قاض في نيويورك يرجئ الحكم على ترامب في قضية الأموال السرية    مواعيد غلق قاعات الأفراح.. مصادر تكشف التفاصيل    ثقة أم مآرب أخرى، تحركات محافظ قنا قبل ساعات من حركة التغيير تحير الصعايدة    آخر تحديث لأسعار الذهب في سوق الصاغة.. عيار 21 بكام؟    قيس سعيد يعلن موعد الانتخابات الرئاسية التونسية ويوجه رسائل لمنافسيه    بسبب الفساد، الناتو سيبلغ كييف أنها غير جاهزة للانضمام إلى الحلف    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لعدة مناطق بغزة    «الشاباك» يعلن إطلاق المزيد من الأسرى الفلسطينيين    تشكيل كوبا أمريكا – لتفادي أوروجواي.. تغييرات محدودة ل البرازيل وكولومبيا    عاجل.. «كاف» يصدم الزمالك بعقوبتين قبل السوبر الأفريقي أمام الأهلي    حريق هائل يلتهم أشجار النخيل بالوادي الجديد    برقم الجلوس.. التعليم تستعد لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2024    الإعلامي مدحت شلبي يتعرض لحادث سير.. السيارة تحطمت    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 3-7-2024 مهنيا وعاطفيا    إلهام شاهين: تخصيص جزء من أرباح مهرجان العلمين لفلسطين لفته إنسانية جميلة    لابد من فض الاشتباك.. نائب رئيس الوفد: أزمات المواطن خلافات بين الوزرات.. كل منها دولة لوحدها    عاجل.. الإعلامي مدحت شلبي يتعرض لحادث سير.. «العربية اتدمرت»    هل تصل الأعمال الصالحة إلى الميت.. دار الإفتاء تجيب    عاجل| ثروت سويلم: بيراميدز وراء أزمة مباراة سموحة.. والزمالك تقدم بشكوى ضدي    نتنياهو يأمر بمعاقبة جنرالات من الجيش الإسرائيلى طلبت هدنة في غزة    نهاية فوضى الأسعار واستقرار الدولار.. مطالب البرلمان من الحكومة الجديدة قبل حلف اليمين    خلفًا لنور الدين.. من هو المرشح بتولي مهام محافظ كفر الشيخ؟    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    الحكومة الجديدة 2024، من هو وزير المالية الجديد    كوبا أمريكا 2024| لويس دياز يقود تشكيل منتخب كولومبيا أمام البرازيل    عاجل.. قرار جديد من اتحاد الكرة ضد بيراميدز خلال ساعات    يورو 2024.. مواجهات ربع النهائي ومواعيد المباريات    ميدو يتحدى سويلم: «هتروح ورا الشمس لو انتقدت الأهلي»    أمير صلاح الدين ل "الفجر الفني": شخصيتي في "قصر الباشا" مفاجأة بالنسبة لي    جيرارد: صلاح لاعب أسطوري.. وأتمنى استمراره مع ليفربول    الكشف على 1825 مواطناً خلال قافلة طبية مجانية بزاوية فريج بالبحيرة    مصطفى بكري: مجلس النواب في حاجة لممارسة دوره الرقابي    "ممنوع من الحديث".. المخرج أشرف فايق يتعرض لوعكة صحية مفاجئة    مأساة في مستشفى المبرة بطنطا.. وفاة طالب أثناء إجراء عملية الزائدة    6 أكتوبر القادم.. موعد الانتخابات الرئاسية التونسية    وكالة الفضاء المصرية تستقبل وفدًا من تشاد (التفاصيل)    مصطفى الفقي: اندهشت من رحيل هذا الوزير.. وهذه الوزارة «مغرز» (فيديو)    حركة المحافظين الجديدة 2024.. تعديلات شابة وصلاحيات كاملة    قصواء الخلالي: أحد الوزراء أكد استمراره بالتشكيل الجديد واليوم تأكد من رحيله    الحكومة الجديدة 2024، من هو وزير الطيران المدني الجديد    خبير علاقات دولية: هناك فجوة بين الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية من ناحية التبادل التجاري    النائب أيمن محسب يطمئن الأطباء: قانون إدارة المستشفيات سيحسن أوضاعكم ويضاعف دخلكم    زيادة غازات البطن، أهم أعراض آلام القولون وهذه أسبابها    ديميرال أفضل لاعب فى مباراة النمسا ضد تركيا ب يورو 2024    البابا تواضروس يشارك في احتفالية تخريج دفعة جديدة من دبلومة المشورة    ضبط 64 حالة سرقة وصلات مياه الشرب بمركز سنورس والفيوم    مصرع سيدة بطلق ناري خلال مشاجرة بين طرفين بالمنيا    النائب أحمد مهنى: لدينا أمل كبير فى الوزارة الجديدة وأن يكون القادم أفضل    اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية الجديد.. السيرة الذاتية    من هي الدكتورة/ رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ؟