القاضي في التاريخ له مكانة مرموقة جدًّا منذ أن عرف هذا المنصب ، ومن ثم فقد أُنيطت بهم الأعمال والمهام الخطيرة، وفُوِّضت إليهم الأعمال الجليلة ، فقد نقل ابن كثير في (البداية والنهاية) في ترجمة قاضي قُضاة الشافعية تاج الدين ابن بنت الأعز أنه "كان بيده سبعة عشر منصبًا؛ منها: القضاء، والخطابة، ونظر الأحباس، ومشيخة الشيوخ، ونظر الخزانة " ونظرًا للمكانة المرموقة التي حظي بها القضاة ، نكاد نلحظ أن الجمع بين عدة وظائف كانت مزية من جملة المزايا المعطاة للقضاة، فقد جاء في ترجمة تاج الدين السبكي أنه تولي قضاء القضاة، وتدريس المذهب الشافِعِي، والخطابة، والميعاد بالجامع الطولوني، وتدريس المدرسة الشيخونية، وإفتاء دار العدل، مضافًا إلى ما بيده بدمشق من التداريس التي لا تَعَلُّق لها بالقضاء، فأقام بمصر على الحكم، واستناب بمدارسه التي في دمشق بإذن السلطان له في ذلك ، ومروا علي كل العصور القديمة والوسطى والحديثة ،نستخلص أن من الطبيعي أن يتميز القاضي في بلاغته وثقافته في تشريعه وأحكامه ومرافعتة وكتاباته . فالمشرع يحتاج إلى اللغة في صياغة القانون، ووكيل النيابة يحتاج إليها في المرافعة وكتابة المذكرات، والقاضي يحتاج إلى اللغة في كتابة الأحكام، وليس مبالغةً القولُ أن اللغة تمثل نصف العمل القانوني أو العمل القضائي، فالعمل القضائي نصفه لغة ونصفه قانون. ذلك أن الأفكار القانونية تظل حبيسة في الذهن إلى أن تنتقل إلى السامع أو إلى القارئ عن طريق اللغة. كما يمكن القول أن رجال القضاء لا يتمايزون فيما بينهم بالعلم بالقانون بقدر ما يكون هذا التمايز بالثقافة اللغوية، فالعلم بقواعد اللغة ليس المقصود به التألق في أسلوب الكاتب أو المتحدث بل التمكن أيضاً من قواعد النحو نظراً لان اللغة العربية تختلف عن غيرها من اللغات في أن قواعد النحو تمثل جزءاً من معنى العبارة وأي خلل فيها يؤدي إلى اختلال المعنى، بل أن الخطأ في علامات الإعراب تقلب المعنى تماماً مما يتطلب معه ضرورة العلم بهذه القواعد التي من شأن العلم بها أن تؤدي العبارة المعنى المطلوب أو المعنى المقصود منها، دراسة علمية أدبية قضائيه إستطاع عرضها وتعليمها للأجيال المتتالية المستشارأحمد فتحي مرسي وأقرانه من شيوخ القضاة والمستشارين ممن سبقوه وجاءوا من بعده من الأجيال المتعاقبة ، وظلت المؤسسة القضائية من تاريخ الزمان إلي وقتنا هذا هي البيت الأكبر في الحفاظ على اللغة والأدب القضائي ،لما له من أهمية كبيرة في الفصل والتحقيق للقضايا وعرضها عرضا يليق بجلالة العدل وتحقيق العدالة ، وان كان هناك بعض الأخطاء في بعض القضايا فهذا لا يعود إلى حماة العدالة وتطبيقها ، وانما جاء من بعض الاختبارات الخاطئه لبعض المعاونين دون معايير محددة تليق بجلالة هذا المكان في عصرنا الحديث ، فكم من أخطاء كتابية ولغوية وأدبيه قد تطيح بقضية الي الإدانة أو البراءة ، وكم من قضايا تظل حبيسة التأجيل بين الدوائر المتعاقبة سنوات عدة ولم يستطع القاضي الفصل فيها ، نظرا لوجود أخطاء إملائية من قبل البعض من المنوط بهم هذا العمل ، وان كان هناك الملايين من القضايا متراكمه ولم يتم الفصل فيها حتي الآن لأسباب عديدة منها قلة أعداد القضاة وبعض القوانين المعطلة ،وقلة المحاكم ، وتنمية وتدريب الأعضاء الجدد ، وبعض الاختيارات للأعضاء الجدد بالهيئات والجهات القضائية ، فإن هناك هناك جزء كبير مرتبط أخطاء لغوية واملائية تعيق النظر والفصل في مختلف القضايا مما يضع القاضي في وضع لا يحسد عليه