مجلس جامعة بنها الأهلية يعلن عن 3 قرارات مهمة خلال اجتماعه اليوم    وزير التربية والتعليم يلقي بيانه الأول أمام مجلس النواب الثلاثاء المقبل    استشهاد 9 فلسطينيين جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي منزلا بمخيم المغازي وسط غزة    عماد المصرى يكتب: حسام حسن    «السكة الحديد» تكشف تفاصيل حادث قطار البضائع في البدرشين    الأوبرا.. روح ومكان    12 فيلما تشارك في مسابقة الأفلام الدولية القصيرة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    خبير: دولة الاحتلال لديها خطط طموحة لتغيير موازين القوى    أحمد مالك يعترف بمشاعره لهدى المفتي.. ويكشف عن وصفة المولد في مطعم الحبايب    زيلينسكى يقدم خطة النصر أمام قمة الاتحاد الأوروبى فى بروكسل    كازاخستان: لا ننوي الانضمام إلى مجموعة "بريكس" في المستقبل القريب    مدرب آينتراخت فرانكفورت قبل مواجهة ليفركوزن: نثق في استمرارية عمر مرموش    يوسف وهبي| من عشق الفن إلى لقب البكوية.. كيف أصبح عميد الفن المصري؟    لو باريسيان: إنريكي مستمر مع باريس سان جيرمان حتى 2027    مهند مجدي يُوجه الشكر لرئيس جماعة العيون المغربية ويهديه درع الأهلي    نائب محافظ دمياط تشهد افتتاح موسم جني القطن الحيوي بكفر سعد    حادث سقوط أتوبيس في ترعة الشرقاوية بشبرا الخيمة لحظة بلحظة    ضبط 45 طربة حشيش قبل توزيعها في احتفالات مولد السيد البدوي    أعضاء الكونجرس الأمريكى فى معابد الأقصر وأسوان| صور    سويلم يلتقي المدير التنفيذي للجنة الوطنية لمياه الشرب والصرف الصحي بدولة ليبيريا    من هو حسن محمود رشاد رئيس المخابرات العامة الجديد؟    غياب نجوم الفن عن جنازة والد مصطفى هريدي    الرقابة الصحية: المستشفيات الجامعية ركيزة أساسية لنظام التأمين الصحي الشامل    البحيرة: ضبط 8 آلاف طن مواد بترولية بكفر الدوار    شوبير يكشف مفاوضات الزمالك وبيراميدز لضم محمد شريف    وزير الري يطلق حملة «على القد» ضمن فعاليات أسبوع القاهرة السابع للمياه    جامعة حلوان تطلق اليوم الرياضي للياقة البدنية بكلياتها لتعزيز قدرات الطلاب    «القاهرة الإخبارية»: جوزيب بوريل يضغط على الاحتلال الإسرائيلي بملف قطع العلاقات    وزير الثقافة يُسلم حاكم الشارقة جائزة النيل للمبدعين العرب    «تعليم القاهرة» تعلن جداول امتحانات شهر أكتوبر لطلاب صفوف النقل    الكشف على 776 مواطنا في قافلة بداية الطبية المجانية بمركز حضري أسيوط    رئيس مصلحة الضرائب: تفعيل المقاصة المركزية للتسهيل علي الممولين وتشجيعهم    الإدارة العامة للمرور: ضبط 36186 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    برلمانية تتقدم ببيان عاجل لرئيس الوزراء للإفراج الفوري عن سيارات المعاقين في الموانئ    "سيب ابنك في حاله".. تعليق ناري من شوبير بشأن ما فعله ياسر ريان وتوقيع ابنه للزمالك    قرار جمهورى بتعيين الدكتور محمد سامى عبد الصادق رئيسا لجامعة القاهرة    هيئة الدواء: إتاحة دستور الأدوية المصري للشركات والمصانع مجانا لمدة عام فقط    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف لتاجر الهيروين بالشرقية    منها مواليد العقرب والثور.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 وتأثير اكتمال القمر في برج الحمل    من هو الدكتور الطيب عباس الرئيس التنفيذي الجديد لمتحف الحضارة؟    أسوان تحتفل بمهرجان «تعامد الشمس» خلال ساعات.. عروض وفقرات متنوعة    ذهب الأم بعد وفاتها من حق البنات يجوز أو لا يجوز؟.. شاهد رد الإفتاء    سعاد صالح: من يتغنى بآيات القرآن مرتد ويطبق عليه الحد    ضبط 22 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    موعد مباراة الهلال والفيحاء في الدوري السعودي.. القنوات الناقلة والمعلقين    عضو ب«الشيوخ»: مؤتمر الصحة والسكان منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار    محافظ المنوفية يتفقد انتظام سير العمل بمستشفى الجراحات المتخصصة.. صور    الرئيس السيسي يثمن المواقف الإسبانية الإيجابية تجاه قضايا الشرق الأوسط    بعثة الزمالك تسافر إلى الإمارات استعدادا للسوبر المصري    «عبد اللطيف» يتابع انتظام العملية التعليمية بعدد من المدارس في الجيزة    طاقة الشيوخ توافق على خطة عمل دور الانعقاد الخامس    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    50 جنيهًا للواحدة.. قرارات هامة من التعليم بشأن صرف مستحقات معلمي الحصة    الصحة اللبنانية: يجب وقف فوري لإطلاق النار لتمكيننا من تنفيذ مهامنا    انفوجراف.. الأزهر للفتوى: تطبيقات المراهنات الإلكترونية قمار محرم    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    هل يجوز تأدية صلاة الفجر بعد شروق الشمس.. الأزهر يوضح    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شِدِّي حالك
نشر في أخبار الأدب يوم 23 - 04 - 2016

أستطيع أن أميّز بينهم إذا طرقوا بابي، فأعرف مِن أكفّهم مَن خلّف وراءه ميتاً، يبسطون أيديهم مستسلمين يائسين،متخذين بين البطء والإسراع سبيلاً،ليس كطَرْقِهم في السابق عندما كنت أُمرّض ذويهم، ذلك الدق المُلِح المفعم بالأمل، فأسعف جروحهم وأقوم بتغيير اللفافات يوماً بعد يوم حتي تطيب، أدلّهم علي مداواة الحروق بالزبد، أو أعطيهم حقن تسكّن آلامهم وتجعلهم ينعمون بالنوم العميق فيُصبحون من ليلتهم متعرقين بالشفاء.. قبل دقائق كنتُ أتأهب لحضور عرسٍ في الحُلم وطُلِب مني تجهيز العروس،فتّحتُ عيني علي صوت حمارٍ يستغيث،هكذا أظن كلما سمعتُه،كأنه يري ما يخيفه أو يسمع ما يؤذيه، شيئاً أكثر قبحاً من الشيطان الذي ظل برفقته حتي علي عتبة سفينة نوح وحاول منعه من الدخول لينجو:إنه الموت..
إذاً الدق اليائس يقول أن لديّ عملاً اليوم مَعنيٌّ بالموتي لا بالأحياء،كما هو الحال منذ عشرين عاماً، والحق أني لا أفتقد التعامل مع المرضي مطلقاً، ولم أعد أكترث لأمرهم، فالسعادة التي كانت تغمرني عندما يُشفي أحدهم باتت تتلاشي تدريجيا، ليس فقط لوقوفي عاجزةً أمام جرحٍ غائر ملوّث يحتاج إلي كيلو قطن يومياً مشبّع بصبغة اليود والمراهم والدهانات وفي النهاية لن يلتئم،أو عدة أجساد مصابة بأعيرة نارية إثر مشاجرة بسبب بضعة جنيهات،أو لأن ثقة أهالي حي الشرّابية في شششَرّابيّة الحكيمةصص تآكلت يوماً بعد يوم أمام روشتات الأطباء وغرورهم وهم يُملون مطالبهم علي مسامع أهل المريض،شَرابيّة التي سمّاها أبوها ليمتد ذكري (الشَّرَّابة) سقاة الناس منذ زمنٍ بعيد -وهو منهم- باتت أشبه بشششُرّابة الخُرجصصلا تحلُّ أسقاماً ولا تربط جروحاً،ولكن أيضاً لأنني تعبتُ من عذاب الإحساس بالأمل دون جدوي،فحسمتُ أمري عند أول فرصة أتت كي أعبّر للموت عن عظيم إحترامي،كي أدين لهذا القاتل بالولاء الكامل وأودّع برضا تام فقيديّ:ابني والذي غادر في هدوء وهو نائم، ومهنتيَ القديمة ..
شَدي حيلك أقولها وأنا أصافح ابنة المتوفاة الآن، كما صافح أمها الموت في نفس اللحظة، وصافح ابني في لحظةٍ سالفة،في كثير من الأحايين لا يجد المرء أمامه سوي أن يسلّم علي عدوه، وقتما لا يمتلك القدرة علي هزيمته، وكما قيل في الأمثال: ما محبة إلا بعد عداوة..
أتساءل كل ليلة كيف يتسع قلبي لكل هؤلاء،كيف أتفقد وجوههم بشجاعة ملك موت وأسامحهم بسرعة وصول الورثة؟ ربما لأنني رأيتُ منهم ما كفاني، رأيتُ جثامينهم للمرة الأخيرة قبل أن أسلمَهم للعَدَم، مسحتُ عنهم البول والدماء واطَّلَعتُ علي العَذِرة والعُذْرة ..ولَكم شممتُ ما أكره بقدر ما طَيّبتُ بما أحب..
الجزء الأصعب في الحكاية أنك تكون علي صلةٍ بالميت،أنْ دَخَلَ طعامُه جوفَك وسقاك من مائه وكساك من ملبسه، كما هو الحال مع جارتي التي سأذهب فأراها للمرة الأخيرة كي أجهزها للعرس مثلما رأيتُ البارحة في الحلم، بيت الحاجة أم إبراهيم عامرٌ كالعادة،بيتٌ لا ينفد منه الطعام قلّ أو كثر،لا تدري كيف أو متي تم إعداده وهي إما جالسة أو نائمة،لا تقف سوي كي تذهب إلي دورة المياه علي (مشّاية) كالتي يستخدمها الأطفال حديثو العهد بالسير،أوصت ست النعم -وهو اسمها- بوقوفي علي غُسلِها،وعندما اشتد بها المرض سألت أولادها: ماذا ستحضرون لي في عيد الأم؟، قالوا: ما تطلبين،فقالت: أريد كفناً تشتريه شَرّابيّة من عوف وقولوا لها أم إبراهيم توصيكِ بطول السُّترة وكثرة الطيب..
في عوف زاغت عيناي علي اللفائف بأقطانها وحريرها،اشتريتُ كفناً قطنياً وآخر من الحرير،قلتُ في نفسي لا أحد يدري، فكل ميّت ينادي كفنه،أما الليفة فكانت من النوع الذي أفضلّه، أليافها ناعمة ذهبية تشبه ذيل حصان أشقر ملفوف، لها شكل مغرٍ فتتوق النفس إلي حمامٍ ساخن بالكوز كما كان الحال قبل أن يصير لديّ سخاناً،شعرتُ كأنها تناديني فسألتُ البائع إن كان بإمكاني شراء ليفة من دون كفن، فقال لا،صمتُّ وأنا أتأكد من وجود زجاجات المسك الأبيض والأسود والكافور والعود إضافةً إلي السِّدر،كلٌّ له وظيفته واستخدامه في أثناء التكفين..
تمنيتُ أن ترحل ست النعم ذلك لأني أحبها ولا أريد لها عذاباً،كانت تلك المرأة هي الوحيدة التي لا يصيبها النفور مني بعدما تحولتُ من حكيمة إلي مغسّلة،الإنسان يموت عندما تلفظه الأماكن التي يحبها.. ظلّت تطلب مني التغيير علي قدمها المريضة من دون علمِ أبنائها أو أحفادها، المهم ألا يري أحدهم ما آلت إليه،أم إبراهيم وأنا كلتانا تكره الأطباء،وبقدر كراهيتي للعودة لتلك المهنة فلقد وافقتُ من أجلها فقط،فكان مرض السكري اللعين ينهش أصابع قدميها وكنتُ أتفنن في العناية بهما،فأضعهما في الماء المملح وأطهرهما بتلك السوائل الداكنة قاتلة الجراثيم، رأيتُ كيف تتبدّل ألوان أصابعها بالتدريج حتي صار أكبرها أسود اللون،شعرتُ بالقلق ولكني لم أرد إخافتها،أعرف أن الأمر قد يؤول إلي بتر الإصبع أو القدم وأحياناً الساق! هؤلاء القساة لا يرحمون!
ساورني القلق، ذلك الذي بتُّ أهرب منه طوال تلك السنوات،هل أقول لأبنائها؟ أم أحدّثها بضرورة رؤية طبيب؟ أم إبراهيم لا تتألم مطلقاً، لا تشعر بيدي حتي عندما أضغط علي جراح قدميها المفتوحة، لماذا أزعجها وأعرّضها لشيء بشع اسمه البتر؟ لمَ لا أدعها جالسة هكذا بابتسامتها الواسعة عندما تسمع صوت صليب بائع السمك منادياً فتطلب مني شراء البلطي الصغير وسمك المكرونة منه؟ وتفرح بالقشور عندما تتطاير -وأنا أنظفه بجوارها-إلي حجرها، أشوي البلطي وأقلي المكرونة ونأكل سويًّا؟ أمرٌ لا يحدث سوي في بيت ست النعم التي لا تخشي من نذير الشؤم ! فتكتّمتُ سواد القدم كي أنقذ قلبها من سواد الفقد إذا أتاها زاحفاً..!
كل شيءٍ معد الآن، الكل ينتظر شرّابية ويستقبلها باحترامٍ، تماماً كما شيّعوا طبيب الصحة حتي الباب، من تحت نقابي تطلّعتُ إلي نظراتهم الحزينة المختلطة بالحيرة، بين الصمت والبكاء والصراخ، توجهتُ إلي حجرتها فلمحتُ أسطوانة الأوكسجين مرتكنة إلي إحدي الزوايا،تذكرتُ أني نسيتُ إحضار صبغة جاوا معي اليوم،كانت تخبرني أنها تشعر بالغرق،كأن الماء يغمر صدرها حتي أنفها،فأجعلها تستنشق بخرها الساخن المتصاعد إلي أن تظهر عليها علامات الراحة لأنها تمكنت أخيراً من جذب نفس عميق..وجدتُها فوق السرير المعدني المنصوب من أجل الغُسل،فإذا بها راقدة بلا حراك،وقد لفّوا حول وجهها منديلها الأزرق القديم بزركشته من الورد الأصفر والأحمر،كأنه قطعة (قماش خيّامية) فلم يحكموا ربطه، يتدلّي فكها السفلي فظهر سنها الفضي،عيناها مغمضتان،في كل منهما خيطٌ لامع دقيق تحت أهدابها البيضاء،بدت ست النعم كأنها نائمة لدرجة أنني تشككتُ في موتها..وضعتُ يدي علي قلبها فكان صامتاً،قلتُ السلام عليكِ يا أمي فلم ترد، قبّلتُ يدها وجبينها وبكيتُ،من دون صوت،لا ينبغي أن تبكي شرّابية أمام أحد..
