قانون المناجم والمحاجر، هو القانون الذي يقنن نهب واستنزاف الثروات المعدنية في مصر - والثروات المعدنية هي كل ما يستخرج من الأرض وينفع الناس، وأكثرها وفرة وأهمية في مصر هي حجر الجير والطفلة وهما خامات الأسمنت والطوب الطفلي، وكلاهما صناعة ملوثة للبيئة، بالإضافة إلي الذهب والسيليكا (المرو ورمال الزجاج) والفوسفات والأملاح خاصة ملح الطعام، والرخام والجرانيت والرمل والزلط وخامات المعادن النادرة.... الخ. وما يحدث في الثروة المعدنية في مصر هو استنزاف وليس استثمارا، وذلك أن الدولة لا تستفيد استفادة تذكر جراء نهب واستنزاف هذه الثروات المعدنية وعلي رأسها الذهب والسيليكا (يتم حالياً نهب السيليكا بالغة النقاء في جنوب الصحراء الشرقية من خلال شركات أجنبية معروفة) وحجر الجير الأبيض والتلك وغيرها. وكتبت عن هذا الموضوع مقالات عديدة منذ عام 2012 ولم يعلق أحد..... ! ما أهدف إليه في هذه المقالة هو أن تدخل الدولة كشريك بحصة الخامات في صناعة الأسمنت والطوب الطفلي، وطن الأسمنت يحتاج إلي نحو طن ونصف طن من حجر الجير والطفلة، وتحصل شركات صناعة الأسمنت (وهي صناعة ملوثة للبيئة، ولهذا تخلصت منها أوروبا وحدفتها إلي مصر والدول المتخلفة الأخري) علي خامات الأسمنت (حجر الجير والطفلة) دون مقابل تقريباً من خلال قانون المناجم والمحاجر سيئ السمعة. وإذا ما دخلت الدولة كشريك في صناعة الأسمنت وصناعة الطوب الطفلي (في مقابل لا يقل عن 10% من المنتج النهائي) سوف تدخل خزينة الدولة، وليست الصناديق الخاصة، مئات مليارات الجنيهات بعضها بالعملة الصعبة سنوياً. هناك موضوع آخر أشير إليه إشارة عاجلة وهو مشروع استغلال الرمال السوداء علي شاطيء البحر الأبيض المتوسط، وهو مشروع فاشل وكارثي بكل المقاييس، وأكثر فشلا من مشروع فوسفات أبو طرطور ومشروع توشكا، اللذين استنزف فيهما عشرات مليارات الجنيهات من خزينة الدولة، والنتيجة لا شيء، أضف إلي ذلك فإن مشروع استغلال الرمال السوداء هذا سوف ينتهي بكارثة بيئية محققة هي غرق الدلتا في المستقبل القريب وعندئذ سوف لا تجدي الاحتياطات التي يقال عنها شيء في هذه الكارثة. هناك هيئة تتحمس بشدة لمشروع استغلال الرمال السوداء، وهي هيئة أنشئت منذ أكثر من خمسين عاماً بهدف البحث عن اليورانيوم في مصر، وخلال هذه السنوات المديدة لم تكتشف هذه الهيئة أية خامات يورانيوم وذلك لأنه لا توجد رواسب يورانيوم في مصر، وإن كانت هناك ما تسمي شواهد إشعاعية، ولتوضيح مفهوم الشواهد الإشعاعية للقارئ العادي نقول لو أن شخصاً ما أخذ جهازا يقيس الإشعاعات النووية وتجول به فوق صخور الجرانيت وغيرها في الصحراء الشرقية أو جنوبسيناء، فإنه يلاحظ أن مؤشر هذا الجهاز يتحرك بدرجات متفاوته مشيراً إلي وجود نشاط إشعاعي، ولا تعد هذه الشواهد الإشعاعية خامات يورانيوم ولا يمكن استغلالها وهي ناشئة عن وجود آثار ضئيلة جداً من المواد المشعة في الصخور بنسبة تقل عادة عن ثلاثة جرامات يورانيوم في كل طن من صخور الجرانيت، وهذه معلومة موجودة في أي كتاب جيولوجيا يتعامل مع الصخور ويدرسه طلاب السنوات الأولي في أقسام الجيولوجيا في العالم كله. • استاذ الجيولوجيا بالجامعة البريطانية - مصر