نريد حزبا قويا يتكون من أقوياء, يصمدون للأحداث ويقاومون العواصف, لا نريد فتوات الزفة الذين ساروا في كل موكب, وشيعوا كل جنازة, وهتفوا في كل مظاهرة ولطموا في كل مأتم. نريد حزبا يتكون من المؤمنين لا من المنتفعين, يتكون من مناضلين يعطون لمصر فكرهم ودمهم وعرقهم وأرواحهم, لا من سياسيين بالأجرة يتقاضون المرتبات والبدلات والمكافآت. نريد حزبا موجودا في كل مدينة وقرية, وفي كل حارة وزقاق, من الرجال والنساء والشباب.. حزبا لا ينفخنا بالأوهام حتي ننفجر, ولا يضغط علينا بالمخاوف حتي نتهاوي. نريد من الأحزاب الجديدة أن تقود حملة تنظيف وتطهير ضد من أثروا من قوت الشعب, أو استغلوا مناصبهم للكسب غير المشروع, وأن تعيد الي مصر أفضل ما نهب منها وهي الأمانة والنزاهة والحرص علي المال العام.. وهذه مهمة حزب شجاع أكثر مما هي مهمة خطباء المساجد والوعاظ. نريد حزبا نوابه في البرلمان أعضاء حقيقيون لا نمر, أعضاء يهزون المقاعد من تحت الوزراء بأسئلتهم واستجواباتهم وآرائهم وأفكارهم, ولا نريدهم أن يهزوا البرلمان بتصفيقهم وهتافهم ودعائهم للحكومة بطول البقاء. نريد حزبا نوابه في البرلمان الدرع التي تحمي حرية الصحافة والإعلام من السهام التي توجه إليها, يحطم قيودها لا يضيف إليها قيودا جديدة, يطلق لسانها لا يقترح وضع قمامات علي فمها, يرفض أي قانون يحد من حريتها ويطيح بأي وزير يحاول أن يخرس صوت الأمة. ولعلنا نميط اللثام عن حقيقة أن فلول الحزب الوطني وتوابعه يتوهمون أنه من الممكن أن تعود مصر إلي عصر الاستبداد من جديد.. يتصورون أن الحرية التي فجرتها ثورة 25 يناير مؤقتة والاستبداد مؤبد, وأن المعتقلات مغلقة لإجراء تصليحات ثم تفتح أبوابها من جديد, وأن الديمقراطية التي مات الشهداء وهم يهتفون لها سوف توضع في المتحف مع مومياء قدماء المصريين. ولكننا نؤكد لهؤلاء الحالمين بالظلام أنهم واهمون, وسوف يعرفون يوما بعد يوم أن شعب مصر الثائر اختار الديمقراطية والحرية وسيادة القانون. إننا قد نتوقف لنراجع أنفسنا. ولكننا لا نعود أبدا للوراء. وإننا قد نتعثر لنقوم من جديد.. ولكننا لن نسقط في هاوية الديكتاتورية من جديد.!! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى