بين فترة وأخري تثور قضية مشاركة المصريين بالخارج في العملية الانتخابية. ويبدو أن أبناء مصر في الخارج قد أصبحوا بعد ثورة25 يناير أكثر إصرارا علي نيل حقهم الدستوري بمحاولة الضغط بتهديد القائمين علي السلطة بأنهم سوف يلجأون إلي القضاء في حالة عدم مشاركتهم. فمن ناحية فإن ثورة25 يناير فتحت آفاقا جديدة للمشاركة السياسية لجميع المصريين علي حد سواء. ومن ناحية أخري فإن الإعلان الدستوري الذي صدر في30 مارس2011 قد أكد في مادته رقم7 علي أن المواطنين لدي القانون سواء, وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة, لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. ومن الأهمية القول أن التعديلات التي أدخلها المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي قانون مباشرة الحقوق السياسية حدث بها ردة علي حق تصويت المصريين في الخارج, حيث ألغت المادة12 بالقانون رقم46 لسنة2011 والتي كانت تنص علي يعتبر الموطن الانتخابي للمصريين المقيمين في الخارج المقيدين في القنصليات المصرية, في آخر جهة كانوا يقيمون فيها عادة في مصر قبل سفرهم, أما المصريون الذين يعملون علي السفن المصرية, فيكون موطنهم الانتخابي في الميناء المقيدة به السفينة التي يعملون عليها. وعلي الرغم من أن للمصريين بالخارج الحق في الأداء بأصواتهم إلا أن هناك العديد من الصعوبات تواجه عملية التصويت من خارج الأوطان عامة, ومنها علي سبيل المثال: أولا: التكلفة المادية, فلا شك في أن تكلفة التصويت بالخارج أعلي بكثير من التصويت بالداخل, حيث قدرت بعض الدراسات أن متوسط تكلفة الصوات الواحد علي المستوي الانتخابات الداخلية تساوي دولارا أما علي المستوي الخارج فإن تكلفة الصوت الواحد تساوي عشرة دولارات. ثانيا: التأثير السياسي, عادة ما يكون للمواطنين في الخارج تأثير كبير علي العملية الانتخابية, خاصة إذا ما كان عددهم كبير نسبيا فإنهم يعتبرون قوي انتخابية وسياسية تستطيع التأثير علي مجريات العملية الانتخابية والسياسية في الداخل, والسؤال هنا كيف يمكن منح المواطنين بالخارج حق التأثير علي السياسات التي تمس المواطن في الداخل؟ ثالثا: التعقيدات الإدارية وضيق الوقت, عادة ما تكون التعقيدات الإدارية عائقا أما إجراء عملية التصويت من خارج الأوطان, خاصة مع انتشار مواطني الدولة في ربوع العالم. وقد فشلت بعض الدول في تمام إجراء العملية الانتخابية بالخارج بسبب التعقيدات الإدارية, وضيق الوقت, وعدم ثقة المواطنين في العملية الانتخابية, وضعف الموارد المادية المخصصة للعملية الانتخابية. ومن المشاكل الإدارية الأخري تلك المتعلقة بوسائل الاتصال, والأماكن المخصصة لعملية الاقتراع, ومراقبة العملية الانتخابية, والمساواة بين المصوتين في توفير فرص إمكانية الوصول إلي مراكز الاقتراع وإلي مقرات السفارات. رابعا: تحديد المؤهلين الذين لهم حق الانتخاب, هناك بعض الشروط التي لا بد من توافرها فيمن له حق التصويت بالخارج, فهناك بعض الدول تشترط علي سبيل المثال فترة زمنية معينة فيمن له حق التصويت. خامسا: احتمالية التلاعب في النتائج أو مجرد التشكك في احتمال وجود تزوير, خاصة وأن الانتخابات داخل البلاد أكثر مصداقية من التصويت من الخارج. وبالإضافة إلي الصعوبات العامة السابقة فإن هناك بعض المشكلات المتعلقة بالحالة المصرية, ومنها: أولا, المشكلات المتعلقة بالمصريين في الخارج أنفسهم, فالغالبية العظمي منهم لا يسجلون أسماءهم وأماكن إقامتهم بالقنصليات أو السفارات المصرية. ثانيا, عدم وجود رغبة حقيقة من القائمين علي السلطة سواء في العهد السابق أو الحالي في إعطاء المصريين بالخارج حق التصويت. والجدير بالذكر أن القائمين علي السلطة في مصر بعد الثورة يستخدمون نفس الحجج التي كان يستخدمها النظام السابق حيث يقال دائما بأن تكلفة تصويت المصريين بالخارج مرتفعة للغاية, وأن الحالة الاقتصادية الراهنة لا تبرر تحميل الميزانية أعباء جديدة. وعلي الرغم من ذلك فقد أبدت الكثير من الجاليات المصرية ومؤسساتهم في الخارج بعد ثورة25 يناير استعدادهم لتحمل نفقات عملية التصويت. ثالثا, الصعوبات القانونية الناتجة عن القوانين الناظمة للعملية الانتخابية في مصر. فعلي سبيل المثال لم ينص قانون مباشرة الحقوق السياسية صراحة علي حق المصريين في الخارج في التصويت في العملية الانتخابية, وترك الباب مفتوحا للجنة العليا للانتخابات أن تقرر ذلك حينما تسمح لها الظروف. كما أن هناك صعوبات متعلقة بالنظام الانتخابي, فمن الأهمية القول إن النظام الانتخابي يلعب دورا مؤثرا في المشاركة, حيث أنه كلما ابتعدت الانتخابات عن التعقيد وأجريت بأسلوب يسهل علي المواطن فهمه وممارسته, كانت مشاركة المواطن فعالة وواسعة. رابعا, الصعوبات المتعلقة بالعملية الانتخابية, فعندما يكون الحق في التصويت مكفولا من الناحية القانونية, قد تنشأ القيود علي الحق في التصويت في الخارج منها: يمكن أن يصبح طلب إثبات الهوية أو المواطنة بشكل متشدد أمرا مقيدا للحق في التصويت( مثل شرط تقديم أكثر من وثيقة لإثبات الأهلية). وهناك أيضا صعوبات ترتبط بتوافر وإتاحة أماكن التسجيل والتصويت من الناحية الجغرافية والزمنية أو قرار حظر نطاق عمليات التصويت خارج الوطن علي المناطق التي لا توجد فيها مخاطر أمنية, أو المناطق التي لا تتوافر فيها البنية التحتية, أو علي المناطق التي يوجد فيها حد أدني من المواطنين أو الناخبين المؤهلين بالخارج. وأخيرا, الصعوبات الناتجة عن محدودية البنية التحتية أو الإمكانيات الأمنية للعمل في دولة مضيفة معينة أو درجة التعاون من الدولة المضيفة.