"إن كبر ابنك خاوية" مثل شعبي مصري أصيل يدعو لوجود علاقة وحوار بين الآباء والأبناء في سن المراهقة حيث يبدأ الصراع بين جيلين من فيهما الصواب ومن الخطأ.. قررت إتباع هذا الأسلوب في التربية فتقربت من ابنى محمد وهو في بداية سن المراهقة فقررت أن أكون قريبا من اهتماماته وهواياته للتعرف عليها من ناحية ولإرشاده للصواب من ناحية أخرى، وفي النهاية وجدت أن هواية لديه هي لعب "البلاي استيشن" خصوصا لعبة كرة القدم فأظهرت له حبي لها ورغبتي في تعلمها ومشاركته في ممارستها علي الكمبيوتر. سألني عن الفريق الذي أرغب في أن العب به، فأجبته بكل فخر: أكيد مصر. نظر لي باستخفاف مشوبا باستنكار: مصر.. أنت أكيد ستخسر. ليه ؟ الابن: منتخب مصر في "البلاي استيشن" فريق ضعيف، "الأوبشنز" الخاصة بمهارات لاعبي الفريق المصري ضعيفة أما الفرق الأجنبية مثل البرازيل أو اسبانيا "الأوبشنز" الخاصة بهم عالية جدا وأسمع نصيحتى فأنا خبرتي أكبر من خبرتك في "البلاي استيشن" وده "سيستم" كل شباب مصر يطبقه. بطبعي أحب مصر فصممت أن ألعب بمنتخبها ولعب ابني بمنتخب اسبانيا وبدأت المباراة وذهلت فلاعبي الفريق الأجنبي يتمتعون بسرعة عالية ومهارات خاصة جدا عكس الفريق المصري قاهر ايطاليا والبرازيل وبطل إفريقيا علي أرض الواقع، وكانت النهاية هزيمة ثقيلة للفريق المصري. نظر ابني نظرة ماكرة قائلا لي: عرفت اننى علي حق. استمعت لنصيحة ابني ورغبة في عدم تكرار الهزيمة الثقيلة تخليت عن اللعب بفريق أحلامي المنتخب المصري. وبعد عدة أسابيع دعاني أبني للعب في "سايبر بلاي استيشن" وجلست مع أصدقائه وقررنا تنظيم دورة كرة قدم علي أن يختار كل منا فريقه المفضل فوجدت كل الشباب اختاروا الفرق الأجنبية ولكنني قررت وصممت أن ألعب بفريق مصر فوجدتهم بلا استثناء يقدمون لي نصيحة عدم اللعب بمنتخب مصر والأسباب معروفة.. النتيجة النهائية لا تهمنى ولا داعي لمعرفتها ولكن ما أدهشني أن الشباب كلهم كانوا يشجعون الفرق الأجنبية ويثنون شديد الثناء علي لاعبيهم ويتفاخرون بأسماء لاعبيها ويحفظونها عن ظهر قلب رغم صعوبتها، بينما أجد عبارات السخرية والاستخفاف عندما يلعب فريق مصر. انني لا أتحدث عن الشباب الحالي ولكن أتحدث عن شريحة هي في بداية سن الشباب والمراهقة أي في سن 14 عاما وهو سن تكوين الرأى والشخصية والتي قد تظل معه بقية حياته. ..هؤلاء المراهقون كيف نزرع بداخلهم الانتماء وحب مصر وهم يسخرون من منتخبها، ذلك المنتخب الذي وحد المصريين في بطولات كثيرة وجمع شملهم متناسين اختلاف الطوائف والأديان والأعمار. الأمر جد خطير فهؤلاء الشباب في سن المراهقة والتمرد ونحن نغرز فيهم الحب والإعجاب بما هو أجنبي والسخرية مما هو مصري دون أن نشعر والدليل علي ذلك عند إقامة مباراة بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة مثلا تجد زحاما شديدا في المقاهي والنوادي لمشاهدة المباراة ونجد التشجيع مثل مباريات الأهلي والزمالك تماما ما لم يكن أكثر حماسا. المراهقون ينظرون إلي مصر نظرة سوداء فالشوارع غير نظيفة والقمامة في جميع الشوارع هذا كلامهم وليس كلامي أيضا الفوضى في كل مكان والتعليم لا نستفيد منه شيئا وهناك "خيار وفاقوس" بين التعليم المجاني والخاص والرشوة والفساد في كل قطاعات الدولة ولن نجد تعيين بعد التخرج وغيرها.. صدقوني هذه هي نظرة شباب مصر لبلدهم.. كثير منهم كل طموحه أن يسافر ليس للعمل للخارج فقط بل الهجرة الدائمة بعيدا عن مصر.. أحد الشباب الصغار مصري سمعته وهو يتفاخر بمنزله وشارعه ومدرسته النظيفة في السعودية ومزدريا لكل ما شاهده في مصر.. وهو معذور فهو يشاهد مصر فى أسوأ أوقاتها ولم يشاهد الجوانب المضيئة والجميلة بها. دعونا نغرس الانتماء في قلوب هؤلاء المراهقين فهم شباب الغد وهم من سيحمي ثورة مصر ويحافظ عليها، ساعدوهم في تحقيق احلامهم وطموحاتهم أجعلوهم يحبون مصر بحق وليس رياء ومجاملة وذلك بتحويل مصر لدولة نظيفة ومتقدمة علميا وقوية سياسيا علي أرض الواقع وليس بالكتب والشعارات. ولكن السؤال.. هل الخطأ فى "الأوبشنز" أم "البلاي استيشن" أم "السيستم"؟ ! المزيد من مقالات عادل صبري