(بروفايل)    خبير اقتصادي: التغيير الوزاري الكبير مطلبا شعبيا من المواطنين    المستشار ياسر البخشوان نائبًا لرئيس المجلس الأعلى للاقتصاد العربي الأفريقي    كيف تتجنب الإصابة بضربات الشمس؟ الصحة تجيب    الصحة: مبادرة العناية بصحة الأم والجنين تحقق انجازا كبيرا في فحص أكثر من 2 مليون سيدة    أول تعليق من مختار جمعة بعد رحيله عن وزارة الأوقاف    هل تصل الأعمال الصالحة إلى المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندى: سرقة الكهرباء منكر ومن لا يبلغ عنها شريك مع السارق    "ادعوا لي بالشفاء"- حمادة هلال يتعرض لوعكة صحية بعد العودة من الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سارة مصطفي صاحبة "محاولات نسائية":
بدأت رحلتي مع التجريد بصورة لا إرادية
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 09 - 2015

كانت الرحلة من مصر لإيطاليا طويلة نسبيا ومليئة بالحكايات، ولكن سارة مصطفي لا تجيد الحكي بالكلمات، وإنما تحكي بالصور .. اللقطات التي تقتنصها مختلفة فهي ليست توثيقا مباشرا للأماكن والأشياء.. وإنما هي لقطات كما يقولون خارج الأطر التقليدية.. حين تتحول أبسط الأشياء للوحات فنية ملهمة .. أما حين تقرر سارة أن تصور ذاتها فهي تكشف اللثام عن مشاعرها الداخلية لتسجلها كما فعلت في أول معارضها الفردية الذي استضافه مركز الجزيرة للفنون تحت عنوان "محاولات نسائية" في 2005 .
سارة خريجة كلية الفنون التطبيقية قسم التصوير الضوئي جامعة حلوان 2001 . كما واصلت دراسات تكميلية بالجامعة الأمريكية (مونتاج تليفزيوني وسينمائي) 2002 . وقد قامت بتدريس التصوير الفوتوغرافي من خلال عملها كمعيدة بقسم الفوتوغرافيا والسينما والتليفزيون بكلية الفنون التطبيقية جامعة 6 أكتوبر، وكذلك كمعيدة بالجامعة الألمانية بالقاهرة .. وقد سافرت إلي إيطاليا عام 2005 لاستكمال دراستها هناك.
وخلال مشوارها الفني حصلت سارة علي العديد من الجوائز منها الميدالية الذهبية في التصوير المعماري خلال المهرجان العربي الأوربي للصورة الفوتوغرافية 2011، كما حصلت علي جائزة لجنة التحكيم بصالون النيل السابع للتصوير الفوتوغرافي 2009، والجائزة الكبري بمسابقة المعرض الخاص الأول بمركز الجزيرة للفنون 2006، والجائزة الأولي في مجال التصوير الضوئي المباشر في صالون النيل الخامس 2004 .. وغير ذلك .
كذلك فقد تم اختيار سارة مصطفي ضمن عضوية لجان تحكيم العديد من مسابقات التصوير الفوتوغرافي، حيث تم اختيارها كعضو لجنة تحكيم أول بينالي للتصوير الفوتوغرافي في مصر في 2013 ، وعضو لجنة تحكيم صالون الشباب الرابع والعشرين في 2013، كما تم اختيارها كمنسق ومشرف علي الورش والدورات التي تم تنظيمها خلال مؤتمر المصورين المصري الأول الذي نظمه اتحاد المصورين العرب بساقية الصاوي بالزمالك.
وعلي الصعيد الفني ارتبط اسم سارة بالفوتوغرافيا التجريدية ، حيث تعتبر واحدة من أشهر من قدموا هذا الفن في مصر ، لتبدو أعمالها غاية في البساطة حد الإبداع ، وكنت كلما وقفت أمام أحد أعمالها أتذكر مقولة الشاعر والت وايتمان " البساطة هي مجد التعبير " .. فخطوط سارة تعيد تقسيم العالم من حولك إلي كادرات فنية مذهلة من أبسط الأشياء والتي قد تحول أسلاك الكهرباء، أو النوافذ أو إشارات المرور إلي عناصر إبداعية تجيد سارة توظيفها ببراعة ..
التقينا بسارة مصطفي وكان لنا معها هذا الحوار ..
تعتبرين.. واحدة من رواد فن التجريد في مصر ؟
لا أعتقد أنني رائدة فن التجريد في مصر، وإنما أتبع مدارس موجودة في العالم كله منذ وقت بعيد ، وفي مصر هناك تجارب كثيرة سبقتني في فن التجريد والتصوير المفاهيمي، وقد درست فن التجريد في الكلية وهذا يعني أن هناك من سبقوني وهم من تعلمت منهم، ولكن ربما أكون أكثر من برز كمصورة تخصصت في فن التجريد بالفوتوغرافيا.
ما هي بدايتك مع التجريد ؟
بدأت بالشكل الفعلي التطبيقي بصورة لا إرادية، وذلك بعد أن سافرت إلي إيطاليا ، وكنت قد حصلت علي جائزة الدولة للإبداع، وهي عبارة عن بعثة للسفر للدراسة في إيطاليا لمدة سنة ونصف بأكاديمية الفنون بروما. قبل البعثة كان كل تصويري واقعياً للغاية، فقد كنت أتمني أن أوثق مصر بحواريها وناسها وأزيائها المختلفة، ولكن عندما سافرت إلي إيطاليا، لم أشعر أن هناك ما يدفعني للتوثيق، فلم أجد ثراء الحياة هناك مثل حياتنا في مصر. ولكن ما جذبني هو الألوان والملمس، فالألوان هناك صريحة ومشبعة، والتجريد يعتمد في الأساس علي إعادة ترتيب عناصر التصميم في شكل منظم، لذا وجدت نفسي بغير قرار مسبق أتجه إلي تسجيل اللون أو الخطوط المكسورة، أو أصور الأسطح بشكل عفوي ولكنه مرتب، فكانت النتيجة أني صورت مجموعة كبيرة جدا من الصور التجريدية .
ولكن كيف كان استقبال الناس لأعمالك في البداية ؟
كما ذكرت قبل ذلك هناك عدة مراحل، حيث بدايتي في التصوير بعد تخرجي مباشرة من كلية الفنون التطبيقية، ثم مرحلة التجريد أثناء وجودي في إيطاليا 2005 ، في الحالتين كنت موفقة وقد كان استقبال الناس منذ البداية جيداً وحافلاً بالجوائز وكانت مفاجأة لي، وعندما عدت من إيطاليا وجد من حولي تطور إيجابي في ألواني وشجعوني عليه ، لذا أعتبر إن كل ما مررت به كان مراحل في تبلور اتجاهي الفني واستقراري عند فن التجريد .
كنت من أوائل الفتيات اللاتي احترفن التصوير الفوتوغرافي في وقت لم يكن هذا الأمر شائعاً، فكيف توجهت لدراسة التصوير؟
كما هو معروف لم نكن ندرس فوتوغرافيا ونحن في المدرسة ، وليس هناك أحد في عائلتي ينتمي لهذا المجال، أو حتي ينتمي لمجال فني.. فنشأت وأنا غير معتادة علي فكرة التصوير الفني، فلم يكن لدينا في المنزل سوي تلك الكاميرا الصغيرة التي نصطحبها معنا في المصيف .. ولكن الحقيقة أنني نشأت في أسرة مشجعة لقرارات أبنائها ، وقد كنت منذ طفولتي متفوقة في الرسم وحلمي أن أدرس الفنون التشكيلية في العموم، لذا دخلت فنون تطبيقية وكان الهدف أن ألتحق بقسم رسم وكنت أميل للزخرفة، وأثناء إعدادي كلية تعرفت علي قسم تصوير سينمائي، وقد فتح هذا القسم أبواباً سلبت عقلي وأسرتني ومنها فن صناعة الكادر . أما من حيث كوني من أوائل الفتيات اللاتي احترفن التصوير فأعتقد أن هناك من سبقني في هذا المجال مثل راندا شعث وهي من أوائل من احترفن التصوير الصحفي، وكانت هناك رنا النمر، وسماح الليثي، وغيرهما.
