كرنفال تعليمي في 222 مدرسة بالإسكندرية    وكيل تعليم الأقصر يتابع انتظام المدارس في أول أيام العام الدراسي الجديد (صور)    منتدى شباب العالم يشارك في قمة المستقبل المنعقدة بالأمم المتحدة    «الأعلى للأمناء» يطالب بحل مشكلات الطلاب وأولياء الأمور مع بدء الدراسة    الأماكن الشاغرة ب جامعة أسيوط الأهلية 2025.. تعرف موعد التقديم والرابط والمستندات    فريق Robo Farm بجامعة القناة السويس يحصد المركز الثالث على مستوى الجمهورية    «التنمية المحلية» تعلن انتهاء المحافظات من استعداداتها للعام الدراسي الجديد    محافظ البحيرة تضع حجر الأساس لموقف أبو حمص الجديد بتكلفة 30 مليون جنيه    بني سويف تستقبل 127 سائحا متعددي الجنسيات على متن 4 بواخر (صور)    رئيس الوزراء يتفقد مصنع أسترازينيكا لأدوية السكر والضغط بمدينة 6 أكتوبر    «فتوح» يستنكر قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في غزة    لمدة 24 ساعة | إسرائيل تغلق مجالها الجوي شمالا    معاريف: صافرات الإنذار تدوي في الجليل الأعلى والغربي    إنريكي يعلن قائمة باريس سان جيرمان لمواجهة ريمس    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة المصري والهلال الليبي    مؤتمر فليك: اللعب بالقدم من مزايا تير شتيجن.. ويجب أن نكون حذرين مع فاتي    فلكيًا.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    السيطرة على حريق هائل بمزرعة بالسنطة ونفوق 7 رؤس للماشية    «الداخلية»: شرطة المرور تضبط 27876 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    المشدد 10 سنوات لخفير تعدى على فتاة وواقعها بالشرقية    اليوم.. ماريان خوري وماجي مرجان في ندوة "السينما والعائلة"    أنغام تُشغل حفل البحرين.. والجمهور يعلق: «أنتِ صوت الطرب العربي وكوكب الشرق والكون كله»    زاهي حواس يرد على المزاعم الإسرائيلية بتكذيبه للتوراة.. ماذا قال؟ (فيديو)    هشام عبدالخالق يكشف سبب استبعاد مخرج الحريفة رغم نجاحه جماهيريا (تفاصيل)    هل يؤثر الاكتئاب على الذاكرة؟    ضخ 50 مليون دولار استثمارات جديدة.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع «أسترازينيكا مصر»    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    إجراء 7955 عملية بنسبه 98٪؜ من المسجلين على قوائم الانتظار بسوهاج    التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب واللجنة المنظمة لمنتدى شباب العالم يتولون ملف المتطوعين بالمنتدى الحضرى العالمى الثانى عشر بمصر    عمرو الفقي يوجه التحية لصناع مسلسل برغم القانون    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج بتنهي أي خلاف ولا تدعو للتطرف أو التعصب    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    أم تحضر مع ابنتها بنفس مدرستها بكفر الشيخ بعد تخرجها منها ب21 سنة    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    الكشف عن سبب تسهيل مهمة مُطلق النار على «ترامب» في تجمع انتخابي    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    وزير الشئون الاجتماعية اللبناني: التفجيرات الإسرائيلية الأخيرة غير مسبوقة وتتطلب تكاتف جهود الجميع    دون إصابات.. اصطدام حافلة بالحاجز الإلكتروني لمزلقان سكك حديد المنيا    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    بدء العام الدراسي الجديد.. ما هي خطة وزارة الصحة لتأمين للمنشآت التعليمية؟    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    الزمالك يُعلن طبيعة إصابة مصطفى شلبي ودونجا قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما ينتصر القضاء للإبداع
معركة صلاح نصر مع صاحب "الكرنك"
نشر في أخبار الأدب يوم 12 - 12 - 2015

نجيب محفوظ في هذه الصفحات نستعرض وقائع القضية التي رفعها صلاح نصر مدير المخابرات العامة سابقا ضد نجيب محفوظ مؤلف "الكرنك" التي تحولت إلي فيلم سينمائي،متهماً الفيلم بأنه تعرض لشخصه بسوء، وقد ذهب نجيب إلي المحكمة ودافع عن نفسه، وبعد عدد من الجلسات برأ المستشار منير محمد الصايغ محفوظ وكل من اختصمهم صلاح نصر، مستندا إلي أن الفيلم لم يقل إن هذا الصفوان كان هو صلاح نصر، واستعرضت المحكمة "الكرنك" كفيلم ورواية أدبية، فقالت إنها لم تكشف عن خالد صفوان.. والفيلم لم يعن شخصا بذاته من الأشخاص.
كما نجد في هذا الملف المتعلق بهذه القضية حوارا أجراه الأديب عبدالعال الحمامصي مع محفوظ بعد تبرئته، يشرح فيه رؤيته ل"الكرنك".
