هل أصدار مبارك الأمر بقتل المتظاهرين؟ هذا السؤال الذي ينتظر اجابة من أهم شهود في أكبر قضية تشهدها البلاد في تاريخها الحديث. فبعد التطور الدرامي لأحداث قضية اتهام الرئيس السابق وابنيه والعادلي ومساعديه بقتل الثوار بات السؤال الذي يشغل بال الجميع. هل أصدر مبارك مباشرة قرارا بقتل المتظاهرين؟ خاصة أن كل الشهادات السابقة لضباط الداخلية بمختلف الرتب قد تراوحت بين محاولة تأكيد التهم علي العادلي ومعاونيه أو نفيها ولم تصل إلي اتهام مبارك مباشرة. وجاء استدعاء المحكمة للمشير وعنان الذي كان موجودا يوم اندلاع الثورة(25 يناير) في زيارة رسمية لأمريكا قام بقطعها ووصل لاحقا ليتابع الأحداث المندلعة في مصر والنائب السابق لرئيس الجمهورية عمر سليمان. الآن الجميع ينتظرون شهادة المشير القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلي الذي يرأس البلاد حاليا في سابقة لم تشهدها أي من البلاد العربية ولا الشرق الأوسط,ومرة أخري ترسم مصر ملامح التاريخ. ويتساءل الجميع عن محتوي الشهادة التي حتما ستوجه قضية قتل المتظاهرين ولأن النشر سيكون محظورا في هذه الشهادة فقد حاولنا أن نقرأ ملامح شهادة المشير طنطاوي من خلال الرجوع الي الخطاب العلني الوحيد الذي أدلي به المشير وكان ذلك في حفل تخريج دفعة يوليو2011 من طلبة كلية الشرطة, وربما نستنتج ما سيقوله المشير في شهادته حول الأمر بإطلاق النيران علي المتظاهرين حيث قال في شهادة اختيارية للتاريخ قبل أن تطلبه المحكمة:احنا الحمد لله ربنا وفقنا وما كانش قرار فردي.. ما كانش قرار عشوائي.. لكن كان في منتهي الصعوبة واحنا اجتمعنا في ذلك الوقت وأخذنا آراء بعضنا والشيء المشرف ان كل مجموعة المجلس الأعلي للقوات المسلحة كلها كان القرار بتاعها لا لن نفتح نيران علي الشعب.. وكان هذا هو القرار: وهنا تعالت أصوات التصفيق في القاعة من جميع الحضور. وهنا يتبادر إلي الاذهان سؤال مهم وهو: اذا كان السيد المشير وجميع اعضاء المجلس العسكري بلا استثناء رفضوا إطلاق النيران علي الشعب فمن إذن صاحب الأمر الذي تم رفضه؟ هذا ما ستجيب عنه جلسات المحاكمة.. اللواء سيد هاشم المدعي العام العسكري الأسبق يؤكد ان هذه هي أول مرة يتم فيها استدعاء القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الأركان في شهادة أثناء وجودهما بالخدمة ويعتبر الخبير القانوني والعسكري ان هذا الطلب وهذه الاستجابة تمثل وجها مشرقا للثورة وتاريخا لإعلان مصر دولة قانونفما نراه اليوم في هذه القضية هو أعلي مايمكن ان يكون من احترام القضاء كسلطة في هذه الدولة وهذا النظام وهو مانعتبره مرحلة تحول ديمقراطي واستكمال منظومة بناء دولة القضاء في الدولة الديمقراطية التي يتم وضع أسسها بدقة وتحولا ايجابيا خطيرا في منحني الثورة. وأضاف في تعليقه علي استدعاء المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة والفريق عنان للشهادة في قضية قتل المتظاهرين ان هناك تقليدا دأبت عليه القوات المسلحة وربما لايلتفت إليه الكثيرون وهو إعلاء قيمة القاضي وأن المحاكم العسكرية عندنا كيانات قانونية لها احترام وقدسية, فعندما يتم استدعاء أي ضابط للشهادة أو التحقيق في قضية عسكرية يقدم للقاضي التحية العسكرية حتي لو كان أقل منه في الرتبة وهذا التقليد العسكري الموجود في القوات المسلحة إنما يظهر أن الكيانات القضائية لها سمة من التقدير والاحترام والهيبة, وهذا جزء موجود داخل كل ضابط من احترام وتقديس لسيادة القانون. وحول الإعلان عن استدعاء المشير طنطاوي, يري الخبير القانوني والعسكري ان قرار المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة باستدعاء المشير طنطاوي والفريق عنان والنائب عمر سليمان للشهادة هو تقدير لجدوي هذه الشهادة وملاءمة سماعها ليكون عقيدة صحيحة بشأن الثبوت في دعوي قتل المتظاهرين, فلم يتردد في استخدام حقه, ويقيني أن طلبه سيلقي التقدير الكامل من المشير طنطاوي الذي يمثل الآن رمز القيادة للدولة وأكد اللواء سيد هاشم الخبير القضائي العسكري أن قانون الإجراءات الجنائية الذي يطبقه السيد المستشار أحمد رفعت يقضي بأن استدعاء عسكريين لسلطات مدنية يكون عن طريق هيئة القضاء العسكري إلا اذا تم التعامل مع الموقف كتقدير لمخاطبة المراسم العسكرية مباشرة باعتبار المشير يمثل رئيس البلاد حاليا وهو ما تم بالفعل بالإعلان عن قيام النائب العام بإرسال الاستدعاء مباشرة للشهود. وعن السيناريوهات المحتملة لشهادة طنطاوي وعنان وسليمان, يقول المدعي العام العسكري الأسبق لو طلب من رجال القضاء العام الشهادة يقومون بكتابة تقرير بالشهادة بعد إرسال الاسئلة كتابة ولايحضرون الجلسة حضوريا, ولكن لا أتصور أن هذا ماسيحدث لأننا أمام ظاهرة هي الأولي من نوعها فالمتهم هو رئيس مصر السابق والشاهد هو رئيس مصر الحالي, وأتصور ان التقدير سيكون بحضور المشير وعنان الي المحاكمة, ولا أعتقد ان النيابة العسكرية هي التي ستتولي الاستماع لشهادة طنطاوي وعنان خاصة مع إعلان رئيس المحكمة سرية جلسات الاستماع لهذه الشهادات التي ستحدد سير القضية وقد تحسمها تماما وان غدا لناظره قريب.