في عام1942 قرر حسن أفندي أن يشتري عقارا في الزمالك.. جمع كل ما لديه من أموال.. واستدان من إخوته وأقاربه.. باع كل ما يمكن أن يساعده في استكمال ثمن العقار البالغ1600 جنيه.. فالبيت خمسة أدوار في أرقي موقع بالزمالك يطل علي3 نواص.. بالكاد جمع المبلغ.. وأصبح لديه10 شقق.. استفاد من واحدة.. وقرر أن يستثمر الباقي بتأجيرها ولم لا؟.. فالديون التي عليه لابد أن يسددها من إيجار البيت.. بعد أن عاد من عمله.. جلس بجوار المذياع في البلكونة ليستمتع بهدوء المكان.. لمح عن بعد علي العقار المواجه لافتة مكتوبا عليها توجد شقة للإيجار.. قرر أن يمر علي هذا العقار في الصباح ليستكشف فكرة إيجار الوحدة.. ويحصل علي معلومات عن هذه السوق. في الصباح ذهب إلي العقار.. وقابل البواب الذي تلقفه كالريح الطيبة.. وصعد معه للشقة4 غرف.. وصالة كبيرة وعفشة ميه ومطبخ.. وأخبره أن إيجار الشهر سوف يكون3 جنيهات.. وبعقد مفتوح طوال العمر.. فلم يكن قد صدر قانون الإيجار المحدد المدة الذي صدر بعد ذلك بأكثر من50 عاما.. لم ينتبه إلي باقي كلام البواب وسرح في عملية حسابية ضخمة.. أنا لدي9 شقق في3 جنيهات أي ما يعادل27 جنيها في الشهر.. أي في العام ما يزيد علي300 جنيه.. أي أنني سوف أسترد ثمن البيت في فترة وجيزة من5 إلي6 سنوات..انصرف حسن أفندي شاكرا البواب.. وذهب إلي عمله بديوان عام محافظة القاهرة.. وبعد انتهاء الدوام ذهب إلي المكتبة واشتري أوراقا وأقلاما وراح يتفنن في كتابة لافتات إيجار للشقق.. ولم ينس أن يمر أيضا علي العطار واشتري أفخر أنواع البخور ليقوم بتبخير الشقق قبل أن يدخلها الزبائن الراغبون في الإيجار.. وما هي إلا أسابيع معدودة إلا وانتهي حسن أفندي من تأجير كل شقق العقار..ومرت الأيام والسنوات سريعا.. وارتفع سعر كل شيء في الحياة إلا شيئا واحدا ظل ثابتا كما هو.. إيجار شقق حسن أفندي.. لقد ظلت كما هي3 جنيهات للشقة.. نعم3 جنيهات.. فهذا هو الرقم الباقي من الزمن الذي مضي.. ظل حسن أفندي قانعا بهذا الرقم مع أنه غير مقتنع لكن العقد شريعة المتعاقدين..! حتي أتي يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق بقانون الضريبة العقارية.. التي تطبق علي العقارات والوحدات التي تعدت قيمتها السوقية مليون جنيه.. ووجد حسن أفندي نفسه وأولاده في ورطة كبيرة.. فالشقق تساوي كل واحدة منها أكثر من مليون جنيه الآن.. والعائد السنوي منها36 جنيها.. فمن أين سوف يأتي بالضريبة التي سوف تكون مئات أضعاف الإيجار.. فكر في بيعها للمستأجرين لكنهم رفضوا.. فما الدافع لديهم للشراء؟.. فكر في بيع العقار فوجد أنه لن يحصل منه علي أكثر مما دفعه فيه منذ60 عاما.. فقرر هو وأولاده أن يتبرعوا به للحكومة فهذا أوفر وأضمن لهم من دخول المحاكم وربما السجن لعدم قدرتهم علي دفع الإتاوة نقصد الضريبة للحكومة!!الكارثة أن حسن أفندي ليس الوحيد الذي وجد نفسه في هذا المأزق, فيقول هاني محمود: والدي ورث بيتا في العجوزة عن أبيه.. البيت به نحو7 شقق يدر لنا شهريا نحو170 جنيها علي الرغم من أنه يساوي أكثر من4 ملايين جنيه.. حاولنا بكل الطرق بيع العقار أو بيع الوحدات أو إخراج السكان وإعطاءهم تعويضات لكن كل الحيل فشلت لدرجة أنني وإخوتي اشترينا شققا أخري في أماكن قريبة وقبلنا الأمر الواقع.. ويضيف كمال وليم صاحب عقار بالمنيل بميدان الباشا أن الحكومة سوف تحول كل أصحاب العقارات القديمة إلي مطاريد للعدالة فأنا لدي بيت ورثته أنا وإخواتي به أكثر من16 وحدة سكنية كلها تم إيجارها في الخمسينيات والستينيات بأسعار زهيدة فالبيت يجمع نحو1500 جنيه شهريا ؟ فجيب علي الحكومة أن تراجع نفسها في العقارات التي استأجر أصحابها وحداتها بأسعار زهيدة.. وأن تحتكم إلي العقود وتكون الضريبة هنا علي قاطن الوحدة وفقا للقيمة الإيجارية وليس لثمن الوحدة.. فنحن لسنا لصوصا بها ملاك محترمون..