جريدة أخبار اليوم 29 نوفمبر
صلاح نصر يرفع قضية علي
سعاد حسني ونجيب محفوظ
تنظر محكمة الأمور المستعجلة بعابدين بعد إجازة عيد الأضحي مباشرة القضية التي رفعها صلاح نصر مدير المخابرات العامة سابقا ضد نجيب محفوظ مؤلف قصة الكرنك، وممدوح الليثي منتج الفيلم، وأبطال الفيلم سعاد حسني، وكمال الشناوي، ونور الشريف، صلاح نصر يطالب بمنع عرض الفيلم بحجة أنه يسيء إليه.
جريدة الأخبار 5 يناير 1976
الحكم اليوم في دعوي صلاح نصر ضد فيلم الكرنك
الدفاع: هل وجد صلاح نصر نفسه في الفيلم؟
تصدر محكمة الأمور المستعجلة اليوم حكمها في قضية فيلم الكرنك المرفوعة من صلاح نصر ضد نجيب محفوظ مؤلف الفيلم، وممدوح الليثي منتج الفيلم.. قال نجيب محفوظ أمام الحكمة إنه لم يمس شخصية صلاح نصر في قصته وطلب إخراجه من الدعوي علي أساس أن القصة لم تتناول أشخاصا بأسمائهم كما أثار الدفاع عن منتج الفيلم الذي طالب بحضور صلاح نصر ليوضح للمحكمة أين يجد نفسه من بين شخوص هذا الفيلم أفعالا وأقوالا وأحداثا وحركة.. إن استطاع أن يجد نفسه.
نظرت الدعوي أمس برئاسة منير محمد الصايغ رئيس المحكمة، وأمانة سر فايز سامي.. وحضر محامي صلاح نصر كما حضر الأديب نجيب محفوظ، ومعه محاميه عباس الأسواني، وممدوح الليثي، ومحاميه لبيب معوض..
في بداية الجلسة طلب نجيب محفوظ إخراجه من الدعوي علي أساس أن القصة الأدبية لم تتناول أشخاصا بأسمائهم وأنه لم يمس شخصية صلاح نصر في قصته.. وقال لبيب معوض المحامي عن منتج الفيلم أنه مسئول شخصيا عن العمل السينمائي وأن المادة 47 من دستور 71 كفلت لكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير "الأفلام" والنقد الذاتي والنقد البناء ضمانا لسلامة البناء الوطني.. وهذه الدعوي من قبل صلاح نصر لتعطي الحق في التعبير بالتصوير، وطالب بضرورة حضور صلاح نصر شخصيا ليوضح للمحكمة أين يجد نفسه من بين شخوص هذا الفيلم أفعالا وأقوالا وأحداثا وحركة.. إن استطاع أن يجد نفسه، وأكد أن شخصية صلاح نصر لم تكن في ذهن واضع السيناريو.. وأن هذه الدعوي من صلاح نصر بقصد الشهرة بعد ان انحسرت عنه الأضواء.
وأضاف الدفاع: أما القول بأن الفيلم مؤثر علي الجناية المتهم فيها صلاح نصر بتعذيب مصطفي أمين، فهو قول مرسل ويتعين أن تكون الجناية برمتها أمام المحكمة حتي نستطيع أن نقول إن الفيلم مؤثر أو غير مؤثر... وقال إن صلاح نصر يركز في دعواه إلي قول منسوب إلي الممثل أحمد مظهر.. فهو يطالب بمنع عرض الفيلم وتجميد مبلغ 100 ألف جنيه قيمة تكاليف الفيلم لقول منسوب إلي الغير.. وطالب المحكمة بمشاهدة الفيلم في عرض خاص لاثبات إذا كان دور الممثل كمال الشناوي هو دور صلاح نصر الحقيقي أم لا..
وبعد سماع الدفاع قررت المحكمة إصدار حكمها في جلسة اليوم
جريدة الجمهورية 6 يناير
المحكمة تشاهد "الكرنك" في عرض خاص
اصدر قاضي محكمة عابدين للأمور المستعجلة حكمه في القضية التي رفعها صلاح نصر ضد كل من منتج وكاتب فيلم "الكرنك" ويقضي بانتقال المحكمة لمشاهدة الفيلم في عرض خاص يحضره كل من صلاح نصر، ونجيب محفوظ، وممدوح الليثي.. يوم الخميس القادم وذلك للنظر في طلبات صلاح نصر باثبات حقيقة الدور الذي يمثله كمال الشناوي في الفيلم، وطلب منع عرض الفيلم، وقد شمل حكم القاضي "منير الصايغ" عدم اختصاص القضاء المستعجل بطلب اثبات حقيقة الدور الذي يمثله كمال الشناوي، ويفصل بعد مشاهدته مع طرفي الخصومة للفيلم في الطلب الثاني بوقف عرض الفيلم الذي يعرض حاليا بمدينة الاسماعيلية.
الأخبار 8 يناير
محكمة الأمور المستعجلة
تشاهد فيلم الكرنك اليوم
تنتقل محكمة الأمور المستعجلة مساء اليوم برئاسة منير الصايغ لتشاهد فيلم الكرنك في عرض خاص للنظر في دعوي صلاح نصر بوقف عرض الفيلم، لأنه أخل بالنص الذي كتبه نجيب محفوظ، ويحضر أطراف الدعوي الفيلم وهم ممدوح الليثي، ومحاميه لبيب معوض و صلاح نصر، ومحاميه الدكتور علي الرجال.
