Ralph Gibson :Photo الكثير من ردود الفعل أثارها قرار عرض فيلم المخرجة الإسرائيلية كارين بن رفاييل في مهرجان الصورة الحرة الذي نظمه المركز الثقافي الفرنسي، والكثير من الأسئلة أيضاً. في البداية، وبعد انسحاب الفنانين المصريين، تم اتخاذ قرار بإلغاء مشاركة الفيلم الإسرائيلي، ثم اتخذ قرار آخر مناقض بفرض مشاركته، ثم تم منع الأفلام المصرية كلها من العرض، حتي ما لم ينسحب منها من المشاركة، وترتب علي ذلك تقليص مدة البرنامج إلي يومين. كل هذا يفرض السؤال: ما الذي يحكم عمل المراكز الثقافية الأجنبية في مصر، هل هي قواعد وزارات الخارجية التي تتبع لها هذه المراكز، أم تقاليد البلد المضيف؟ القانون يؤكد أنهم _ عمليا _ تابعون للسفارات الأجنبية، ولكن جميع مديري الأنشطة الثقافية بهذه المراكز يؤكدون علي عنصر احترام تقاليد البلد المضيف. ماذا لو اصطدم الأمران، أجندة البلد الأجنبي وتقاليد البلد المضيف؟ كيف يتم التعامل مع هذه المعادلة التي أثارها مؤخرا يقول دوني لوبوه الملحق الثقافي الفرنسي بالقاهرة أن الأنشطة الثقافية في المركز تسعي لتحقيق هدفين: أولا التعريف بالثقافة الفرنسية في مصر والتعاون وإثراء العلاقات مع مصر." يضيف: "نخن نعرف أننا نعمل في بلد أجنبية وأنه علينا احترام التقاليد الزائدة، ولكن في نفس الوقت فعلينا زيادة مساحة الحوار بين الثقافتين المصرية والفرنسية، نريد تقديم تنوع أكبر، فرنسا هي بلد الحرية والتنوع." وبالنسبة لحادثة عرض الفيلم الإسرائيلي في مهرجان الصورة الحرة الذي ينظمه المركز الثقافي الفرنسي؟ لا أملك أشياء كثيرة لقولها في هذه النقطة. أعتقد أنه علينا دعم الحوار الثقافي، وهو الأكثر أهمية. نحن نخطط لمؤتمر كبير في مكتبة الإسكندرية حول الحوار الأورومتوسطي، سيشارك فيه أدباء من مصر ولبنان وتركيا وفرنسا. ويونانيين وإيطاليين. وإسرائيليين؟ لم نقرر بعد. الرأي العام في مصر ينظر لعرض الفيلم الإسرائيلي في المركز الثقافي الفرنسي باعتباره عدم احترام لصراع الفنانين والمثقفين المصريين ضد التطبيع؟ بالتأكيد مسموح لهم بقول هذا، ولكنهم في رأيي غير دقيقون، فنحن نهتم كثيرا بالثقافات المحلية التي نعمل في إطارها. إذن تتعاملون مع نقطة حساسة للغاية في الخطاب الثقافي المصري وهي "التطبيع مع إسرائيل؟" ليس علينا المشاركة في هذا الجدل، نحن في الخارج، وهذا ليس واجبنا. لا تعليق لديّ علي هذا الموضوع. جونتر هازنكامب مدير قسم البرامج الثقافية بمعهد جوتة يبدأ حديثه بالإشارة إلي الاسم الكامل لمعهد جوتة وهو "معهد جوتة لدعم اللغة الألمانية ودعم العمل الثقافي الدولي"، وهذا يدل علي أن عملهم يتم بالتوافق مع الشركاء المصريين: "البلد المضيفة تتوقع بالطبع أن يقتصر عملنا علي تقديم الثقافة الألمانية. هذا ليس إلا عاملا واحدا، لأنه لو اقتصر عملنا علي هذا فسيتعلق الأمر بتصدير الثقافة لا التشارك فيها. نحن نسعي لكل من يرغب في التعاون معنا مثل المنظمات الحكومية والمستقلة." ولكن هذا يتعلق بالعرف. أنا أتساءل عن القانون؟ لا أحد يشترط علينا أن نقيم نشاطا ما، لا في مصر ولا في ألمانيا. قانونا أنتم تابعون للخاجية الألمانية، ولذا فيمكن لها التدخل في عملكم. ألمانيا ليس لها سياسية ثقافية، وهذا واحد من الأشياء التي تعلمناها من تجربتنا السيئة في القرن العشرين. ليس هناك هيكل تنظيمي ثقافي بحيث يأمرنا أحد ما بشيء، ولكن هناك بالطبع مرحلة اتفاقية نطرح فيها الأفكار مع الخارجية ونصل إلي اتفاق ما بشأنها. وبالنسبة للتطبيع بين العرب وإسرائيل، هل لديكم تصور ما بخصوصه؟ أي دعوة فنان إسرائيلي مثلا مع أقران مصريين؟ لحسن الحظ لم أوضع في هذا الموقف، ولذا فلن أستطيع الإجابة بنعم أو بلا. كنتم في هذا الموقف بالفعل، حينما استضفتم مؤتمر "أنا ليندا" لدعم الحوار الأورومتوسطي، وشارك إسرائيليون فيه. كان هذا قبل مجيئي. لم أقرر هذا. وأعتقد أننا نتعامل بالعقلية الأوروبية، وهي أنه في حالة وجود مشكلة بين طرفين، فعليهما الجلوس سويا لمناقشة الحلول الممكنة. شريف جاد مدير النشاط الثقافي بالمركز الثقافي الروسي يقول: "لو تحدثنا عن الجزئية القانونية فسوف نجد أن المراكز الثقافية الأجنبية من حقها تقديم برنامج ثقافي طبقا لتوجهاتها الثقافية، وفي نفس الوقت تخضع لإشراف غير مباشر من الإدارة العامة للتمثيل الثقافي التابعة لوزارة التعليم العالي، التي تراجع تلك المراكز في حالة ممارستها أي نشاط خارج عن المألوف، يمكن أن يحدث ضررا أو يكون له تأثير سلبي علي الحياة الثقافية، أو يتناول أحد الموضوعات الشائكة في الدين أو السياسة، فتقوم تلك الإدارة بمراجعة المركز الثقافي بخطاب رسمي للفت نظره حول هذا النشاط السلبي من وجهة نظر الإدارة، وفي حالة رفضه الإستجابة، يرفع الأمر لوزارة الخارجية المصرية لانخاذ الإجراءات الدبلوماسية للتعامل مع تلك الظواهر." ويضيف: "بالنسبة لما حدث بالمركز الثقافي الفرنسي، فهل يعقل أن يتخذ مركز ثقافي بمثل تلك الشعبية وهذا النشاط المكثف، قرارا يعرضه لخسارة جمهور عريض. من وجهة نظري ذلك شئ في منتهي الغرابة، ووزارة الخارجية الفرنسية لم يحالفها التوفيق، في العناد وفرض تلك الأفلام مما عرض المركز لفقد جمهور عريض، وهو ما حدث بالفعل، وانتقل المهرجان لمكان آخر، وجاء قرار المركز حكيما بمنع عرض الفيلم، وكان يجب أن تترك الإدارة في باريس الأمر في يد مدير المركز في مصر." أما بالنسبة لنا في المركز الروسي للعلوم و الثقافة، فنحن نحرص علي مراعاة البعد السياسي و الديني و الثقافي المصري، حيث تركيزنا الأساسي هو مد جسور التواصل بين الثقافتين و الشعبين، وأن يكون المركز أرضاً خصبة للدبلوماسية الشعبية بكل الأنشطة و الخدمات المتاحة، فهو مكان رسمي وشعبي أيضاً، وعلينا مراعاة الذوق العام للمصريين، وعدم تخطي الحدود، ومراعاة الآخر بأن لا أفرض عليه عملاً فنياً يؤدي لنفوره مني. وطوال فترة عملي التي امتدت ل22 عاماً في المركز الثقافي الروسي كان الجانب الروسي حريصاً علي مراعاة المشاعر المصرية." الدكتورة هبة شريف رئيس المكتب الإقليمي للمؤسسة الثقافية السويسرية تقول: "أن كل مركز ثقافي له أهدافه المعلنة، وهدفنا الأساسي هو نشر معلومات عن الفن السويسري، عن طريق مشروعات انتاج مشترك أو تبادل ثقافي مشترك، و عندما نعمل علي ذلك يجب الوضع في إعتبارنا أن يكون ذلك متفقا مع البرنامج العام في مصر، وما هو مقبول من الثقافة المصرية. نحن ليس لدينا برنامج خاص، بل نتلقي طلبات لدعم برامج معينة من فنانين أو مؤسسات سواء مصرية أو سويسرية، و نقوم بالبت في تلك الطلبات، من حيث إتفاقها مع الثقافة المصرية أو عدمه، وإذا رأينا عدم إتفاقها نرفضها."