تعرضت البلاد في التاريخ القريب لموجة من الارهاب المسلح اودي بارواح الكثيرين وهدد الأمن القومي والاستقرار وأثر سلبا في القدرات الاقتصادية للبلاد وقد تغلبت مصر علي الارهاب بأمرين: المواجهة المسلحة والاعتقالات, ثم ظهرت فكرة المراجعات الفقية للأسس والقواعد الدينية التي كان متمسكا بها اعضاء الجماعات الاسلامية الداعية للعنف وتكفير المجتمع اثناء تواجدهم بالسجون. وبعد قيام الثورة وخروج جميع الفصائل والجماعات الاسلامية الي الساحة السياسية واتفاقهم مع الاحزاب والائتلافات الليبرالية واليسارية وغيرها, انضمت كل الجماعات لقوي الثورة وارتضت الاحتكام لصندوق الانتخاب وتركت العنف والارهاب والتكفير الي المسالمة والمشاركة والمساواة, فهذا المفهوم الجديد ناتج عن عملية ثقافية علمية دينية عميقة تمكنت من تغيير الفكر الارهابي لمجموعة كبيرة من المصريين الي فكر اسلامي ايضا ولكن متسامح وموضوعي وجاد في بناء هذا البلد المشهور عنه الطيبة والسلام والوسطية. لقد افرزت الثورة مفاهيم جديدة للارتقاء بالبلاد ويريد شبابها علي اختلاف انتماءاتهم ثورة كاملة علي كل مواطن الضعف في الحياة المصرية واهمها اخلاقيات التعامل, وهي اخلاقيات مستمدة من الاديان والتي تأباها شريحة كبيرة لاتزال تمارس التسيب الفوضوي والاخلال بالامن وايضا بالفساد في اداء وظائفهم بالدولة, وهذه الشريحة تحتاج بالفعل الي المقاومة العملية في هذه المرحلة مع اتباع ذات الاسلوب الذي سبق اتباعه ونجاحه مع الفكر الارهابي المتطرف اي تنفيذ خطة تثقيفية واخلاقية. فللحكومة ان تقترح علي المجلس العسكري من القوانين ماهو كفيل بتحقيق الردع المادي بالقوة لانماط الخطورة الامنية, واهمها تلك النوعية من الجرائم التي تحول دون شعور المواطن بالامن كالخطف والاغتصاب والسرقة بالاكراه او التعرض للمال العام أو وسائل الاصلاح ودور التعليم والعبادة والمستشفيات بديلا عن استخدام حالة الطوارئ ويمكن ان تخصص السلطة القضائية نوعية من المحاكم المدنية التي تختص بنظر هذه الانواع من الجرائم فقط وسرعة البت فيها ولا مانع من استحداث القوانين والاجهزة التي تضمن السيطرة علي ما توافقنا جميعا علي تسميته بالانفلات الامني, والذي لا تتيح السلطات الممنوحة لضابط الشرطة ان يسيطر عليه ومن الطبيعي ان نلجأ لاساليب غير مألوفة للتغلب علي مشاكل غير مألوفة ايضا. وقد تتيح هذه القوانين المستحدثة للشرطة الحق في احتجاز المتهمين بدون اذن النيابة أو العرض عليها لمدة شهر مثلا وهو اجراء لجأت اليه دول غربية في إطار ما استحدث لديها من قوانين لمكافحة الارهاب ولم تعتبره هذه المجتمعات المتقدمة نكوصا عن الحرية أو خروجا عن العدالة.