علي مدار خمسة أيام أقامت إدارة الترميم بمكتبة الأزهر ورشة عمل لنشر الوعي الثقافي بتراثنا التاريخي والحضاري وتعريف المعنيين بحفظ التراث بالطرق المثلي لعمليات حفظ وصيانة المقتنيات التراثية وشارك فيها 21 متدرباً من مختلف الأعمار السنية والتخصصات وتعد هذه الورشة الأولي من نوعها بمصر. يقول عبدالمجيد أحمد "مدير عام مكتبة الأزهر" المكتبة من أهم المكتبات التراثية التي تحتوي علي أكثر من 50 ألف مخطوطة وكتاب ومطبوعة تعد كنوز التراث الإنساني علي مر العصور وخلاصة الفكر والاجتهاد لكبار العلماء من مختلف المذاهب الفقهية والعلمية التي كتبت بخط اليد بخلاف ما تم طبعه علي الحجر وهذا الأخير كان بداية الطباعة ومن ابرز المقتنيات بالمكتبة كتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" لزكريا بن حمد بن محمود القزويني وهو عالم وجغرافي ويتناول هذا الكتاب وصف السماء وما فيها من كواكب وأبراج وحركتها وما ينتج عنها من فصول السنة ويتناول فيه أيضاً تضاريس الأرض وما بها من بحار وانهار ونبات وحيوان وكذلك كتاب "حياة الحيوان" لمحمد بن موسي بن عيسي بن علي الملقب بالدميري وهو مولود بمصر وانتهي من تأليفه عام "773هجرية". ولابن سينا كتاب "القانون للطلب" وهذا المؤلف مطبوع علي الحجر ويوجد منه 4 نسخ فقط علي مستوي العالم منها اثنان بالمكتبة وآخران بلندن موضحاً أن الحفاظ علي التراث يتطلب جهداً ومثابرة وعلماً لذا تم إنشاء إدارة الترميم للحفاظ علي التراث الإسلامي والعلمي والعمل علي محاولة إعادة الشيء إلي اقرب شكل كان عليه قبل إصابته أو تدهور حالته لإبراز القيم الفنية والجمالية والتاريخية للمخطوط. ويضيف مجدي حامد "مدير إدارة الترميم" مكتبة الأزهر تمتلك كماً هائلاً المخطوطات النادرة والتي يزيد عمرها علي ألف عام وهذه المخطوطات كانت تتعرض بفعل الزمن وعوامل الطقس من حرارة ورطوبة وأتربة إلي التلف فكان من الضروري إنشاء إدارة خاصة بترميم المخطوطات والمطبوعات بالمكتبة فتم إنشاء إدارة الترميم عام 2005 بمجهود وإشراف مركز جمعية الماجد للتراث والثقافة بالإمارات وبدأ العمل الفعلي داخل إدارة الترميم عام 2006 وتضم إدارة الترميم حاليا عدداً لابأس به من المتخصصين في مجال الترميم. وقد قامت إدارة الترميم خلال الفترة من عام 2005 إلي عام 2016 بترميم عدد 7685 ورقة ترميم يدوي. ومن أهمها مخطوط "سيرة عمر بن عبدالعزيز" و"ترميم جلد مخطوط جامع الصحيح" وترميم عدد "42 ألف" ورقة ترميم آلي ومن أمثلتها ترميم "ربعة قرآن" وتم تجليد عدد "2070" كتاباً وسجلاً وتوثيق عدد "145" خريطة ومن أقدمها "خريطة الخرب بين الروس والترك" والتي تعود لعام 1877م كما تم ترميم عدد 34 "خريطة مديرية الفيوم" التي تعود لعام 1882م. ويشير مجدي إلي أن أدارة الترميم تقدم الخبرة والمعرفة والتدريب النظري والعملي للطلبة وأخصائي المكتبات والمهتمين بمجال المكتبات وحفظ التراث والمتخصصين بدراسة التاريخ الإسلامي. ويوضح مجدي أن الترميم هو عملية تكنولوجية دقيقة ذات عرف موحد عالمياً وتحتاج إلي مهارة فائقة وينقسم الترميم إلي ترميم يدوي والذي يعد من أغلي أنواع الترميم لما يحتاجه من حرفة ومهارة وذوق فني رفيع حيث تعتمد المخطوطات النادرة التي تحتاج إلي إرجاعها إلي أصلها إلي مهارة الفني المختص. ويشير إلي أن النوع الثاني هو الترميم الآلي