جريدة الجمهورية 9 يناير 1976
قاضي الأمور المستعجلة يعاين فيلم الكرنك في دار العرض.. صلاح نصر يعلن اعتراضه علي الفيلم كله
قرر أمس القاضي منير صايغ رئيس الدائرة الأولي بمحكمة الأمور المستعجلة تحديد جلسة الاثنين القادم لإعادة المرافعة في القضية المرفوعة من صلاح نصر مدير المخابرات السابق ضد نجيب محفوظ، وممدوح الليثي منتج وكاتب سيناريو وحوار فيلم "الكرنك".
وكان القاضي قد انتقل في الخامسة من مساء أمس الي قاعة سينما ريفولي لمشاهدة الفيلم مع المدعي ومحاميه لبيب معوض.. لعدم حضور المدعي عليه الأول الأديب نجيب محفوظ.
وقد امتلأت قاعة العرض بعدد كبير من الجمهور ونجوم الفيلم، كمال الشناوي وعماد حمدي ووحيد سيف ومحمد صبحي.. وفي نهاية العرض قال وحيد سيف إن حضور صلاح نصر إلي هذه القاعة دلالة واضحة علي الحرية في عهد الرئيس محمد أنور السادات.
وانتقل القاضي إلي مكتب مدير سينما ريفولي حيث حرر القاضي محضرا بملاحظاته علي مشاهد الفيلم وفيها..
إن محرك أوامر الضبط أيا كانت صفته القانونية حبسا أو اعتقالا كان ابن أحد الذين يعملون في السراي الملكية.
وجهت للشبان المقبوض عليهم ثلاث اتهامات، كل اتهام في مرحلة من مراحل القبض.. الاتهام الأول الانتماء إلي جماعة الإخوان المسلمين، والاتهام الثاني العمل في خلايا شيوعية.. والاتهام الثالث التحريض علي مظاهرات المحلة الكبري.
أثناء مشاهدة الفيلم، وعند منظر عملية تعذيب جماعية لمجموعة الشبان المقبوض عليهم، قال صلاح نصر، إن السور الذي ظهر في الفيلم هو سور المخابرات.. فرد ممدوح الليثي بأن السور ليس إلا سور استديو مصر.
عندما سئل "خالد صفوان- أحد أبطال الفيلم- الذي كان يدبر جهاز التعذيب والتحقيق أين كان ليلة قيام ثورة 23 يوليو؟ قال إنه كان في البيت وأنهم أتوا به لإخلاصه ولحماية الثورة.
أعلن أحد رجال الشرطة العسكرية داخل "المحبس" بيانا بتاريخ 20 مايو عام 1971 بناء علي أمر من رئيس الجمهورية باطلاق سراح كل المعتقلين من السجن الحربي وترحيل "خالد صفوان" الي سجن الاستئناف لتتولي معه التحقيق النيابة العامة.
طلبت المحكمة من المدعي صلاح نصر ان يبدي ملاحظاته علي ما قامت المحكمة في إثباته بمحضر الجلسة.. فقال لا تعليق لي علي المشاهد، وإنما سأحتفظ بالتعليق علي القصة والفيلم ككل في المرافعة.
وأقفل المحضر.. للبدء في المرافعة صباح الاثنين القادم.
صلاح درويش
عندما ينتصر القضاء للإبداع
رفض دعوي صلاح نصر ضد "الكرنك"خالد صفوان ليس بالضرورة هو صلاح نصر
أصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكمها أمس برفض دعوي صلاح نصر التي طلب فيها وقف عرض فيلم "الكرنك"، وألزمته المحكمة بالمصروفات.
قالت المحكمة إن الفيلم لم يمس شخص صلاح نصر، وإنما هو يصور أحداثاً عامة وأشخاصاً بأسماء وهمية ليحكي تاريخا للبلاد في حقبة معينة تاركاً للمشاهد بخياله الخصب أن يبحث في تاريخ مصر في تلك الفترة ليبحث عمن يكون "خالد صفوان" الذي يقوم بتمثيله كمال الشناوي.
والفيلم لم يقل إن هذا الصفوان كان هو صلاح نصر، وأن جهازه البغيض هذا هو المخابرات العامة.. فالدعوي جاءت علي غير سند من الواقع أو القانون، ولذلك يتعين رفضها، وأن صلاح نصر لم يشاهد الفيلم عند رفع الدعوي وإنما استشهد بما نشر عن الفيلم فقط.
وكان صلاح نصر رفع الدعوي ضد نجيب محفوظ مؤلف رواية الكرنك، وممدوح الليثي منتج الفيلم، وقال في دعواه التي نظرت أمام منير محمد الصايغ رئيس المحكمة بأمانة سر عبدالرحمن ابراهيم: إن الفيلم اعتداء صارخ علي حريته وحقوقه وتأثير علي القضاء، وعلي عواطف الجمهور، وطلب وقف عرض الفيلم.
جاء في أسباب الحكم برفض دعوي صلاح نصر: أن المحكمة المستعجلة من اختصاصها وقف عرض الفيلم، أو استمرار عرضه إذا كان به مساس لحقوق الغير أو حريتهم أو اعتداء علي حقهم في الحياة أو تنطوي علي دعوة لاضطهادهم أو استعداء الرأي العام عليهم، وأي مواطن عادي علي أرض مصر يعيش في حرية مطلقة من حقه أن يلجأ إلي القضاء إذا استشعر أن حقه في الحياة كمواطن وأن حرياته الفردية وحقوقه العامة في خطر لما يستشعره من مساس الفيلم به.
وقالت المحكمة: إن صلاح نصر ربط بين شخصيته وشخصية كمال الشناوي في دور خالد صفوان، وإنه أبدي استعداده للتنازل إذا أعلن منتج الفيلم أن هذه الشخصية ليست شخصيته.
واستعرضت المحكمة الكرنك كفيلم ورواية أدبية، فقالت إنها لم تكشف عن وظيفة "خالد صفوان" أو أن خالد صفوان هو صلاح نصر، أو أنه رئيس المخابرات العامة، والفيلم لم يعن شخصاً بذاته من الأشخاص الذين مارسوا الحياة العامة علي مسرح السياسة المصرية إبان هذه الحقبة من تاريخ مصر، وأنه صور شخصية خالد صفوان علي أنه كان واحداً من أصحاب الأيدي التي إمتدت إلي حريات هذا الشعب بالأغلال والقيود فكبلتها، وإلي أصحاب الرأي فاثخنتهم تنكيلاً وتعذيباً، ومن ثم كانت نكسة 1967.
والأديب نجيب محفوظ في القصة، والسينمائي في فيلمه تركا لخيال القاريء والمشاهد الفنان، ليقدح زناد فكره، باحثاً عمن يكون خالد صفوان. وصلاح نصر في كتابه قال: إن المخابرات العامة لم تشترك إلا في قضايا الجاسوسية، مما يوحي بأنه لاصلة للمدعي أو المخابرات العامة بأحداث الرواية، فالدعوي جاءت علي غير سند من الواقع أو القانون، ويتعين الحكم بفضها، وحيث إن صلاح نصر خسر الدعوي فإن المحكمة تلزمه بالمصروفات.
جريدة الأخبار 9 يناير 1976
الكرنك في مواجهة.. الطاغية
حسن شاه
قصة "الكرنك" للكاتب الكبير نجيب محفوظ التي تحولت إلي فيلم علي يد المخرج الشاب الواعد علي بدرخان من تلك القصص التي تحكي عن تراجيديا الإنسان المصري في فترة مازالت تترك بصماتها علي نفسية وحياة الشعب المصري، لأنها تتعرض لانحراف أجهزة الدولة البوليسية وعلي رأسها جهاز المخابرات العامة قبل نكسة يونيه 1967.
إن الأحداث المروعة التي مرت - بدرجات متفاوتة- بكل فرد من رواد ذلك المقهي الصغير الذي أطلق عليه المؤلف عامداً دون شك اسم ذلك المعبد المصري القديم القائم في وجه الزمن والطغاة منذ آلاف السنين.. تمثل في مجموعها مختلف ألوان القهر والظلم والإحباط التي أصابت أبناء مصر في الفترة التي استفحل فيها نفوذ مراكز القوي.
إن "الكرنك" هذا المكان الهاديء الآمن الذي تملكه قرنفلة وهي راقصة شرقية متقاعدة "شويكار" الذي يتردد عليه نوعيات مختلفة من الناس، من بينهم طلبة في الجامعة مثل زينب "سعاد حسني" وإسماعيل "نور الشريف" وحلمي "محمد صبحي" وبعض الموظفين الكبار الحاليين أو المحالين إلي المعاش (عدلي كاسب) وبعض الفنانين المبتدئين، وشخصيات أخري لاهوية لها مثل "وحيد سيف" الذي لا يكف عن حل الكلمات المتقاطعة، "وفايز حلاوة" الذي لا يمل من مطاردة قرنفلة.. هذا المكان يتخلي عنه الهدوء وتحل به الكارثة عندما يعرف بعض رواده طريقهم الي "خالد صفوان"!
وخالد صفوان "كمال الشناوي" شخصية غريبة لاتتردد علي (الكرنك) مرة واحدة طوال الفيلم، لكن شبحها يلقي ظلاله القاسية علي المكان بكل ما فيه ومن فيه، والسيناريو الذي كتبه ممدوح الليثي لا يخطيء مرة واحدة فيذكر لنا حقيقة هذا الشخص أو وظيفته، وإن كنا نراه غالبا في مكتبه الفاخر أو فيلته الفارهة وهو يحكم مصر من عالمه السري بواسطة مجموعة من الزبانية القساة، يطلقهم في مهام شريرة لاصطياد الأبرياء وتوجيه التهم إليهم ومحاولة إلصاقها بهم بكل الطرق.
