شهدت الساحة التشكيلية مؤخرا إقامة معارض جماعية لفنانات كاريكاتير، ناقشن خلالها مجموعة من الموضوعات الحيوية المرتبطة بالمرأة ومن بينها قضية التحرش، وتم الإعلان عن تأسيس رابطة رسامات الكاريكاتير التي بدأت بأربع وعشرين عضوة وصل عددهن إلي سبع وثلاثين في فترة وجيزة، وقد أقامت الرابطة معرض النص الحلو، ومعرض ضد التحرش، وتستعد الرابطة لتنظم معرض أنا وحماتي عن علاقة الزوجة بحماتها وكذلك معرض عن زواج القاصرات. داليا مختار رسامة كاريكاتير ومؤسسة رابطة رسامات الكاريكاتير تقول: في الوقت الحالي نجد رسامة الكاريكاتير في كل مكان، فقد كان الرجل فيما مضي يعتبرها مهنته، وكانت كل الصحف تحجز وظيفة رسام الكاريكاتير للرجل خاصة وهو مجال يتطلب الكثير من الاحتكاك مع المجتمع ومع الأوضاع الراهنة والقضايا الشائكة، وربما ظلت المرأة بعيدة عن هذا المجال نظرا لظروفها وللأعباء الملقاة علي كاهلها كزوجة وأم، إلا أنه مع تغير المشهد ومع الانفتاح وثورة الانترنت أصبحت الأمور أسهل كثيرا سواء في متابعة الأحداث أو مشاركة الأعمال الفنية أو التواصل. وقد بدأ الأمر مع داليا كهواية تطورت للاحتراف إلا أنها في الغالب تبتعد عن الموضوعات السياسية وتهتم أكثر بالقضايا الاجتماعية، وعن دخولها لعالم الكاريكاتير تقول مختار : أحببت هذا المجال لأنني أعبر بحرية عما يدور في ذهني وعن رؤيتي في الحياة من خلال البسمة أو التعليق الساخر. أما فكرة تأسيس رابطة لرسامات الكاريكاتير فتحكيها داليا قائلة: بدأ الأمر بتنظيم ورشة كاريكاتير بدار الأوبرا ضمت 28 فناناً وفنانة، وقررنا أن نقيم معرضا لنتاج الورشة، ثم فكرنا في إقامة معرض النص الحلو بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الموافق 8 مارس، لكنني شعرت أن ضم المعرضين سيظلم معرض النص الحلو، لذا قررت الفصل بينهما ثم بدأت البحث عن رسامات الكاريكاتير علي الفيس بوك وأرسلت دعوات لكل الفنانات اللائي لديهن حس كاريكاتيري،وقد ناقش المعرض كثيراً من القضايا المتعلقة بالمرأة والمشكلات التي تؤرقها في العمل ومع زوجها ومع الجيران وبالفعل تمكنت من تجميع 300 عمل وتم الإعلان عن تأسيس الرابطة يوم افتتاح المعرض وهو اليوم الموافق لليوم العالمي للمرأة. وإذا كانت داليا قد فضلت الموضوعات الاجتماعية في أعمالها، فإن كثيراً من رسامات الكاريكاتير خضن كذلك في الموضوعات السياسية وشققن طريقهن إلي عالم الصحافة، حيث تقول هويدا إبراهيم، التي تعمل في جريدة البرلمان العربي، وهي كذلك إحدي مؤسسات رابطة فنانات الكاريكاتير، إن المعيار الوحيد الذي يمكن الارتكان إليه هو جودة العمل، حيث لا يوجد فوارق بين رسام الكاريكاتير الرجل والمرأة، وأنا أري أن المرأة قادرة علي خوض هذا المجال، بل إنها أقدر علي التعبير عن القضايا التي تمسها والتي تعاني منها كالتحرش مثلا، ولذا نحن نعد حاليا لمعرض عن زواج القاصرات وسوف نجوب به محافظات مصر. وتضيف هويدا إن هناك مشكلات كثيرة يمكن التعبير عنها برسمة صغيرة، بل يكون لها من القوة ما يفوق مقالاً، ولذا جاء التفكير في إقامة معرض ضد التحرش، خاصة بعد التغير الجذري في سلوكيات المجتمع، وما نراه في الشارع المصري لأول مرة، وهو موضوع يمس المرأة وتعاني منه أكثر من الرجل. تخرجت هويدا في