الإنقاذ الاقتصادي للثورات علي الرغم مما حققته ثورات الربيع العربي من مكاسب سياسية ونجاحها في اقتلاع وخلخلة ارضية عدد من النظم الديكتاتورية من اجل الحرية والديمقراطية وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية..فإنه علي الجانب الآخر وعلي مدي الأشهر الثمانية الماضية منذ اندلاع ثورة الياسمين بتونس واللوتس بمصر وانعكاسهم علي اليمن وليبيا وسوريا الدول الثلاث التي تحولت ثورات شبابها وغالبيتها الصامتة السلمية إلي مقاومات دموية واسالة بحور من الدماء الطاهرة يوميا بالموت بحثا عن حياة افضل..ومع تواصل النضال والمظاهرات المليونية السلمية من أجل اقتلاع الحقوق المشروعة للشعوب من حكامها الديكتاتوريين إلا ان الحصول علي غالبية مكاسب الثورة التي لم تتحقق بعد تقابلها انتكاسات واخفاقات علي الجانب الآخر, ولعل أبرزها الاخفاقات الاقتصادية والتكاليف المرتفعة التي تتحملها وستتحملها حاليا ومستقبلا دول وشعوب تسونامي الربيع العربي الذي زلزل الكثير والكثير من أركان وثوابت النظم السابقة.. ومع الآمال وموجات التفاؤل بمستقبل افضل يقابلها علي الجانب الآخر احباطات اقتصادية واجتماعية في حالة استمرارها يمكن ان تؤدي بنا جميعا إلي خريف الثورات المضادة والقوي الخارجية مع ارتفاع فاتورة التكلفة الاقتصادية للثورة وانعكاساتها السلبية علي الأغلبية الصامتة من المواطنين المطحونين الذين كانوا وقودا لثورة الشباب السلمية. وما بين هروب المليارات من ثروات البلاد للخارج من الأموال المنهوبة لاركان النظم السابقة واعوانهم إلي جانب هروب رءوس اموال المستثمرين وانعدام السياحة وتوقف الانتاج مما ادي إلي ارتفاع معدلات البطالة والفقر والمرض وانخفاض قيمة العملة المحلية إلي جانب الزيادة المطردة في الاسعار وغيرها من العوامل التي دفعت المجلس الأعلي لقواتنا المسلحة الباسلة إلي التحذير في ابريل الماضي بعد شهرين من اندلاع الثورة من ان الوضع الاقتصادي في مصر مخيف ومقلق, ومع مرور الأيام بكل آسف يزداد سوءا وتزداد معه محاولات الإنقاذ السريعة من أجل الاستقرار واستمرار الحياة بصورة افضل بكثير مما سبق. الأوضاع الاقتصادية المتردية في مصر لاتختلف عنها كثيرا في تونس, وتزداد سوءا في ليبيا واليمن وسوريا وهو مايدعو إلي العمل في خط متواز بين سرعة تحقيق المطالب السياسية بالتوازي وبصورة أكبر مع المطالب الاقتصادية والاجتماعية لإنقاذ الثورة من الاخفاقات التي واجهتها وتواجهها وهو ما يستلزم تحرك الاقتصاديين العرب لإعداد خطة سريعة للإنقاذ الاقتصادي علي غرار مشروع مارشال الذي أنقذ دول أوروبا من الدمار الاقتصادي بعد الحرب العالمية.. فهل نتحرك لانقاذ انفسنا من المجهول المدمر ونجاح ثوراتنا التي طال انتظارها بالعمل الجاد والمخلص لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ وكل عام والامة العربية بخير. المزيد من أعمدة أمين محمد أمين