عندما يعرف رجال "خالد صفوان" طريقهم إلي الشقتين المتجاورتين المتهالكتين اللتين يسكنهما كل من إسماعيل، وزينب.. ويساق الاثنان ومعهما الصديق الثالث "حلمي" وقد غطيت وجوههم بأغطية سوداء أشبه بتلك التي توضع علي وجوه المحكوم عليهم بالإعدام، لكي يجدوا أنفسهم في النهاية أمام خالد صفوان، ومنذ هذه اللحظة التي واجه فيها أبطال الكرنك عيني هذا الرجل الذي يملك مفاتيح العذاب، كان قد قدر علي كل منهم أن يمر بأبشع تجربة يمكن أن يمر بها إنسان، فالاقتراب من خالد صفوان أشبه شيء بالاقتراب من الجحيم.
إن المتفرج علي مشهد الاعتداء الجنسي الوحشي علي زينب لن يستطيع أن يمنع نفسه من التفكير فيها كرمز لمصر التي هدر شرفها في أيام القهر التي انتهت بنكسة 1967، كما أن المتفرج علي مشهد قتل حلمي بالهراوات علي رأسه في السجن الحربي في نفس يوم الهزيمة لن يخفي عليه أن موت حلمي بهذه الصورة هو المقابل لموت الأمل في قلوب أبناء مصر، وهو المقابل لموت آلاف من شباب القوات المسلحة في نفس اليوم بطريقة لا تقل غدراً.
والفيلم مليء بالإيحاءات والرموز وقد أثبت المخرج الشاب علي بدرخان، انه قد وضع قدماً ثابتة في عالم الإخراج.
في "الكرنك" يتألق نجم سعاد حسني كما لم يتألق في فيلم من أفلام الموسم الماضي، فأداؤها التمثيلي يسير في خط بياني صاعد، وقد بلغت في دور زينب ذروة الإبداع الفني، أما كمال الشناوي في دور خالد صفوان فقد استطاع أن يستفز مشاعر المتفرج وكراهيته للشخصية التي يؤديها، وهو أقصي مايتمناه الممثل العظيم في دور شخصية كريهة مثل التي قدمها. وقد أدي نور الشريف دور إسماعيل بكل الموهبة والجدية المعروفتين عنه، وكان محمد صبحي علامة مميزة في علامات الفيلم، واثبتت شويكار في دور المرأة التي تعشق شاباً في عمر ابنها أنها ممثلة تراجيديا بقدر ما هي ممثلة كوميديا.. وكان عماد حمدي في دور الكاتب المعروف طه الغريب استاذاً رغم قصر الدور خاصة في المسكن الذي شعر فيه بالإهانة تلحق به وبكل القيم في مصر علي يد أحد المخبرين من اتباع خالد صفوان.
جريدة الأخبار 9 يناير 1976
فيلم تحت رحمة المقص
"الكرنك" .. بدون حذف!
إلي جانب القضية المثارة هذه الأيام حول فيلم "الكرنك".. الذي أخرجه علي بدرخان عن قصة نجيب محفوظ الشهيرة حول فترة حكم مراكز القوي في مصر.. فإن الفيلم ظل يشغل الرقباء في صالات العرض الصغيرة، بالرقابة علي المصنفات الفنية!
إن أكثر من مشهد تعرض لاقتراحات من الرقباء، باختصاره، أو حذفه تماماً.. وقد عرض الفيلم أكثر من مرة للمشاورة في ذلك.. ولعل من بينها مشهد الاغتصاب الذي يتم للدكتورة زينب دياب "سعاد حسني" بمكتب أحد المسئولين: خالد صفوان "كمال الشناوي" إلا أن الرأي استقر في النهاية، وبناء علي تعليقات من المسئولين بمراعاة عرض الفيلم لقضية وطنية هي قضية "الحرية" وعدم حذف أي شيء منه، ليعرض كاملا علي الجماهير.
ممدوح الليثي منتج الفيلم، طلب أيضاً مراعاة قيمة الفيلم من ناحية موضوعه القومي.. وعرضه قبل فيلم فؤاد المهندس "فيفا زلالطا" الذي يحمل تصريحاً مسبقاً للعرض.. إلا أن قرار المحكمة بتأجيل النطق بالحكم في القضية لأسبوعين آخرين..لن يمكنه من ذلك.
جريدة الأخبار 13 يناير 1976
عن الكرنك يحدثنا نجيب محفوظ
تعودت في كل حديث أجريته مع أديبنا الكبير نجيب محفوظ، أن إطرح عليه تساؤلاتي، وأن أتحاور معه في قضايا ذات جوانب متعددة ومتباينة، في السياسة والأدب والثقافة والفنون مستطلعا وجهات نظره التي تضيف إلي رؤيته الفنية التي يحققها من خلال أعماله الإبداعية، لكن هذه المرة عندما أزمعت إجراء هذا الحديث معه لم يكن في خاطري إلا فيلم "الكرنك" المأخوذ عن قصة له تحمل نفس العنوان.. فالفيلم بما يدور حوله وبما اثاره من تحقيقات وآراء.. وبعشرات الآلاف الذين تدافعوا لمشاهدته يوشك أن يصبح ظاهرة سينمائية. وغدا يشكل مساحة شاسعة من خريطة الاهتمامات اليومية، لا بالنسبة للمشتغلين بمسائل السينما والفن فحسب.. وإنما أيضا بالنسبة لقطاعات عريضة من جماهير شعبنا.
