مع تمدد مسيرات احتجاج حركة احتلوا وول ستريت شرقا وغربا بات واضحا أن العالم أمام نقطة تحول تجذب إليها مثل الفراشة إلي الضوء كل الأطياف والتيارات السياسية في محاولة لاحتضانها أو احتوائها. الرئيس أوباما لم يتردد في إعلان تعاطفه مع خيبة أمل المحتجين, وأرسل قادة حملته الانتخابية, ونائبه جوزيف بايدن, وزعيمة الحزب الديمقراطي نانسي بيلوسي برسائل تعاطف وتأييد علها تنقذ الحزب من ورطته الانتخابية. في حين سارعت سارة بالين الزعيمة المعتزلة لحزب حفل الشاي في العزف علي لحن المعركة المشتركة مع المحتجين ضد الرأسمالية والمحسوبية التي لا يمكن مقاومتها إلا بقطع يد الحكومة الكبيرة التي تدعمها, ضاربة عرض الحائط بحملة المرشحين الجمهوريين المحتملين الشعواء ضد الحركة باعتبارها تشن حربا طبقية. محاولة الديمقراطيين جذب الحركة إليها هي قمة اليأس لأن الليبراليين لا يشكلون سوي 40% من الحزب الآن, وإغضاب المعتدلين والمستقلين المتخوفين من تحول حركات الاحتجاج إلي عنف وفوضي سيكلف مرشحي الحزب أصواتا انتخابية, ولأن تجربة انخراط جماعة حفل الشاي في الحزب الجمهوري كانت مكلفة لأنها جنحت به يمينا وشلت حركته وبالتالي فاقتراب الفراشة من الضوء سيكون حذرا وغير مفيد. ولكن علي الجانب الآخر لا تبدو الحركة متحمسة للانخراط الحزبي فهدفها هو تغيير قواعد اللعبة السياسية التي تحكم العولمة منذ الحقبة الريجانية. فالحديث عن التوزيع العادل للثروة وأعباء الإنقاذ المالي في مجتمع ظل يعتقد أن ثراء القلة من رجال البنوك والشركات هو الطريق لتحقيق الرخاء والنمو للجميع ليس بالأمر السهل. تجربة أوباما الفاشلة أقنعتهم بأن المشكلة ليست في توافر قيادة راغبة في التغيير ولكن في خيوط العنكبوت التي تقوض كل التشريعات التي تخضع القلة المحتكرة للمحاسبة والمراجعة وتقليص النفوذ السياسي. ولهذا حملوا رسالتهم إلي قلب وول ستريت وأبواب الشركات النافذة. رغم الحالة الضبابية التي تحيط بشعاراتهم فالمطالب واضحة وهي أن تعمل العولمة لصالح المواطن العادي وليس القلة الثرية. المطلوب أن ترد البنوك جميل إنقاذ دافع الضرائب لها بتمويل مشروعات صغيرة تخلق فرص العمل للعاطلين, واعفاءات ضرائبية للمطحونين من الطبقة المتوسطة الذين فقدوا وظائفهم ومنازلهم, وإلزام الشركات الرابحة من العولمة بدفع ضرائبها للمجتمع بالاستثمار في البنية الأساسية والتعليمية والتوقف عن الالتفاف والتهرب من الضرائب. ليس المهم من يقوم بذلك الحكومة أو رجال الأعمال المهم هو الإنجاز والمطلوب قيادة سياسية لا تستسلم للضغط عليها. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني