ويظل الرئيس الراحل محمد أنور السادات – شاء من شاء وأبي من أبى - يجسد نموذج المبدع الذي يجمع بين الواقعية الغليظة، فنراه واضحًا حين قال في خطبة الوداع التي ألقاها في مجلس الشعب عام 1981، وقبل اغتياله بشهر: "أنه لا فرق بين جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية الأُخرى، والتي تسعى في نهاية المطاف إلى الهدف نفسه، وهو تفكيك مؤسسات الدولة"، والبطولة القومية، فلم يكن داهية العرب بطلًا للحرب فقط، وإنما تحول بعد نصر أكتوبر إلى أيقونة للسلام. "مكانهم السجون"، علا بها صوت السادات قبل أن يأتي مشهد النهاية بكل ما فيه من آلام ودماء، وغدر وخيانة، وأسرار ربما لم يحن بعد الكشف عنها...، أثناء لحظة الاغتيال، يظهر في سماء العرض ست طائرات ميراج تطير باستعراض فوق المنصة، المؤكد أن اعتقالات سبتمبر كان دافعها الأول هو مخاوف أمنية، لكن لم تؤتي ثمارها، بعد أن تمددت الجماعات الإسلامية، وتفرع عنها بعد ذلك جماعات جهادية وأخرى تكفيرية، فلم يخل يوم جامعي من إقامة دروس دينية، وحلقات تلاوة للقرآن، وإلقاء للمواعظ قبيل المحاضرات، وتعليق مجلات حائط تفرض نوعًا من الحجر على سلوك الطلبة، وتوفير الحجاب للطالبات، وعزلهم عن الطلبة داخل المدرجات، وقد كنت واحدًا من الذين عاصروا هذا المشهد بجامعة الإسكندرية بداية الثمانينات، رغم أنه لم يكن يتطرق أبدًا إلى أذهاننا-نحن الذين كنا في بداية المرحلة الجامعية-مجرد الحديث عن دين الأخر، لفت استعراض الطائرات فوق المنصة أنظار الجميع، في الوقت الذي توقفت فيه شاحنة على بعد حوالي 15 مترًا من منصة الاستعراض في موقع الحادث، وظنها الجالسون إما عالقة أو هي جزء من الاستعراض. يقول مايكل وير سفير بريطانيا وقتها في مصر ضمن ما كشفت عنه الوثائق السرية البريطانية: "بعد حادث المنصة اتصل أبو غزالة من مكتبه، بالسفير الأمريكي ليبلغه بأن الرئيس أصيب إصابات طفيفة فقط، وأن ثلاثة من القتلة قبض عليهم وقتل ثلاثة، ولكن شبكة "سي بي إس" الأمريكية هي أول جهة أعلنت، نقلًا عن مصادر في مستشفى المعادي العسكري الذي نقل إليه السادات بعد الهجوم، موت الرئيس". وهنا كان التساؤل المهم: "هل شاهد الرئيس الراحل السادات التسجيلات للإرهابيين والتي خططوا فيها لمقتله؟!، أجابت السيدة جيهان السادات: "أنا والسادات لم نكن غائبين عن ما يحدث، فالسادات كان يعلم ثمن ماقام به بالحرب مع إسرائيل ثم التفاوض معها لتحقيق السلام، ومع ثقته أنه سيغتال إلا إن ذلك لم يوقفه أو يرهبه فهو كان يشعر أن عليه رساله يجب أدائها نحو مصر". [email protected]