في كتاب "80 سنة من الفن" الصادر عن هيئة الكتاب عام 1991 الذي يعد واحدا من المراجع المهمة في تاريخ الفن التشكيلي المصري، الذي اشترك رشدي إسكندر وكمال الملاخ وصبحي الشاروني في إعداده، تناول الفصل الخاص بالكاريكاتير، الحديث عن بداية إنشاء الجمعية المصرية للكاريكاتير والدور المهم الذي لعبه الفنان زهدي رحمه الله في ذلك . يذكر الكتاب : من منتصف الستينات والفنان زهدي يجمع وينسق كل رسوم الكاريكاتير العربي والأجنبي التي تصل إلي يده، يجمع الصحف والمجلات القديمة والتي تصدر في أي مكان من العالم ليقتطع منها رسوم الكاريكاتير ويثبتها بعناية علي الورق المقوي ويكتب تحتها ملاحظاته وتاريخ صدورها ثم يضعها في ملف الخاص بالفنان الذي رسمها ، حيث يفخر زهدي بمجموعته الضخمة من الرسوم الهزلية الصحفية الأصلية التي حصل عليها من المطابع وبعضها لم ينشر وهم يحلم بإقامة »مكتبة عامة للكاريكاتير« أي متحف لهذا النوع من الفنون ، ويعتبر مجهوده الفردي النواة الأولي لإقامة هذه المكتبة. في 1969 اتفق زهدي مع الفنان أحمد عثمان مؤسس كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية علي إقامة مكتبة الكاريكاتير بالإسكندرية ، لكن وفاة أحمد عثمان 1970 أدت إلي توقف المشروع .فاتجه "زهدي" إلي نقابة الصحفيين بالقاهرة يعرض عليها مشروعه الذي تحمس له صلاح جلال عندما كان نقيبا للصحفيين ومن بعده إبراهيم نافع ، وهكذا تكونت الجمعية المصرية للكاريكاتير في نهاية عام 1983 ،واختارت الفنان رخا (77 عاما ) رئيسا ، وزهدي نائبا للرئيس ، وعادل البطراوي سكرتيرا ، وجمعة فرحات أمينا للصندوق. في 1987 أقامت الجمعية "المعرض العام الأول لرسامي الكاريكاتير" في قاعة النيل بأرض المعارض بالجزيرة، وقد شارك فيه 59 فنانا عرضوا نماذج من أصول رسومهم، وأقاموا ركنا خاصا لعرض أعمال الرسامين الأربعة الراحلين: صاروخان ، صلاح جاهين ، صلاح الليثي ، عبد السميع . وبعد مرور أكثر من 33 عاما علي إنشائها لا تزال الجمعية المصرية للكاريكاتير هي إحدي أهم الجهات التي كافحت كل تلك السنوات للحفاظ علي فن الكاريكاتير والترويج له ونشره من خلال الندوات والمعارض والكتب. كما كانت مبادرة الفنان محمد عبلة لإنشاء متحف للكاريكاتير عام 2005 بالفيوم واحدة من المبادرات الهامة في دعم فن الكاريكاتير، ليقوم منفردا بالدور الذي كان يجب أن تقوم به الدولة لإنشاء متحف قومي للكاريكاتير . حتي تلك المبادرة لإنشاء متحف قومي للكاريكاتير أثناء تولي د.شاكر عبد الحميد وزارة الثقافة، والذي قام بنفسه بزيارة الجمعية والتقي بأعضائها توقفت. ويقول د. شاكر عن ذلك: كانت تلك المبادرة واحدة من عدة أفكار طرحناها آنذاك للنهوض بفن الكاريكاتير والحفاظ عليها وكان منها إنشاء متحف مصري للكاريكاتير ، وتنظيم معارض علي المستوي الدولي لهذا الفن ، وإنشاء جائزة للكاريكاتير علي المستوي القومي، وكذلك إعادة إصدار مجلة الكاريكاتير مرة آخري ، وقد كان الهدف من المتحف جمع وحفظ ما تبقي من أعمال الكاريكاتير باعتباره تراثا مهما لهذا الوطن، فالكاريكاتير يعتبر سجلا لذاكرة الأمة ورصد للشخصية المصرية، بل ويمكن من خلاله رصد التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع عبر تاريخه. ولكن للأسف كما هو الحال مع الكثير من الهيئات المصرية توقفت الفكرة برحيل د.شاكر عن الوزارة. وفي هذا الصدد التقينا بالفنان جمعة فرحات رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير الذي قال: كان أحد أهداف الجمعية منذ تأسيسها أن يكون هناك متحف للكاريكاتير، حيث نملك حوالي 3200 أصل من أصول رسامي الكاريكاتير المعروفين ممن كانوا يعملون في روزاليوسف والتي جمعها الأستاذ زهدي العدوي ، وبينها أعمال لصلاح جاهين وجورج البهجوري، وحجازي وعدد كبير ، كما لدينا بعض الأصول لرخا، ومع الأسف فإن كثيرا من هذه الأعمال معرض للتلف، لأن طريقة حفظها غير علمية، بل أن بعضها بدأ يعفن لأن جزءا منه طالته بعض المياه أثناء حريق في بيت الفنان زهدي، وحين استعنا بخبراء قالوا إن ترميمها سيحتاج جهدا وأموالا كثيرة. ويضيف فرحات: كان أملنا أن تقيم وزارة الثقافة متحفا لتتولي مسئولية الحفاظ علي تلك الأعمال للأجيال القادمة، وقد سعينا لهذا الأمر منذ عهد فاروق حسني لكن مع الأسف كل مرة كان الموضوع يتوقف. وعن رؤيته للمتحف يقول فرحات : لابد أن يكون هناك مكان للعرض الدائم إضافة إلي صالة للعروض المتغيرة والمعارض، ومكتبة للقراءة تضم كل الكتب والدراسات سواء ماجستير أو دكتوراه التي تناولت الكاريكاتير. ويمكن أن يقوم المتحف بإصدار سيديهات عن أعمال الفنانين ويطرحها للبيع كمصدر للدخل . ويضيف فرحات : إنه حتي هذه اللحظة لا توجد موسوعة شاملة عن فن الكاريكاتير ، ولكن هناك جهودا فردية تحسب لأصحابها مثل الفنان أحمد عبد النعيم الذي نعتبره مؤرخا للكاريكاتير، كما يذكر الفنان إبراهيم حنيطر إنه يعمل علي هذا الأمر لكنه لم ينشره بعد. كذلك لا توجد دراسات كافية عن فن الكاريكاتير ، ويجد الباحثون في هذا الفن صعوبة للوصول للمعلومة لعدم وجود مراجع كثيرة ومجمعة في مكان واحد ، كل باحث يقوم بجهود فردية .وأعتقد أن الموضوع بحاجة لجهد جمعي يتم تحت رعاية الدولة.