لم يكن النائب الأمريكي جاري أكرمان هو أول من يلوح باستخدام المعونة للإفراج عن الجاسوس الأمريكي, ولكن هناك محاولات كثيرة لاستخدام تلك المعونة لدس أنف واشنطن فيما يخص الشأن المصري.. وقد بدا واضحا في الحلقة السابقة أن مصر رفضت مرارا تلك المعونة المشروطة ولكن الإدارة الأمريكية في كل مرة كانت تصر علي وجودها كمسمار جحا ليكن لها موطيء قدم في القرار المصري. إذا أردنا أن نعرف كيف تنظر أمريكا لمصر في مرحلة ما بعد25 يناير, فإن أدق توصيف كان في جلسة الاستماع التي عقدت في مجلس الشيوخ للاستماع إلي شهادة السفيرة أن بيترسون قبل أن تأتي لتسلم عملها في القاهرة, وكان ذلك في21 يونيو الماضي, خاصة أن لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس لها دور هام في رسم السياسة التنفيذية الأمريكية تجاه مصر ودول العالم, إضافة إلي أن المناقشات تكشف المطلوب من مصر من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وحتي اللوبي اليهودي وقت هذه الجلسة سأل جون كيري رئيس اللجنة وستة من الأعضاء وهم ريتشارد لوجر( جمهوري) وروبرت كيس( ديمقراطي), وبنجامين كاردين( ديمقراطي) وكرينوفركونز( ديمقراطي) وتوم يودل( ديمقراطي) وروبرت مينندز( ديمقراطي). وقد تركز النقاش علي أربعة محاور رئيسية هي كيفية التحرك الأمريكي لدعم الانتقال الديمقراطي خلال الفترة الانتقالية, وكيفية دعم الاقتصاد وضمان خلق فرص للاستثمار الأمريكي في مصر, وربط المساعدات بشروط وكيفية رقابة السفيرة الجديدة علي أموال المساعدات وأخيرا قلق اللجنة من توجهات السياسة الخارجية المصرية من العلاقات مع إسرائيل, وكيفية التأكيد علي التزام مصر الكامل باتفاقيات كامب ديفيد. وفي البداية شدد السيناتور جون كيري لعملية الانتقال الديمقراطي الجارية في مصر حاليا, مشيرا إلي أن الوقت محدد للغاية للأحزاب السياسية لتنظيم نفسها قبل الانتخابات البرلمانية, وشدد علي أن هذه الانتخابات يجب أن تكون نزيهة, وأن يتم رقابتها بحذر, وإلا فسوف نشاهد عودة المتظاهرين لميدان التحرير, وإذا لم يكن هناك أي تقدم إيجابي, وأضاف أن الافتقار إلي انتخابات حرة وذات مصداقية سوف يؤدي إلي الانتكاسة, ومن الضروري أن تصبح الحكومة المصرية في نهاية المطاف أكثر شفافية واستجابة لمتطلبات مواطنيها. ونوه السيناتور جون كيري إلي أن الأسئلة بشأن دور الأحزاب الدينية في الحياة السياسية في مصر, واستقرار العلاقة بين المسلمين والمسيحيين وتوجهات مصر نحو إسرائيل في المستقبل, كلها أسئلة ما زالت قائمة. كما نوه السيناتور جون كيري إلي أن هناك محادثات بين الجانبين الأمريكي والقطري بشأن دعم الاقتصاد المصري, وأنه سيقوم بزيارة لقطر قبيل زيارته لمصر سيناقش خلالها المستجدات في هذا الأمر. وقبل مناقشة السفيرة آن بيترسون من قبل أعضاء اللجنة بشأن عملها المقبل في مصر, أدلت السفيرة بكلمة قصيرة, حددت فيها ملامح استراتيجية الإدارة الأمريكية في التعامل مع مصر في المرحلة المقبلة, ورؤيتها لعملها المقبل وحددت السفيرة المحاور الثلاثة لهذه الاستراتيجية علي النحو التالي: الأولوية الأولي هي تشجيع ودعم عملية انتخابية حرة ونزيهة في مصر, وفي هذا الإطار ستعمل الولاياتالمتحدة علي دعم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني للعب دور رائد في الحياة العامة, وذلك انطلاقا من إدراك أهميتها كمكون من مكونات النظام السياسي الناجح, وأن تقوية العملية الديمقراطية في مصر ستؤدي إلي زيادة احترام حقوق الإنسان وتمكين المواطنين. التأكيد علي أن مصر تلعب دورا قويا وإيجابيا في المنطقة, خاصة وأن مصر تعتبر واحدة من ضمن دولتين فقط وقعتا معاهدة سلام مع إسرائيل, ومصر حليف قوي في دعم السلام الشامل في المنطقة والحل القائم علي مبدأ الدولتين. اختتمت السفيرة كلمتها بالقول إنه خلال المرحلة الانتقالية في مصر, سوف تسمع الولاياتالمتحدة الكثير من الأصوات في غير صالحها, وأن العملية الديمقراطية في مصر ستكون في الوقت نفسه صعبة للغاية بسبب حداثة وهشاشة المؤسسات الديمقراطية في مصر. ثم بدأت أسئلة أعضاء اللجنة خلال مناقشتهم للسفيرة بيترسون عن عملها القادم في مصر: تحدث خلال الجلسة ستة من أعضاء اللجنة عبر كل منهم في مداخلته عن إشادته وتقديره لخبرات ومؤهلات السفيرة آن بيترسون عملها في السلك الدبلوماسي الأمريكي لخدمة قضايا بلادها, خاصة عملها في السابق كسفيرة لبلادها في أفغانستان, وطرح كل منهم عدد من