وحول الفيلم وما يثيره.. كان هذا الحديث مع كاتبنا المبدع الكبير نجيب محفوظ.
فيلم "الكرنك" المأخوذ عن قصتك التي تحمل نفس الاسم.. هل حقق رؤيتك التي تضمنتها الكلمة.. أقول هذا لأننا تعودنا دائما أن نقول إن علاقتك بأي فيلم مأخوذ من قصة لك تنتهي عند القصة ذاتها؟
وأجابني نجيب محفوظ في حماس واضح:
حقق الفيلم رؤية القصة لدرجة كبيرة.. وزاد علي ذلك تغطية الفترة الزمنية التي تلت مرحلة كتابة القصة.. ولقد عاب البعض علي ممدوح الليثي انه أدمج حرب أكتوبر في الفيلم ولاغبار عليه في هذا.. والحق أن حرب أكتوبر لو كانت قد حدثت قبل أن أفرغ من كتابة القصة لكنت أعدت النظر في الصورة التي ظهرت بها القصة. إن حرب أكتوبر تمثل شيئا إيجابيا مشرفا.. وإذا كنت قد توقفت عند لحظات المرارة الشديدة فقد فعلت هذا مضطرا توافقا مع مضمون العمل وما أستهدف التعبير عنه، وتوافقا مع رؤيتي ككاتب عليه أن يصور الحقيقة بغير ما تغطية لمدلولها.. وأعود للقول إن حرب أكتوبر لو كانت سبقتني لأعدت النظر.. فليس المفروض أن أخم الناس!!
الكرنك.. بعيداً عن قيمة القصة كنص أدبي.. من في رأيك كان له التفوق من حيث الفيلم السينمائي.. الإخراج.. السيناريو.. التصوير.. التمثيل؟
- أساسا يجب أن نبعد الإخراج عن القضية هنا.. لأن الإخراج مسئول عن كل شيء في الفيلم.. أي فيلم.. علي عاتقه تقع مهمة تفوقه.. أو نتائج انهياره، إن أي تقريظ للفيلم ينسحب علي الإخراج وأي قدح فيه هو إدانة له... إن بقية العناصر تتحمل مسئوليات جزئية أما الإخراج فمسئوليته شمولية!
تبقي بقية العناصر التي ذكرت لقد تضافرت جميع هذه العناصر في إنجاح الفيلم ولكن عنصر التمثيل كان واضح التفوق.. فما بالك بفيلم مثل "الكرنك" توافرت له عناصر تمثيلية ممتازة، إن دور فريد شوقي لايمكن أن ينسي.. فريد طوال عمره ممثل محبوب.. ولكن أعماله الأخيرة تؤكد أنه فنان خصب ينطوي علي إمكانيات فنية هائلة.. "الكرنك" يقول هذا "ومضي قطار العمر" يشهد بذلك.. إنه فنان قادر علي التطور.. والعطاء المتفرد.
لا أعتقد أن فيلماً عربياً أو أجنبياً في مصر قد حقق من الإيرادات المذهلة ما حققه فيلم "الكرنك" الان.. علي الأقل في حدود ما أعرف.. قد يكون الفيلم ممتازاً - وأنا لست هنا بصدد رأيي الخاص فيه - ولكن هل هذه الايرادات المذهلة ترجع إلي دعاية أعطاها صلاح نصر مجانا لفيلم بواسطة الدعوي التي رفعها ضده؟ فهو بهذا قد نبه الجمهور إلي أن الفيلم يدور حول الإرهاب الذي تعرض له بعض الناس بواسطة أجهزة القمع؟
- نجاح أي فيلم يرجع أساسا إلي عاملين أساسيين.. عامل أصلي هو مضمون الفيلم المؤدي بقيمة فنية معينة.. وعوالم غير أصلية ولكن من غيرها لا يتحقق النجاح للفيلم، عوامل تتعلق بجذب الجمهور إلي الفيلم علي رأسها النجوم.. ثم الدعاية.. فيلم "الكرنك" توافرت له كل العوامل الأصلية والفرعية.. مضمون يعرض في لحظة تستقطب اهتمام كل الناس بالسياسة.. نجوم علي أعلي المستويات.. دعاية جاءت له من السماء، كل هذا جعله يحقق النجاح الذي لم يحققه أي فيلم مصري.. الدعاية مهما كانت ضخامتها. لايمكن أن تنقذ فيلماً هابطاً من مصيره.. لأنها قد تخدع الجمهور لمجرد حفلة واحدة أو أكثر.. ولكن بعد ذلك تتضح ويواجه الفيلم مصيره.. الدعاية تجلب الناس للشيء الناجح لتؤكده.. أما الشيء الفاشل فلا قوة في الأرض يمكنها أن تنقذه.. سذاجة أن يقال إن أي فيلم قد نجح لدعايته أو نجومه.. الفيلم كل متكامل من حيث الموضوع، والإخراج، والسيناريو، والتمثيل، والتصوير، والمونتاج، وبقية المؤثرات التي تعطينا الفيلم في صورته النهائية.
