحي ب5 من ابنائه من رئيس جمهورية ورؤساء حكومات, ووزراء وأنا شخصيا تعرضت للنفي لمدة12سنة وغيرهم, ولكن كان هناك صمود ومقاومة, ولعل مظاهرة14آذار مارس في2005في لبنان, حيث تظاهر أكثر من مليون لبناني في ساحة الشهداء, وكان لها بالغ الآثر في الشعوب العربية, وبعد ما حدث في تونس, ومصر وليبيا واليمن, فاننا يجب أن ننتزع حريتنا من أجل لبنان حر ديمقراطي. المبادرات العربية لحل الأزمات في الدول هل من الممكن أن يكون لها نتائج إيجابية خاصة بعد رفض التدخل الأجنبي في سوريا؟! لابد أن تكون هناك مبادرات عربية للتدخل لحل الأزمات التي تتعرض لها بعض الدول, وما يحدث في سوريا من قمع لأبد أن يكون له مردود لأن الانتهاكات بحق الشعب السوري لا يجب السكوت عنها, ولكن لا يجب التكهن بأي مدي إمكانية نجاح هذه المبادرات في ظل ما تشهده الدول العربية. هل مازال هناك مخاطر وتهديدات تلاحق أمين الجميل والسياسيين اللبنانيين في ظل الأوضاع التي تشهدها لبنان؟ التهديد قائم ومستمر ونحن دفعنا ثمنا غاليا, وكل صباح نسمع عن محاولات الاغتيال والاقصاء, كما حدث مع السياسيين اللبنانيين, وحتي بعد الكشف عن محاولة لاغتيال السفير السعودي عادل الجيبر في واشنطن أخيرا من قبل النظام الإيراني, وهذا هو المنطق الطبيعي لهذه الأنظمة, وهو الاغتيال, ومازالت التصفيات الجسدية بدلا من الحوار هي المحرك الرئيسي للأحداث. هل هناك تنسيق واتصالات بينكم, وبين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وهل سيعود قريبا إلي لبنان أم أن الأوضاع لا تسمح بعودته أخيرا؟ الاتصالات بيننا مستمرة, ولقد التقيته منذ شهر في الرياض بالمملكة العربية السعودية, وبالتأكيد لديه من الظروف التي تؤجل عودته إلي لبنان, ومازالت مسيرة14 آذار مستمرة والتنسيق والعمل مستمر من خلال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة. وهل هناك تنسيق بين القوي اللبنانية الأخري بشأن الفترة المقبلة في لبنان؟ بالطبع الحوار والتواصل مستمر مع كل القوي والأطياف السياسية مثل وليد جنبلاط ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وغيرهما. إذن من الممكن أن يكون هناك حوار من أجل حل الأزمة اللبنانية؟ وهل أنت متفائل لما يحدث في الأيام المقبلة. نحن نتحاور مع الجميع, وأنا لا أفضل كلمة متفائل لكني أفضل كلمة تصميم علي تجاوز الأزمة ولبنان بلدنا, ولا يجب أن نتركه, ونحن كحزب الكتائب نناضل من أجل لبنان منذ عام1936ونحن مستمرون في النضال.