تقدمت الأديبة نجلاء محرم باستقالتها من عضوية اتحاد الكتاب إلي محمد سلماوي رئيس الاتحاد، شارحة مبررات اقدامها علي هذه الخطوة في ستة نقاط تضمنها خطاب الاستقالة، المنطلق من فكرة أساسية وهي أن (الاتحاد أنعزل تماما عن نبض أمته وآمالها)، وهو ما شرحته تفصيلا في : ( تقاعس الاتحاد عن المشاركة الحقيقية في ثورة يناير، رفض أداء الاتحاد في كافة المواقف التي تعبر عن نبض الشعب، اللهم إلا إذا كانت تتسق ورغبات النظام السابق، عدم القيام الاتحاد بالدور المنوط به في رعاية الكتاب ودعمهم وتعضيدهم، إحجام الكتاب عن التعاون مع الكيانات الأهلية التي تقدم الخدمة الثقافية، انصباب الأداء علي الأنشطة الإعلامية التي لا تمثل آمال وطموحات الأدباء، والاقتناع التام بأن الاتحاد بصورته الحالية لا يمثلني و لا يضيف إلي). ومن جانبه رفض محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب التعليق علي هذه الاستقالة، لأخبار الأدب، مبينا أنه لم يطلع علي نصها، وأن هناك اجراءات إدارية معروفة للتعامل معها، وأضاف أنه يترك كل ما جاء ما في الاستقالة السابقة إلي ( تقدير "أخبار الأدب" ذاتها) باعتبارنا _حسب قوله- من المتابعين الجيدين لأداء الاتحاد، بالإضافة إلي أن أخبار الأدب وجهت لها الكثير من الدعوات لحضور مواقف الاتحاد تجاه العديد من القضايا، التي تمس الأدباء والمثقفين والوطن. ورغم عدم رغبة سلماوي في الدفاع عن الاتحاد، إلا أنه سرد سريعا مواقف الاتحاد، ومن ذلك تضامنه مع الصحفيين وكافة فئات المجتمع فيما يخص قضايا النشر، ومطالبته الدائمة بإلغاء المواد القانونية السالبة للحريات، وتكوين جبهة مشتركة من عدد من النقابات مثل: المحامين،و الناشرين، للتكاتف من أجل الدفاع عن حرية تبادل المعلومات وعدم الحبس في قضايا النشر، فضلا عن قيام الاتحاد بالوقوف ضد اختيار إسرائيل ضيف شرف لمعرض باريس للكتاب، وتقديم مذكرة احتجاج رسمية لوزارة الخارجية الفرنسية، عن طريق سفيرها بالقاهرة، فضلا عن قيام الاتحاد بإحراءات إصلاحية لدعم الأعضاء، منها رفع المعاش بنسبة 100٪، وزيادة ميزانية الاتحاد 17 ضعفا مما كانت عليه في السابق، أما فيما يخص دعمنا لثورة الشباب، فأعتقد بالوثائق الرسمية الموجودة بين يد الجميع، أننا أول نقابة مهنية تحركت للدفاع عن هذه الثورة. وبالفعل تشهد الأوراق والتحركات التي قام بها الاتحاد، بأنه كان داعم حقيقي للثورة منذ قيامها، فبعد أقل من 48 ساعة علي اندلاعها، أصدر الاتحاد بيانا أعلن فيه تضامنه الكامل للمطالب المشروعة التي ينادي بها الثوار، وإدانته للأسلوب القمعي في التعامل معهم، وتأييده للمطالب الدستورية المعبرة عن رغبة الشعب في الديمقراطية والحرية، كما نظم الاتحاد مسيرة إلي ميدان التحرير، انطلقت من مبناه في الزمالك سيرا علي الأقدام حتي مكان التظاهر، وقد شارك فيها نخبة من المثقفين والأدباء: محمد سلماوي، سيد حجاب، عبد المنعم رمضان، محمد سليمان، سعيد الكفراوي محمد السيد عيد، عبد الوهاب الأسواني ، فتحية العسال، هالة البدري، حمدي الكنيسي، مدحت الجيار، أحمد سخسوج، حامد أبو أحمد، سامي سليمان، سهير المصادفة، فاطمة ناعوت، جمال العسكري، سماح عبد الله الأنور وغيرهم كثيرون. وقبل أن ينطلقوا للتحرير دار بينهم حوارا حول الأيام الماضية، فروي سيد حجاب عن قصيدته التي ألقاها في ميدان التحرير، وكشفت فتحية العسال عن زيارتها المتكررة للميدان، بينما تحدثت هالة البدري عن قضائها ليلة كاملة في أسمتها ( ليلة في حب الوطن) في حين روي حمدي الكنيسي عن زوج ابنته، الذي شارك في الثورة منذ اللحظات الأولي، وأصابته أكثر من أربع رصاصات مطاطية، وتحدث أحمد سخسوج عن العدد