ثم ما هي الحيثيات التي اعتمد عليها صلاح نصر في رفع الدعوي ضد المنتج وضدك؟
اعتمد علي أنه يتعرض لمحاكمة في دعاوي مرفوعة ضده ولا يصح أن يكون عرضة لهجوم من أي نوع من شأنه التأثير علي مركزه.. وقد بلغه أن شخصيته في الفيلم بالاسم، فلما عرض الفيلم تأكد له أن ما وصل إليه غير حقيقي، واتضحت هذه الحقيقة للمحكمة فلم تأخذ بوجهة نظره في منع عرض الفيلم، خالد صفوان من خلال فيلم رمز للإرهاب ولكنه لم يتحدد بشخص معينا.
علي ضوء الأفلام السياسية التي عرضت في مصر.. "زائر الفجر" و"علي من نطلق الرصاص" و"الكرنك" هل بلورت السينما المصرية رؤية سياسية لها ملامحها الخاصة؟
- إن الفيلم عموما هو نوع من نقد المجتمع يستهدف التركيز علي قيمة معينة من خلال إدانة نقيضها، أو بهجوم علي شيء معين للإيحاء بالبديل له.. وهو بهذا يطلع سياسياً في حقيقته ولكن بطريق غير مباشر.. أما الفيلم السياسي فهو نقد للحياة السياسية أو بعض جوانبها من خلال وضوح الزاوية السياسية التي ينطلق منها.. ومن هذه الناحية أعتقد أنه قد حقق أغراضه..
وهناك نقطة أحب أن أتوقف عندها.. مغالطة أن يقال إن الفيلم السياسي بدأ من عام 1975 وأن يؤرخ له من هذا العام.. إن الأفلام السياسية أذكر منها فيلم لاشين بعد الثورة أغلب الأفلام المأخوذة من قصص سياسية.. أما أن يقال إن الفيلم السياسي بدأ اليوم فهذا زعم لا يقوم علي أساس من الناحية التاريخية.. ثم ماذا يقال عن أفلام مثل "رد قلبي" و"في بيتنا رجل" و"هارب من الأيام" و"شيء من الخوف" و"الأرض" و"يوميات نائب في الأرياف" وغيرها.. والأصح أن يقال عن "زائر الفجر" و"علي من نطلق الرصاص" و"الكرنك" إنها آخر أفلام سياسية وليست أول الأفلام السياسية.
في رأيك.. هل الذين ينفقون علي إنتاج الأفلام السياسية في مصر.. يستهدفون الربح عن طريق النجاح الذي تحققه إثارة الأفلام السياسية.. أو هم أصحاب رسالة يتوخون تأكيدها بهذه الأفلام؟
- أنا لا أستطيع أن أجول داخل السرائر لأحكم عليها.. ولكنني أستطيع القول -لو كنت منتجاً- فإن هناك هدفين لايغيبان عني.. الجودة من جهة.. والربح من جهة أخري.. لأنني عندما أقول لك: لقد نويت يا عبدالعال أن أشتغل منتجاً ولا تعنيني مسألة الربح في شيء فأنت حينئذ سوف تشك في عقلي ولكن العيب أن أقول لك إنه لاشيء يعنيني غير الربح وحده.. ولأضرب لك مثلا. هناك تاجر أمين ولكنه يستهدف الربح، وهناك تاجر غشاش لايهمه غير الربح.. إن كل المنتجين الأصلاء يقدمون الفن الجيد وفي خاطرهم الربح.. أما الدخلاء علي مهنة السينما أساساً فهم الذين يفكرون في الربح وحده!!
شاهدنا في السنوات الأخيرة هنا بعض الأفلام الأجنبية السياسية الممتازة.. "زد" و|قضية مثالية" و"انتهي التحقيق" هل يمكن أن يقف "الكرنك" نداً لهذه الأفلام؟
- للأسف سمعت عن هذه الأفلام وقرأت عنها، ولكن لم تتح لي فرصة مشاهدتها ليمكنني الإدلاء برأي يستند علي الموضوعية، في السنوات العشر الأخيرة لم أشاهد إلا أفلاما تعد علي أصابع اليد الواحدة.. وبالنسبة لهذه الأفلام فأنا أعتقد من خلال مشاهدتي لفيلم "الكرنك" ومن خلال ما قرأته عن هذه الأفلام فإن فيلم "الكرنك" لا يقل عنها امتيازاً مع اختلاف المستويات والإمكانيات بين هنا وهناك!
