ترجع الأهمية الاستراتيجية لسيناء إلي أنها تمثل خط الدفاع الأول, حيث انطلقت من هذه البقعة الجغرافية الفتوحات وجاءت الغزوات منها أيضا. كما ترجع الأهمية الاقتصادية إلي سيناء إلي كونها المورد الرئيسي للثروة المعدنية, حيث يتدفق البترول من الغرب ويوجد النحاس والفوسفات واليورانيوم في الشرق, وكذلك الفحم والفيروز في الجنوب. وفي حقيقة الأمر, وفي ظل اتساع مساحة سيناء والتي تبلغ 6% من مساحة مصر وانخفاض الكثافة السكانية بها, فقد أغري هذا الأمر عصابات الأراضي بالاستيلاء علي 800 كيلومتر من أراضي سيناء, وكذلك الطامعون في تنفيذ بعض المخططات الاستيطانية من القيادات الإسرائيلية في الإعلان بين لحظة وأخري عن رغبتهم في توطين الفلسطينيين بقطاع غزة في سيناء. ويمكن القول إن تلك التعديات علي الأراضي والتصريحات الإسرائيلية تعكس نوعا من التهديد للأمن القومي المصري تقتضي العمل علي تفعيل المشروع القومي لتنمية سيناء, والتوسع في إنشاء المناطق الصناعية, خاصة في وسط سيناء لاتساع رحاب التنمية في هذه المنطقة الجغرافية ولوقف أعمال التعدي علي الأراضي وغلق النوافذ تجاه تلك التصريحات. وقد بدأ المشروع القومي لتعمير سيناء بعد موافقة مجلس الوزراء في أكتوبر 1994 لإيجاد 800 ألف فرصة عمل واستصلاح 400 ألف فدان وتوطين 3 ملايين نسمة, وذلك حتي عام 2017 وتضمن المشروع خطة تنفيذية للمشروعات الأساسية تشمل قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية والصناعية والتعدين والسياحة والتنمية العمرانية والبنية الأساسية. بيد أن هذا المشروع يواجه بعض التحديات والتي تتمثل في ضعف التنسيق بين الوزارات المعنية بتنفيذ هذا المشروع وضعف التمويل اللازم لهذا المشروع وانخفاض الحوافز للمستثمرين, مما أدي إلي ضعف مساهمة القطاع الخاص في عملية التنمية. وعلي ضوء ذلك, تبرز أهمية العمل علي تفعيل دور اللجنة الوزارية المشرفة علي تنفيذ هذا المشروع, وإنشاء هيئة عليا لتنمية سيناء يكون لها موازنة مستقلة تختص بالتخطيط للتنمية. خلاصة ما تقدم أن تفعيل المشروع القومي لتنمية سيناء يعد أحد العناصر الرئيسية التي يمكن أن تدعم الأمن القومي المصري, بما يؤدي إلي زيادة قدرات الدولة, وأن الفراغ الجغرافي وعدم استثمار هذه الأراضي في منظومة التنمية يؤدي إلي فقدان أحد المصادر الرئيسية لمعالم الأمن القومي المصري.