القادم من مجلة ( المسرح) وعنوانها ( المسرح والثورة)، أما سلماوي، الذي كان أول من قدم للاتحاد فقد كان يعد لاصدار ثاني بياناته، الذي وزع علي الحضور قبل انطلاق المسيرة، وجاء فيه: ( يلتحم كتاب مصر وأدباؤها ومثقفوها مع كل مطالب ثورة 25 يناير المجيدة، التي فجرها شباب مصر ويعلنون وقوفهم معهم يدا واحدة، لإسقاط النظام، ومحاكمة المفسدين، واسترداد ثروات مصر، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين) وانتهي البيان بهذه الجملة: ( معكم ومنكم حتي النصر)، كما وزع علي الحضور قائمة بأسماء بعض المعتقلين منذ يوم 28 يناير حتي 8 فبراير، وهم: ( زياد محمد بكير، عبد الكريم عامر، سمير إشراق، طارق محمد عبد اللطيف، مكرم عيد، يحيي إبراهيم، سعد نجم، محمد عمر،ومحمد عبد العال). وبعد هذه البيانات تحركت المسيرة سيرا علي الأقدام من الزمالك حتي التحرير، وعند كوبري قصر النيل التقت بنخبة من المثقفين، الذين كانوا يتظاهرون أمام المجلس الأعلي للثقافة، وتحرك الجمعان إلي الميدان، لنفاجأ باستقبال حافل من الشباب، عبروا عنه بشعارات من قبيل: (أدخل أدخل يا اتحاد، شرفتونا ونورتونا، أدخل أدخل يا اتحاد، الميدان عايز كتاب، مطلوب منكم كشف حساب لكل النظام الكداب، أدخل أدخل يا اتحاد.. الميدان عايز كمان والحرية عايزة كمان، مرحب مرحب بالأحرار). وفي قلب الميدان ألقي سيد حجاب قصيدته، وتحدث سلماوي عن التحام الكتاب مع كل مطالب ثورة 25 يناير، ووصفها بأنها ثورة مجيدة، وأن الكتاب معهم حتي يسقط النظام، ومحاكمة المفسدين، واسترداد ثروات مصر، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، كما أشار إلي أن أعضاء الاتحاد سوف يرابطون يوميا مع المرابطين في الميدان. وفي اليوم التالي لتخلي الرئيس مبارك عن الرئاسة وانتقال سلطاته إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة، أصدر الاتحاد بيانا بعنوان (نحو نظام حكم مدني) جاء فيه: (إن أدباء وكتاب مصر إذ يهنئون الشعب المصري والأمة العربية جميعا بنجاح ثورة 25 يناير 2011 المصرية، فإنهم يحيُّون شباب مصر الذي قاد تلك الثورة السلمية الفريدة من نوعها، التي دخلت التاريخ بما قدمته للعالم أجمع كنموذج غير مسبوق في الثورات الشعبية، حيث أعرضت عن العنف واختارت السلم، ونبذت الدموية واختارت الحوار، وتخطت الانفجار العاطفي إلي التصميم الواعي القائم علي الفهم الصحيح لمعطيات العصر، وامتلاك الأدوات التي يتيحها التقدم العلمي والتكنولوجي)، وفي موضع آخر يحدد البيان ما يجب فعله في الفترة القادمة: (لقد تلخصت أهداف الثورة في تحقيق الديمقراطية التي طال تطلعنا إليها، فذلك هو العنوان الكبير والأساس الأول الذي يمكن أن يقوم عليه البناء في المرحلة القادمة. ويري الأدباء والكتاب أن هذا الهدف الأسمي الذي قامت من أجله الثورة لا يتحقق إلا بالحياة السياسية المدنية، القائمة علي مبدأ المواطنة الذي يساوي بين الناس جميعًا، والذي بات الآن قريب المنال، بعد أن رفع لواءه ثوار 25 يناير، وبذلوا في سبيله الأرواح والدماء، ثم أنه أصبح ممكن التحقق بعد أن أعلن جيش مصر العظيم تعهده بضمان إتمام الإصلاحات المؤدية إليه وفي مقدمتها الإلغاء الفوري لقانون الطوارئ وإطلاق حرية تكوين الأحزاب وتحرير الإعلام. إن اتحاد كتاب مصر يري أن الانتقال إلي نظام الحكم المدني، هو التحدي الأكبر الذي يواجهنا في الفترة الانتقالية القادمة، ويتطلع إلي ضمان الجيش لهذا التحول النوعي في الحياة السياسية المصرية، تخليدًا لأرواح الشهداء الذين سقطوا خلال الثورة، وعلي مدي عقود طويلة ماضية من تاريخ هذا الشعب المجيد، ذو الحضارة العريقة، والشباب المتجدد دومًا).