وهناك وجهة نظر تزعم أن رؤية الفيلم تؤكد علي ثورية الطبقة المتوسطة وصلابتها بينما تدين الطبقة الكادحة.. إذ لم تتحمل تعنت الإرهاب وانهارت في النهاية، بل أصبحت في خدمته.. هل كانت روايتك تعني هذا.. وهل لو كان لك دور في إعداد الفيلم كنت توافق علي أن ينحو الفيلم نحو هذا؟
- الواقع أن الطبقة الثورية بالمعني المقصود في مصر وفي غيرها نشأت أساسا من البرجوازية الصغيرة.. والطبقة الكادحة في الفيلم هي ثورية أيضاً.. وأنا لم يكن في خاطري أن أركز علي طبقة معينة.. إن أي أديب يكتب لايكون في ذهنه سوي الإنسان، أما التحديد الطبقي فيأتي أساسا من المنتمين للنظريات السياسية.. ومرة أخري أكررها إن الأديب لايعرف الطبقة وإنما يعرف الإنسان، وأنا عمري لم أفكر في طبقة بعينها إطلاقاً.. إن العاطفة الأساسية في رواياتي هي السعي للعدالة الاجتماعية للمجتمع ككل وليس لطبقة معينة، إن العدالة قيمة إنسانية في صالح جميع البشر حتي الأغنياء الذين تتم علي حسابهم العدالة.. لأن يتحولوا إلي ناس أفضل لو كانوا يعلمون أبناء الإقطاعيين في مصر لقد أصبحوا الآن أطباء ومهندسين في خدمة المجتمع والتنمية.. أصبحوا رجالا يساهمون في المجتمع ويحققون إنسانيتهم.. لو كانوا قد نشأوا في ظل الأوضاع القديمة لأصبحوا في الغالب مجرد أغنياء يبعثرون أموالهم في كل ما من شأنه أن يسقط قيمة الإنسان.. ولكن ثورة يوليو أنقذتهم من هذا المصير.. أما وجهة النظر التي ذكرتها في سؤالك فهذا تفسير نظري لم يخطر لي علي بال ولا أهتم به إطلاقا!
نموذج خالد صفوان الذي قدمه لنا "الكرنك" ما هو المناخ الذي يعززه؟ وما هو المناخ الكفيل بأن يقينا شر وجوده؟
- في كلمة واحدة، خالد صفوان مع الديكتاتورية تنمو عضلاته. ولكنه في ظل الحرية والديمقراطية وسيادة القانون لايمكن أن يتنفس وجوده... حتي إذا وجدت استثناءات لهذا مثل ما يحدث من المخابرات الأمريكية فإن نور الديمقراطية سرعان ما يكشفه. وهذا الذي يحدث من إدانة المخابرات الأمريكية ما كان يمكن أن يحدث في النظام الهتلري مثلاً.
هناك عبارة جاءت علي لسان خالد صفوان في الفيلم تقول: كلنا مجرمون وضحايا.. كيف يتساوي المجرم والضحية؟
- العبارة التي تفوه بها خالد صفوان قالها بعد أن تجرد من نفوذه وتساوي بضحاياه بعد سجنه.. وهي في الرواية جاءت خلال وجوده في مقهي "الكرنك" وبصدورها منه في المقهي تحمل تعبيرا معينا لأنها موجهة إلي الشعب المصري متضمنة شخصه.. فهو يعني أنه والشعب المصري كانوا ضحايا التعذيب.. لأن الذي يعذب والذي يقع عليه التعذيب كلهم سواء، منهم ضحايا التعذيب وهم مجرمون لأنهم بسكوتهم يتحملون المسئولية عن كل ما كان يمارس من اعتداء علي إنسانيتهم، ولايمكن تبرئة الشعب من مسئولية ما حدث.. فالظالم لا يوجد إلا في وجود من يقبل الظلم.. ولكن في الفيلم اختلف مكان العبارة.. فقد قالها وهو في السجن وهذا ما أعطي العبارة مدلولا غير مدلولها في الرواية.
كان الناس يتساءلون خلال مشاهدة الفيلم في ذهول ودهشة.. أحقاً حدث هذا؟ أنت لم تستمد القصة من فراغ، بالتأكيد كانت هناك أرضية انطلق منها خيالك.. ولكن أحقاً كان يحدث هذا؟
- الحقيقة أن ما تخيلته وجعل الناس يقولون: أحقاً حدث هذا؟ اتضح أنه لاشيء يذكر بما وقع، إن الكتب التي صدرت عن ضحايا التعذيب تذكر وقائع يتضاءل بجانبها ما جاء في الفيلم.. ولو تأخر نشر رواية "الكرنك" بعد نشر هذه الكتب لما وجدت في نفسي الشجاعة لنشرها؟!
زعم البعض أن فيلم "الكرنك" هو ضد ثورة يوليو ما رأيك؟
- الكرنك يدين الإرهاب.. وهو سلبية لوثت ثورة يوليو، ولا علاقة لها بروح الثورة ومبادئها.. وفي الفيلم اعتراف واضح بمزايا ثورة يوليو، وغير مقبول أن يتصور البعض أن إدانة الإرهاب إدانة الثورة.. وأنا أتحدث هنا عن الفيلم ولا أتحدث عن الرواية، ثم إن الفيلم يمجد ثورة التصحيح، وهي جزء من مسار ثورة يوليو ومن إنجازاتها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.