الأسئلة علي السفيرة تمحورت حول عملها القادم في مصر وتقييمها للمرحلة الانتقالية في مصر, وكيفية التعامل مع المساعدات الأمريكية لمصر, والتوجهات المصرية تجاه إسرائيل. شدد السيناتور ريتشارد لوجرRichardLugar في مداخلته علي عملية الانتقال الديمقراطي في مصر علي مسألة عدم اختطاف المجموعات المتشددة في مصر لتلك العملية تعتبر مسألة هامة جدا, لأن سيطرة تلك الجماعات علي هذه العملية من شأنه أن يقوض من الحريات المدنية الأساسية كما يهدد مصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها في المنطقةبخصوص أن بعض المسئولين في الحكومة المصرية أبدوا احتجاجهم بشأن ما يعتبرونه تدخلا أمريكيا وتعديا علي السيادة المصرية في توجيه المساعدات مباشرة لمنظمات المجتمع المدني, وكيف ستقوم السفيرة الجديدة نيابة عن دافعي الضرائب الأمريكيين بالرقابة علي إنفاق المساعدات والتأكد من إنفاقها علي الوجه السليم. بينما أشار السيناتورRobertCasey إلي ما يعتبرونه توجها مصريا نحو مزيد من المواجهة مع إسرائيلConfrontationalapproach, سواء من خلال إعادة فتح معبر رفح, أو الدور الذي لعبته مصر في المصالحة الفلسطينية. شدد السيناتورBenfaminCardin علي ضرورة أن يكون هناك محاسبة علي المساعدات الاقتصادية الأمريكية المقدمة لمصر وضمان أنها تساهم بشكل ملموس في التقدم الاقتصادي المصري, وضرورة التأكد من المساعدات والعلاقات بين مصر وإسرائيل, مشيرا إلي أن هناك تساؤلا جوهريا بشأن ما إذا كانت مصر ستحافظ علي معاهدة السلام مع إسرائيل, وشدد علي أنه من الضروري أن تكون هناك متطلبات بأن يتم توجيه المساعدات فقط للدول التي تشجع الأهداف الرئيسية للسلام مع إسرائيل وتحافظ علي علاقاتها بإسرائيل. وكرر السيناتور كريستوفر كونزCoonsChristopher نفس الكلام الذي أثاره السيناتور بشأن إسرائيل والقلق من التوجهات المصرية فتح معبر رفح, دور مصر في المصالحة, ما يجري بشأن قضية الغاز-, وطرح علي السفيرة تساؤلا بشأن هل من الضروري أن تقوم الولاياتالمتحدة بفرض شروط علي المساعدات الأمريكية لمصر؟. وبدأت السفيرة بيرتسون الإجابات بردود تفصيلية علي أسئلة أعضاء اللجنة, وفيما يلي عرض موجز لأبرز النقاط والجوانب في ردودها: فيما يخص قضية الانتقال الديمقراطي في مصر, نوهت السفيرة إلي أن المنظمات الأمريكية مثل المعهد القوميNationalDemocraticInstitute, والمعهد الجمهوري الدوليInternationalRepublicanInstiture ومنظمةIFES يعملون في مصر علي تشجيع الديمقراطية, ودعم وتنمية قدرات منظمات المجتمع المدني المصري في المرحلة المقبلة, وأن الولاياتالمتحدة أنفقت40 مليون دولار في دعم أنشطة المنظمات الثلاث خلال الأسابيع الماضية. فيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية لمصر, خاصة في شقها الاقتصادي شددت السفيرة علي أن توجيهها مباشرة لمنظمات المجتمع المدني لا يمثل أي إهانة للسيادة المصرية, فالولاياتالمتحدة تقوم بذلك في العديد من الدول, وأن تلك المساعدات مقدمة لدعم وتنمية قدرات المجتمع المدني المصري, ونوهت إلي أنه تم تخصيص65 مليون دولار للمساعدات المتعلقة بدعم الديمقراطية, وهناك150 مليون دولار لتشجيع النمو الاقتصادي وأن600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول علي المنح المقدمة لمنظمات المجتمع المدني في مصر. وأكدت السفيرة علي أنه لا يوجد مشروطية بمعني مشروطية علي المساعدات. فيما يخص العلاقات مع إسرائيل ردت السفيرة علي معظم الأسئلة بالتشديد علي أن المسئولين في الحكومة المصرية أكدوا التزامهم باتفاقية السلام مع إسرائيل, وأن الجميع في مصر لا يري أن من مصلحة مصر الدخول في صراع في المنطقة, وأن جل تركيز المصريين علي قضية الانتقال الديمقراطي الداخلي, كما تطرقت السفيرة في إجاباتها إلي أن هناك بعض الأمور المقلقة, لكنها شددت علي أن بلادها ليست ضد المصلحة الفلسطينية التي لعبت فيها مصر دورا ولكنها ضد أن تكون هذه المصلحة ضد السلام والاستقرار الإقليمي, كما نوهت السفيرة علي أن قضية الغاز هناك نزاع علي الأسعار بين الجانبين المصري والإسرائيلي, ولكن الغاز بدأ يتدفق مرة أخري, ونوهت إلي أنها تعلم جيدا بأن هناك حوارا مباشر بين الجانبين المصري والإسرائيلي بشأن هذه القضايا, وأظن أن القراءة الجيدة تعكس الرؤية الأمريكية لعلاقاتها مع مصر والتي تتأكد كل يوم أنها تنظر إليها بعيون إسرائيلية لتصبح العلاقات الثنائية, ثلاثية!