أنها روح لم تمت.. لم تؤثر فيها مهازل الانفتاح ولا كوارث ضعاف النفوس ولا دسائس أصحاب الأجندات والولاءات الخارجية ولا مؤامرات القوى الخارجية التى بذلت على مدى عقود جهود مضنية يائسة بهدف القضاء على تلك الروح التى أحيت الشعب المصرى والعربى بعد شعور متكرر بالهزيمة الى حد اليأس.. انها روح أكتوبر الحية دائما فى مصر..وفى إسرائيل أيضا. فمنذ أيام نشر مقال فى كندا تناول ما يعانيه أحد سكان إسرائيل من مشاعر بالخوف من تكرار ما حدث فى حرب أكتوبر 1973.فقد أكد الإسرائيلى ان حكايات حرب يوم كيبور (عيد الغفران) - يقصد بها حرب أكتوبر - كثيرا ما تسمع وتتردد مع كل رشق بالحجارة او هجوم بقنبلة مولوتوف تتعرض له سيارات الإسرائيليين.هذا ما يشعرون به فى اسرائيل بعد حرب انتهت منذ 38عام وتبعتها معاهدة سلام وهو ما يدل على مدى قوة تأثير نصر أكتوبر على اسرائيل والإسرائيليين حتى اليوم. ولك ان تتخيل معى ان طفلا فى اسرائيل كان يبلغ من العمر 8 سنوات عندما نشبت حرب أكتوبر فإنه اليوم سيكون فى ال 46من عمره ولديه اسرة من زوجة وابناء وهو مازال يذكر ويسرد ما حدث لأسرته ولإسرائيل كلها فى حرب أكتوبر1973. واذا كانت روح اكتوبر ما زالت تحلق فوق رؤوس الإسرائيليين حتى اليوم فإنها مازالت فى قلوب وعقول المصريين ايضا خاصة بعد ان خرج شباب مصر الأعزل وسط النار والدخان ينادى بالحرية والكرامة فى 25يناير2011. فعلى الرغم من الفساد والإنفلات القيمى والأمنى الذى ساد وطننا الغالى فى السنوات الأخيرة وطفو حشود كبيرة من ضعاف النفوس فإن حادث وقع قبل أيام قليلة من حلول شهر أكتوبر الحالى أكد لى أن روح أكتوبر لم تضعف فى قلوبنا. بطل الواقعة كان الشهيد مساعد شرطة سعد الله حسن حمد سالم الذى كان فى ال59 من عمره عندما هجم عليه 4 لصوص من قطاع الطرق مدججين بمختلف انواع الأسلحة النارية الخفيفة وشرعوا فى اطلاق النار على سيارة نقل رواتب العاملين بشركة الزيوت والصابون بمحافظة الدقهلية. فر الجميع الا سعد الله ..فقد اختار البطل الشجاع ان يؤدى واجبه الى النهاية.لم يكن معه من السلاح ما يكفل له الحماية فقد كان قطاع الطرق اكثر عددا واقوى تسليحا وعتادا,فأطلقوا عليه النار واصابته الطلقات فلم يتراجع سعد الله وارتمى على حقيبة المرتبات محاولا حمايتها حتى نال الشهادة. ذكرتنى تلك الواقعة على الفور بما تردد من روايات عن شجاعة المقاتل المصرى فى حرب أكتوبر وكيف القى أحد الأبطال بجسده أمام مدفع رشاش للعدو لتعطيله فى محاولة ناجحة لحماية أرواح باقى المقاتلين اثناء إقتحام خط بارليف. وهكذا يمكننا ان ندرك ان روح أكتوبر لم تمت بل ولم يؤثر فيها الزمن وانما زادها قوة وصلابة.وعلينا ان نتذكر دائما ان العدو موجود ومتربص فى الداخل والخارج على حد سواء وان النصرفى أى مجال لن يتحقق الا..بروح أكتوبر. المزيد من مقالات طارق الشيخ