حددت دراسة أكاديمية - لأول مرة - ملامح ووظائف خطاب الصفات النصية في قصص يوسف ادريس القصيرة كواقع استراتيجية في النص، سواء كانت في شكل العنوان أو الفواتح والنهايات أو في الهوامش، وأوضحت الدراسة الدلالات الغنية، بهذه العقبات من حيث قدرتها الفنية علي انتاج خطاب يمتد من النص إلي العالم ومن العالم إلي النص، ومن حيث مقدرتها علي ارسال وميض قوي لفتح الكثير من مجاهل النصوص.. الدراسة بعنوان »البناء الفني في القصة القصيرة من »يوسف ادريس«. وتقدم بها الزميل مجدي العفيفي وحصل عنها علي درجة الماجستير بامتياز في كلية الآداب جامعة القاهرة. وقد خص الباحث الفصل الأول - من فصول الدراسة الثلاثة، بعنوان خطاب العتبات كمواقع استراتيجية في النص، فتناول خطاب العنوان سواء كان العنوان للمجموعة القصصية أو للنصوص، ويري الباحث أنه يشكل خطابا افتتاحيا تتجاور أنواعه لاتتداخل وظائفه، وتتجادل مستوياته في تعددية فنية عبر مسارات أبنية النص. أما الفصل الثاني من الدراسة فقد اتخذ مادته من بنية الشخصية كصانعة للحدث بمفهومها الشامل، وكبنية مركزية في النص، يكتشف من خلالها جوهر الشخصية فيما تمارسه من وظائف محددة، باعتبارها وحدة دلالية، وكفاعل في العبارة السردية، وفي هذا الفصل ألقي الباحث الضوء علي نوعية الشخصية وشرائحها وتمايزها وأنماطها. وفي الفصل الثالث والأخير سعي الباحث إلي انشاء جدلية مع النصوص لاستنطاق محتواها، وسبر أغوارها وبيان دلالتها التي تتجدد مع كل قراءة وفيه عالج الباحث قضية الحرية كما طرحتها نصوص يوسف ادريس، حيث تشكل الحرية كقيمة انسانية مرتكزا اساسيا للرؤية التي تنتظم أعماله، سواء أكانت حرية سياسية أو فردية أو جماعية. ولم يفت الباحث أن يظهر قيمة الحب كدلالة من دلالات الرؤية كعاطفة كونية، وكمدار أساسي من مدارات العلاقات الانسانية، وكقانون وجودي ينتظم الخيوط الرفيعة بين الذكر والانثي، فهو قوة خلافة ومعادل للحياة عن يوسف ادريس. وقد أشار الباحث في ملاحظة مهمة إلي أن الطبعات الحديثة للأعمال الكاملة الصادرة (دار الشروق ونهضة مصر) قد أسقطت ثلاثة نصوص كانت تضعها مجموعة (العسكري الأسود) الصورة الصادرة عام 2691، وهي الرأس، انتصار الهزيمة، المارد، واكتفت بنشر رواية (العسكري الأسود) بمفردها، وأن هذه الطبعات لم تهتم بذكر تواريخ نشر كل مجموعة وطباعاتها لأول مرة، كما تجاهلت ذكر عدد الطبعات السابقة وتواريخ النشر وأماكنه، مشيرا إلي أن مجموعة (البطل) التي نشرت لأول مرة في يناير 7591، قد ضمت اعلانا ترويجيا عن مجموعة كتب كانت دار الفكر قد نشرتها في نهاية المجموعة بعنوان (دراسات سوفيتية)، ولما أعيدت طباعة المجموعة عام 8002، نشر الاعلان علي أنه نص ليوسف ادريس (ص 18 طبعة نهضة مصر)، وهو نص بلا هوية، وليس مقالا، كما أنه ليس قصة، ولايحمل أية اشارة لها دلالة سوي انه مجرد اعلان تجاري. وفي النهاية توصل الباحث إلي أن ادريس اتخذ من فن القصة القصيرة شكلا أدبيا مناسبا لتحقيق رسالته، يتجلي ذلك في مقدرته علي اقتناص لحظة اكتشاف فارقة وخاطفة والتعبير عنها في كلمات، كما يتكيء يوسف ادريس في قصصه القصيرة علي الواقعية بمعناها الانساني العظيم كمنهج للتشكيل الفني المناسب لرؤاه وأكدت الدراسة أنه لايكفي - فقط - ليوسف ادريس ككاتب، أن تكون له رؤاه الواضحة، ومقاصده الواعية، بل له أيضا رؤاه الجمالية التي تصبغ بألوانها الخاصة أعماله القصصية، وأوضحت أن كفاح نصوص يوسف ادريس الفني يتجلي من أجل الشخصية الانسانية، ومن خلال تصوير أنماطها تتكشف تناقضات الوجود الانساني. وأخيرا أثبتت الدراسة أن أعمال يوسف ادريس تجدد نفسها مع كل قراءة كاشفة، من حيث انفتاحها في مظاهرها الدلالية، ومن حيث قدرتها علي تشكيل جدلية مستمرة بين فن يدعو إلي التفكير، وفكر يحقق الفن، كما استطاع يوسف ادريس من خلال فنه أن يكسر القشور الصلدة لكثير من المحرمات والممنوعات والمحظورات في النفس والمجتمع والضمير، باستنطاق المسكوت عنه، واقتحام اللا مفكر فيه، في الدين والسياسة والأخلاق والمجتمع، وانتزاع الأقنعة وتجريد العقل من الأوهام. أشرف علي الرسالة الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي، الذي علق علي الدراسة بقوله: نحن نناقش الليلة رسالة ماجستير تبحث وتدرس في اكثر من مائة قصة قصيرة ليوسف ادريس، وهو عالم فني وابداعي متسع، وهذه تعد جريمة يرتكبها الطالب والاستاذ، ومشيرا إلي أننا لم نعرف بعد يوسف ادريس، سواء في حياته أو بعد مماته، وأن كتابة القصة بعده أصبحت قليلة باستثناء مجموعات ليحيي الطاهر عبدالله. وقد اختلف د. الحجاجي مع لجنة المناقشة د. مدحت الجيار في مطالبته الباحث بالتعرض لنشأة يوسف ادريس الريفية، كما اختلف مع د. سليمان العطار في مطالبته للباحث بالتعريف بفن القصة القصيرة في بداية الرسالة.