كلية التجارة، إلا أن مجال الكاريكاتير استهواها جدا ، ففي 2006 بعد التحاقها بدورة فنية نصحها زملاؤها بالاتجاه للكاريكاتير نظرا لحس الدعابة لديها وبالفعل بدأت عملها بجريدة ريشة، حيث لم يكن هناك فتيات كثيرات آنذاك يعملن بالكاريكاتير، وقد تنقلت بعد ذلك بين عدة صحف كان من بينها فيتو، والميدان والجماهير. ومن جانبها تري أمينة كامل أنه ليس هناك فارق بين رجل وامرأة في فن الكاريكاتير المهم هو الرؤية والحس النقدي والفكاهي، وكذلك القدرات الفنية المتعلقة بالرسم والتعبير، وأشارت إلي أن رسام الكاريكاتير لابد أن يتصف بالثقافة والإطلاع ويكون في حالة تعطش للتعلم والمعرفة المستمرة في شتي المجالات، فمجال الكاريكاتير يحتاج وعياً بالموضوع الذي يتم الرسم فيه وكذلك رصد دائم للأحداث. وتري أمينة أن رسام الكاريكاتير دوره أخطر من الكاتب لأن رسالته تصل أسرع كما أنها لا تحتاج في الغالب إلي ترجمة، ولذا فإن الرسومات الكاريكاتيرية بمثابة جواز سفر لكل الدول. أمينة خريجة فنون جميلة، وكانت منذ طفولتها مولعة برسومات كتب المدرسة الفرنسية التي كانت تدرس بها، وكذلك بالقصص المصورة التي كانت تتضمنها تلك الكتب كقصص الحيوانات وكثيرا ما كانت تقوم بتقليدها، كما أنها كانت تحرص علي متابعة رسومات الكاريكاتير في الجرائد والصحف حيث تقول: كنت كثيرا ما أشاهد رسومات الفنان مصطفي حسين، وكنت أيضا من عشاق صلاح جاهين. عرضت أمينة أول رسمة كاريكاتورية أثناء دراستها بالكلية حيث أقامت الكلية معرض صور وكاريكاتير عن فلسطين، وبعد ذلك توجهت أمينة لرسوم الكارتون ورسومات الأطفال وعملت بها، أما العمل الاحترافي في مجال الكاريكاتير فبدأ من خلال جريدة الدستور التي عملت بها لفترة قبل أن تتركها لتستكمل عملها من خلال بوابة روزا الاليكترونية، إضافة إلي مشاركتها في المعارض الفنية المعنية بفنون الكاريكاتير ومشاركة أعمالها علي الفيس بوك. وعن المواقف التي لا تنساها أمينة كامل من خلال عملها في مجال الكاريكاتير، وجودها في ميدان التحرير أثناء الثورة ، حيث كانت انتهت من عدة رسومات، وفجأة خطفهم شخص منها، قبل أن يقوم بتصويرهم وتوزيعهم علي الناس في الميدان. وربما أعطي الفيس بوك وقنوات التواصل الاجتماعي الفرصة لكثير من فنانات الكاريكاتير الإعلان عن موهبتهن وإيجاد متنفس لأعمالهن، حيث تخرجت الفنانة نورا مكرم من كلية الفنون الجميلة قسم الديكور، وعملت بالديكور والتدريس ورسوم كتب الأطفال الدينية والكتابة الأدبية ببعض المجلات،إلي أن انتقلت من المنيا إلي القاهرة، ومع وجود الفيس بوك وجدت أمامها فرصة كبيره لنشر أعمالها الكاريكاتورية والإطلاع علي أعمال الآخرين. وعن صعوبة المهنة تقول نورا مكرم إنه رغم روعة مجال الكاريكاتير إلا إنك قد تصطدمين بالمسئولين لطبيعة الكاريكاتير النقدية فالواقع كثيرا ما يكون مؤلماً وهو أمر يواجه الرجل والمرأة علي السواء، وتضيف اجتذبني فن الكاريكاتير لأنه يقوم علي السخرية من الواقع بهدف تغيره .. وتسليط الضوء علي الجيد بهدف نشره، وهو من الفنون التي تصل بسهولة لعقل وقلب الإنسان مهما كان مستوي تعليمه. وقد بدأت نورا احتراف الكاريكاتير من خلال عملها في جريدة الدستور اليومية منذ أغسطس 2013 ، وخلال عملها تعرضت للكثير من القضايا مثل