تامر عبدالقادر منظومة التموين، حائرة وتائهة بين شارعي القصر العيني وضريح سعد زغلول، وكأن الأقدار كتبت عليها »الكعب الداير».. إلا أن الفترة الماضية كشفت عن وجود أياد خفية تعبث في المنظومة فتحذف أفرادا في بطاقات، وتضيف آخرين في بطاقات أخري، وتحرم من يستحق، وتمنح من لا يستحق، »دون وجه حق».. وحقق أصحاب هذه الأيادي الخفية الثروات الطائلة. المواطن، وحده هو من يتذوق الأمرين، فهو الضحية الرئيسي للمنظومة، باعتباره حقل تجارب الدولة التي تغير النظام بين الحين والآخر حتي توفر له الدعم، فهو من يدفع ثمن التجارب »وحده» من أجل إنجاح المنظومة الحكومية.. ومن بين ضحايا بطاقات التموين، الشاذلي، وهو رجل خمسيني، استيقظ يوما علي كابوس حذفه من بطاقته التموينية، واستبداله بآخر سبعيني، لا يمت له أو أسرته بأي صلة من قريب أو بعيد، لكن العشوائية أخرجته من بطاقته وأضافت آخر »اللهو الخفي»، ومازال الشاذلي »تايه»، يبحث عن نفسه بين 100 مليون مواطن. كما أن الست أم محمد، وهي أرملة، شاءت لها الأقدار أن تتعرض بطاقتها للتلف منذ عامين، وخلال تلك الفترة »داخت السبع دوخات»، بين الوزارة ومكتب التموين، وفي الطريق اجتمعت بالسماسرة الذين طالبوها بأموال طائلة - ليس في إمكانها تدبيرها -، لإنهاء أزمتها، وهي الآن ما زالت تحلم هي وصغارها اليتامي ببدل تالف للبطاقة. والحاج يوسف، كان له نصيب في الدوخة حيث يحصل علي التموين ل 3 أفراد فقط في بطاقة قوامها 7 أفراد، وغيره الكثير والكثير، فهناك من يصرف التموين لأكثر من 7 أو 8 أفراد في بطاقة قوامها فرد واحد فقط، والعكس. أتذكر أن سعادتي قد بلغت ذروتها عندما علمت بتفاصيل المنظومة الجديدة من المجتهد د. علي مصيلحي، وزير التموين، بل وارتفعت لديَّ مؤشرات الأمل والتفاؤل، متخيلا أن جميع المشكلات التي عرضتها ومثيلاتها قد تجد حلولا، وتنتهي معها مأساة الغلابة، وظننت يوما أن الشاذلي، سيعثر علي نفسه داخل بطاقته التموينية، وأن حلم الأرملة وصغارها اليتامي، سيتحقق في صرف العيش والتموين، وتوقعت أن يصرف يوسف التموين لأفراد بطاقته السبعة.. لكن كل أحلامي وآمالي ذهبت كالسراب، فالمنظومة لم تؤت بثمارها بعد، ومازال الغلابة - تائهين في بطاقة التموين-، ولم يختلف حال المسئولين عن حال التائهين. أتذكر أيضا أنه قبل هذه المنظومة الجديدة.. كنت أذهب لوزير التموين حاملا في حقيبتي عشرات الطلبات الخاصة بأهل دائرتي بمحافظة الوادي الجديد، وجميعها تتنوع بين طلبات استخراج بدل تالف، ومحاولات إضافة المواليد علي البطاقات، وطلبات لتصحيح ما تم حذفه من أفراد بالخطأ من البطاقة، وطلبات أخري لإصدار بطاقات إلكترونية.. وكلها طلبات لحالات تسعي للحصول علي بطاقة منذ عامين دون جدوي وكان الوزير يستجيب كعادته. وفي النهاية.. أتساءل وكلي حسرة علي حال المنظومة: متي تستيقظ هذه المنظومة لإنقاذ ملايين الأسر التي تحتاج بالفعل الدعم، أم أن المنظومة هي التي تحتاج الدعم؟، وكيف تنتهي مأساة الغلابة بسبب منظومة حائرة؟، وهل سيجد التائهون أنفسهم في بطاقة تموين؟!.