ويستخدم في حدود ضيقة بالنسبة للمخطوطات وبشكل اكبر من المطبوعات وينقسم إلي ترميم باستعمال "معلق لب الورق في الماء" وتعتمد علي استخدام معلق لب الورق المضروب جيداً في الماء حيث يتم وضع المطبوعة المراد ترميمها في الجهاز المعد لها وغمرها بالماء لتنظيفها ثم يتم صب معلق لب الورق ليمتص في الثقوب والمساحات الناقصة ليكون مساحات ورقية ثم يأتي بعد ذلك مرحلة التجفيف تحت ضغط معين للحصول علي النتيجة النهائية للترميم. ثم تأتي عملية التقوية بالرقائق وتتم هذه العملية أساسا للمطبوعات والجرائد والوثائق وفي حدود ضيقة للمخطوطات شديدة التلف التي يصعب ترميمها بالطرق اليدوية وتعتمد علي التقوية بلصق رقائق شفافة علي سطح الورق فتجمعه وتقويه في صورة مساحية ثابتة. ويوضح أن النوع الثالث هو الترميم بالمعالجة الكيميائية حيث يستخدم المعالج الكيميائي في تنظيف وتخليص الأوراق والجلود مما علق بها من أتربة وآثارالأقلام والتخلص من الفطريات وبويضات الحشرات المختلفة ويتم تحديد نوع المعالج بعد تحديد نوع الورق وحالته. وتوضح نهلة محمود "أخصائي ترميم" إن تسجيل وتوثيق المخطوط يعد من أهم الطرق للحفاظ علي قيمته وأصالته التاريخية ويتم ذلك من خلال استخدام أجهزة الفحص المختلفة مثل "الميكروسكوبات المختلفة الأنواع والاستخدامات وذلك للتعرف علي مظاهر التلف ومعرفة الأحبار المستخدمة في الكتابة ونوعية الورق ثم تأتي عملية التسجيل والتوثيق من خلال استمارة التسجيل وفيها بيانات الوصف المادي ومظاهر التلف وخطة العلاج ثم يأتي التوثيق الفوتوغرافي بواسطة كاميرات خاصة. يشير محمود عبدالناصر "أخصائي ترميم" إلي أن المعالجة الكيمائية يتم اللجوء إليها في حالات معينة لأنها عملية معقدة وتستخدم في معالجة المخطوطات والمطبوعات والأغلفة الجلدية وتحتاج هذه العملية إلي مختص علي دراية كبيرة وخبيرة جيدة بجميع المواد الكيميائية التي تستخدم في علاج المقتنيات لان أي خطأ قد يزيد من تلف تلك المقتنيات أو فقدها تماما ويتم تحديد نوع المادة المستخدمة والنسب المناسبة في المعالجة طبقاً لمظاهر التلف التي تصيب المقتني ويتم تحديد طريقة الترميم إما "بالغمر أو الرش أو الفرشاة". وفاء محمود "أخصائي ترميم" أن التجليد يعد من مراحل ترميم المقتنيات التراثية وتتضمن خياطة لملازم المخطوطات والمطبوعات ثم عمل حبكة لزيادة تثبيت الخياطة وهذه المراحل تتطلب مهارة وتركيز شديد مع ملاحظة مراجعة ترقيم الصفحات حتي لاتتم الخياطة والصفحات غير مرتبة ثم يتم تسوية حواف الملازم وأطوالها وعرضها. ثم تأتي مرحلة الحبكة والتي يكون الهدف الأساسي منها هو زيادة متانة وتثبيت عملية الخياطة لملازم الكتاب وتتم باستخدام لونين أو أكثر من الخيوط حتي تضيف مظهر جمالي للمقتنيد من أعلي وأسفل. ثم مرحلة التجليد هي الأغطية الواقية وهياكل الكتب التي في شكل مخطوطة وعملية تجميع صفحات كتاب بين غلافين من الجلد أو من غيره بهدف حماية صفحات المخطوط أو المقتني من التمزق والتلف ويتم استخدام جلد من نفس نوع جلد المقتني طبقا للعصر الذي ينتمي إليه أن كان الغلاف مفقود أما إن وجد وأمكن ترميمه يتم ترميمه ويجب أن يكون لون الجلد قريب من لون المقتني وتتم عملية التجليد بعدة أدوات منها "الجلد الذي سيستخدم - المقص - المسطرة - أداة حادة لترقيق الجلد - المادة اللاصقة - الكرتون - الكاتر".