التحرش، والتلوث، والإرهاب، وزواج القاصرات، والفقر، والغلاء، والقضية الفلسطينية. وتري نورا أن وجود المرأة خارج هذا المجال لفترة طويلة نابع من عدم محاولة المرأة جديا دخول هذا المجال، إلا أنها عندما قررت ذلك تمكنت من تحقيق هدفها، الأمر الذي أكدت عليه ياسمين مأمون قائلة إن المرأة قادرة علي النجاح في أي مجال بالإصرار والعزيمة، وربما ظلت المرأة بعيدة عن مجال الكاريكاتير لفترة لأنه مجال يعتمد علي الجرأة في الخط والأفكار وكان من الصعب علي المجتمع المصري أن يتقبل أن يكون أساس عمل المرأة الجرأة. وتضيف ياسمين ربما يحدث أحيانا أن يخلط الناس بين طبيعتي الشخصية وبين مجال عملي فجرأة الرسومات لا تعكس طبيعة شخصيتي الخجولة . ولم تكن ياسمين مأمون تفكر في دخول المجال إلا أن طبيعة شخصيتها المرحة وحبها للرسم دفعها لخوض مجال الكاريكاتير، وقد كانت ياسمين ترغب في الالتحاق بكلية فنون جميلة إلا أن مجموعها لم يمكنها من ذلك فقررت أن تبحث عن البديل وبعد التخرج التحقت بكلية فنون جميلة (دراسات حرة). تضيف ياسمين في 2010 كان الفنان الكبير عمرو سليم يتولي تدريبي وعرض علي إعارة في مدرسة صباح الخير لأنها مدرسة من أهم مدارس الكاريكاتير في مصر وبالفعل التحقت بالتدريب ثم استكملت رحلتي من خلال العمل بها. وتتذكر ياسمين أول موضوع شائك تتعرض له مع بداية عملها كان عن طلب الخطيب لخطيبته شهادة العذرية وهو القضية التي طرحها فيلم بنتين من مصر، وتقول بالطبع كنت مترددة في البداية لكن بعد ذلك قل الخوف وزادت جرأتي وثقتي بموهبتي. وتحرص الفنانة ياسمين مأمون أيضا علي المشاركة في المعارض الفنية المعنية بفن الكاريكاتير، ولعل إحدي المحطات المهمة في حياتها الفنية معرض عام علي الرئيس المدني المنتخب وقد تم تنظيم هذا المعرض بعد مرور عام علي تشكيل فريق الكاريكاتير بجريدة الشرق بقيادة الفنان عمرو سليم والذي كانت ياسمين واحدة من أعضائه، وقد تزامن هذا مع مرور عام علي انتخاب أول رئيس مدني فقررنا أن يكون هو موضوع المعرض وقد حقق المعرض نجاحا جماهيريا مدويا. ولعل مقولة من شابه أباه ما ظلم تنطبق علي رغداء جواد التي تقول إن الكاريكاتير كان حلمها منذ الصغر فهي ابنة رسام الكاريكاتير جواد حجازي، وتضيف :بحكم اقترابي الشديد وانصهاري بهذا العالم كنت أحلم بخوض التجربة، إلا أنني درست الهندسة المعمارية ثم عملت في مجال الديكور احد عشر عاما قبل اتخاذ القرار باحتراف هذا الفن . وتري رغداء أن دخول المرأة مجال الكاريكاتير هي خطوة صعبة جدا ولكنها مهمة.. فالمرأة هي خير من يعبر عن المرأة ولها منظور مختلف في تناول القضايا ومعالجتها برؤية جديدة وقد تمس أفكارها مناطق مظلمة بالنسبة للرجل وذلك بحكم اختلاف وضعها ومعاناتها خاصة في مجتمعاتنا الشرقية . أما بدايتها الفعلية مع عالم الكاريكاتير الساحر فكانت من خلال ورشة لتعليم فن الكاريكاتير بالتحرير لاونج تحت إشراف الفنانين سمير عبد الغني ومحمد عفت ، تقول رغداء: بعد الانتهاء من الورشة بدأت رحلة البحث عن أسلوبي الخاص سواء علي مستوي الفكرة أو الخط وعملت علي تقوية نقاط الضعف والفنيات لدي. وقد نشرت الكثير من أعمال رغداء بأبواب الهواة في الأهرام والرأي والمسائية وروز اليوسف و حاليا تنشر أعمالها بمجلة الدوار .