تعد مكتبة الأزهر الشريف أحد أهم مراكز الحفاظ علي التراث الإنساني فهي واحدة من أقدم مكتبات العالم، حيث إن وجودها ونشأتها يرتبط بنشأة الجامع الأزهر الذي يزيد عمره عن ألف عام، وقد شهدت المكتبة تطورًا كبيرًا منذ نشأتها فكانت في بدايتها تشغل قاعة واحدة في الجامع الأزهر ثم نقلت إلي المبني الحالي بالدراسة عام 1995م، كما تشهد تطورًا وتحولًا آخر في استخدام التقنيات الحديثة في أداء خدماتها وأنشطتها المختلفة، وقامت بتنفيذ عدد من المشروعات العلمية والتعليمية التي تجعلها إحدي منارات الأزهر الشريف وأدواته الفاعلة في الحفاظ علي التراث العربي والإسلامي ونشر الثقافة الإسلامية. خلال شهور ويوضح عبدالمجيد أحمد، مدير المكتبة أنه تم الانتهاء من الجانب الإنشائي والشكل الأساسي للمبني ولم يتبق سوي بعض الرتوش والعمليات النهائية، وسوف يتم افتتاح مبني المكتبة الجديدة في غضون شهور قليلة إن شاء الله، كما أنها تحظي بالدعم الكامل من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وتضم المكتبة بين جنباتها العديد من الإدارات والأقسام الكبيرة التي تضاهي بها أحدث المكتبات العالمية، فيوجد بها إدارة مخصصة لترميم المخطوطات والمطبوعات، وإدارة للرقمنة، وإدارة للفهرسة، وإدارة للتزويد، وإدارة للتعاون الثقافي، وإدارة للعلاقات العامة والإعلام، بالإضافة إلي ذلك فهناك مقترح بأن يكون للمكتبة مراكز متخصصة في تحقيق التراث وفي التاريخ ومركز متخصص في ترجمة أمهات الكتب، بالإضافة إلي الأقسام الإلكترونية مثل قاعات البحث في المخطوطات، وقاعات لعرض الرسائل الجامعية إلكترونيا، وتابع أنه يوجد بالمكتبة قواعد لبيانات المطبوعات وأخري للمخطوطات بدأ العمل بها سنة 2001م، وعدد العناوين المطبوعة بالمكتبة 110 آلاف عنوان تقع في 300 ألف مجلد. كنز المخطوطات وأوضح عبد المجيد أن المكتبة تضم كنزا من المخطوطات العربية القديمة ويُقدر عددها خمسين ألف مخطوط، أتت إلينا من أروقة المغاربة والشوام والأتراك والسنارية والحرمين، وكذلك يوجد بالمكتبة العديد من المكتبات الخاصة مثل مكتبة الأحمدي، ومكتبة الإسكندرية، ومكتبة معهد دمياط، فكل هذه المكتبات تزخر بالعديد من المخطوطات النادرة والمطبوعات، مثل: غريب الحديث لابن سلام وهو مخطوط ألفوي مر علي نسخه أكثر من ألف عام، بالإضافة إلي مخطوط السرعة في القراءات السبعة. وأشار إلي أن المكتبة تضم 803 مصاحف نادرة متنوعة الخطوط ما بين الخط المغربي والكوفي والديواني، بالإضافة إلي العديد من المخطوطات في مختلف الفنون الثقافية، مثل الطب والفلك والهندسة، ومخطوطات فريدة من نوعها مثل رسوم الخلافة للحراني، وكذلك العديد من المطبوعات النادرة مثل كتاب القانون في الطب لابن سينا. إدارة الترميم ويتابع عبد المجيد أنه تم إنشاء إدارة للترميم بالمكتبة عام 2005م بالتعاون مع مؤسسة جمعة الماجد حيث تم تدريب مجموعة من المتخصصين وتم تجهيز القسم ليضم عددا من المعامل للترميم وإمداده بأحدث الأجهزة والمعدات العلمية، وتشتمل إدارة ترميم المخطوطات والمطبوعات والوثائق علي أربعة معامل: معمل الترميم اليدوي، ومعمل الترميم الآلي، ومعمل المعالجات الكيميائية، والتجليد والحفظ.. ويضيف أنه تم بالفعل ترميم ما يزيد علي 42 ألف ورقة ما بين مخطوط ومطبوع، وترميم 125 غلافا جلديا للمخطوطات، وإجراء عمليات التوثيق والتعقيم والتنظيف للمخطوطات والمطبوعات قبل عمليات الترميم، وإعداد 250 علبة حفظ للمطبوعات والمخطوطات، وإعداد مشروع حصر وتقييم لحالات المخطوطات بالمكتبة، كما تم ترميم 34 خريطة مختلفة المقاسات، وتوثيق 150 خريطة أخري، حيث تعود أقدم خريطة لعام 1266ه / 1850 م.. وكذلك تم تجليد 8 آلاف كتاب ما بين تجليد عربي وأفرنجي للمخطوطات والمطبوعات. تنقية التراث وأضاف عبد المجيد أن المكتبة تتعاون مع بعض الجهات والهيئات والمؤسسات والقطاعات التابعه لمشيخة الأزهر الشريف مثل مكتب تحقيق التراث وبعض الإدارات التابعة لهيئة كبار العلماء بالإضافة إلي مجمع البحوث الإسلامية ولجانه المختلفة المتعلقه بالحديث أو التفسير أو السيرة النبوية أو الفقه.. وتابع أن هناك لجانا مُشكلة بقرار من وكيل الأزهر الشريف وتضم مجموعة كبيرة من أساتذة جامعة الأزهر، ومهمتها فرز وتنقية الكتب بما يتوافق مع مفاهيم الإسلام ومنهجه الوسطي ومنهج الأزهر الشريف.. ولأن الأزهر يضم طلابا من أكثر من مائة دولة بمدينة البعوث الإسلامية، فإن المكتبة تعتمد علي مركز الأزهر للترجمة، ونحن بصدد إنشاء قاعة خاصة للكتب الأجنبية داخل المكتبة الجديدة. وعن التنسيق المعلوماتي والفني بين مكتبة الأزهر وباقي المكتبات المصرية، أوضح عبد المجيد أنه يجري الإعداد لهذه المهمة من خلال إدارة تسمي بإدارة التعاون والتبادل الثقافي وتكون مهمتها الانفتاح علي كل المكتبات سواء داخل مصر أو خارجها بالإضافة إلي الجامعات لكي يتحقق النفع العام بما تتضمنه المكتبة من كنوز. مشروع الذاكرة وأكد عبد المجيد أنه يتم العمل علي مشروع لحفظ ذاكرة الأزهر الشريف، وهو إحدي ثمار التعاون بين الأزهر متمثلا في مكتبته ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري التابع لمكتبة الإسكندرية وترجع فكرة المشروع إلي الأستاذ مهدي شلتوت، ويعد هذا المشروع الأول من نوعه الذي يعمل علي توثيق تراث الأزهر الشريف وتاريخه حيث يهدف إلي رصد جهود الأزهر في الحفاظ علي الهوية الإسلامية في مختلف بقاع العالم وعلي مر العصور وتقديم مصدر موثق للمعلومات عن تاريخ الأزهر.