طلبتُ أن يخرج الرجال جميعهم من المنزل،طلبتُ الكثير من الماء الدافيء، طلبتُ كذلك أن تبقي من تقدر علي احتمال الغُسل ممن أوصت بحضورهن،بسطت اللفائف وكان لا بدّ من تخييطها في بعضها البعض لتستوعب جسدها الممتليء فانهمكت بناتها في القيام بهذا العمل، بينما شردتُ أنا في تلك الحركة شبه المستمرة والتي كانت تقوم بها في آخر أيامها وهي غائبة عن الوعي،كأنها تخيط شيئاً،نادت ست النعم عليّ ضمن مَن نادت،علي رئيسة زوجة التُربي وعلي زوجها المتوفّي وعلي أخواتها الراحلين جميعهم..كنتُ أتعجب كيف تمرض تلك المرأة برأسها ورئتها وهي التي كانت مغرمة بأكل رؤوس السمك وخياشيمه؟
أخرجتُ الليفة الذهبية وقد بقي اثنتان من حفيداتها واثنتان من بناتها،ابتسمت لهن وأنا أضع كفي فوق جبينها المُندّي فقلت تلك دلالة علي حسن الخاتمة فاشتد بكاؤهن،أخذتُ في صب الماء صبًّا فوقها وهي مغطاة بملاءتها المفضلة.. لماءِ الغُسل صوتٌ مختلف فوق الجثامين، يذكّرني دائماً بالتخلص من جنابة الليلة الأولي،وغسل آخر ليلة من ليالي النفاس،تلك الحياة ! كيف لا يصير فيها شيء ذا قيمة سوي ذلك الذي يشبه الرحيل عنها؟
ليفةٌ طيّعة ناعمة..خُيّل إلي أن أم إبراهيم تستحسن الأمر،انفرج فكها قليلاً خاصةً وأنا أصب الماء فوق شعرها،قسمته ثلاثة أجزاء وبدأت في تضفيره،هرعت الحفيدة الكبري في تضفير جزء وأشارت إلي الأخري لتضفّر الشعر المتبقي، قالت لها: ضفري، فذلك جيّد لمن لم تنجب بعد، تعجبَت الصغري ولكنها فعلت كما طُلِب منها،كانت تبكي بكاءً مرًّا وتهمس لست النعم بأنها تضفّر شعرها الآن كما اعتادت هي أن تفعل معها في الصغر وباتت تحدثها: ضفريه عشان يطول..
الآن وبعد الغُسل الأخير أستطيع أن أشتمَّ رائحة الأطفال الرُضَّع تفوح من جسدها الطري،الآن يحضر الملائكة من حولنا ليؤمّنوا علي الدعاء لها،أحشوها بالقطن،وقلبي محشوٌّ بالفقد،ألفُّ حولها الكفن مثلما اعتدتُ أن أربط جروحها،طبقات ..طبقات .. القدم المريضة غادرها السواد، لا لأن الجرح قد طاب ولكن لأنهم بتروها..
لا فائدة، العجز يطاردكِ من جديد، قدمها المبتورة ليست هنا،فمها مفتوح لتسقيَها -يا شرابيّة -ولا تقدرين ..كثرة الطِّيب لم ترد دود الأرض عن ابنك..
لن آخذ مالاً من ست النعم لكني سآخذ تلك الليفة الذهبية،سأغتسل بها الليلة هي الكوز الألومنيوم،سأدسُّ أنفي في صحن كبير مملوء بالماء الساخن وأذوّب فيه صبغة جاوا فأستنشق بعمق كي يتطاير معها مخاط الأحزان اللابد في روحي،سأشتري أكلة سمك من صليب أحيكُ من الكفن الحريري عباءةً،ثم أبحث عن عرس في الحي غداً لأحضره، ذلك الحي كالحياة،لا تنفد منه الأعراس ولا المآتم أبداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.