ولكن ما الصعوبات التي واجهتك في بداية طريقك ؟
الصعوبات التي قد تواجه أي إنسان في طريقه قد تكون من داخل أسرته أو المجتمع - أو مضافا إليها في مجالنا صعوبات لها علاقة بالمادة ، لأنها هواية ودراسة مكلفة .. ومن ناحية الأسرة وجدت كل الدعم بما في ذلك الدعم المادي لشراء الكاميرا والعدسات، أما من حيث المجتمع فهناك تحديات تواجه المصورين جميعا وخاصة الفتيات ولست وحدي في ذلك ومنها أن كثيراً من الناس تكره الكاميرا والمصورين ، خاصة في فترة ما قبل الثورة، حيث كان الناس يعتقدون أن المصور يلتقط صورة لفضحهم أو إظهارهم في صورة سيئة، وكنا نحاول تجاوز ذلك من خلال الخروج في مجموعات والتحلي بالدبلوماسية مع الناس وإقناعهم بما نقوم به. ذلك غير التحديات الأمنية مع الأسف ولافتة ممنوع التصوير التي تجدها أمامك في كل مكان، وقد مررنا بتجارب مريرة وصلت أحيانا لتقطيع الأفلام.. وللأسف الأمن ليس لديه ثقافة تبرر تواجدنا وهذه مشكلة لابد من النظر إليها.
عقب انتهاء دراستك هنا سافرت لإيطاليا لاستكمال الدراسة فكيف أثرت تلك التجربة علي مشوارك الفني؟
بعدما انتهيت من دراستي في الكلية لم أسافر مباشرة إلي إيطاليا بل مكثت في مصر خمس سنوات ، لذا يمكن القول إنني تعلمت هنا حيث تشكل كياني كإنسانة ومصورة في مصر وقد تشربت أسس التصوير والفن الصحيح سواء من أساتذتي أو زملائي أو من تبرعوا لتوجيهي سواء في صالون مصر للتصوير الضوئي أو الجمعية المصرية للتصوير الفوتوغرافي، ولكن إيطاليا أضافت إليَّ الرؤية وربما هذا ما نفتقده في مصر.
كنت قد تحدثت قبل ذلك عن تجربتك كفتاة مصرية في المجتمع الغربي ونظرة هذا المجتمع المتعالية أحيانا ؟
كان من حسن حظي أن سافرت إلي إيطاليا ، فالمجتمع هناك يشبه المجتمع المصري في كثير من جوانبه، من هنا لم أعان من الشعور بالاغتراب ولا العقد المرتبطة برفض المجتمع لي، والشعب الإيطالي مضياف ومرحب ولكن عنده فضول حول هذه الفتاة القادمة من مصر، وعندهم فكرة غريبة أن البنات في مصر كلهن محجبات و ينتهي بهن الحال في البيت دون عمل، فما بال بفتاة تسافر كل تلك المسافة لدراسة الفوتوغرافيا ، والحقيقة المجتمع الأوروبي لديه جهل شديد جدا بحقيقة الأمور في مصر وما وصلت له خاصة علي صعيد الفنون والعلم .
وربما أحد المواقف التي أتذكرها جيدا أنه أثناء دراستي في إيطاليا شاركت في ورشة عمل في سيشيليا مع ديفيد آلان هارفي وهو مصور مشهور للغاية، ينظم ورشتين فقط في السنة بمشاركة جنسيات مختلفة وكان معظمهم أمريكان، وبالصدفة وقعت تفجيرات في دهب في تلك الفترة ففوجئت بتعليقات سخيفة ، واتهامنا بالإرهاب، وكنت قادرة علي الرد علي تلك التعليقات، ومنها أن أمريكا تتحمل جانب من المسئولية لتدخلها في شئون العالم، ولكن أن ينظر لي المحيطون علي أنني إرهابية أو قادمة من بلد إرهابية كان عاملاً مشتتاً وسبب لي ضغطاً نفسياً شديداً.. ولكن في النهاية هذا الضغط أنتج عملاً فنياً أعتبره من أروع الأعمال الفنية التي أنجزتها في حياتي.
ما أهم اللقطات التي تعتزين بها في مسيرتك الفنية حتي الآن؟
أعتبر كل صوري أبنائي ، لكني أستطيع أن أتحدث عن ثلاث صور تمثل نقاطاً هامة في مشواري الفني .. اللقطة الأولي التي حصلت بها علي الجائزة الكبري في صالون النيل لامرأة كانت تصنع الخزف في النزلة في الفيوم، وقد بعت هذه الصورة أكثر من مرة، وعدت إلي هذه السيدة مرة أخري بعدها بسنتين، وعرفت أن اسمها خير وشعرت أنها كانت سبباً للسعد والخير، ورغم أن وجهها حزين جدا لكن بعد أن تعرفت عليها اكتشفت أن الصورة مخادعة لأنها امرأة قوية وثقتها بنفسها عالية.
العمل الثاني هو مجموعة مكونة من 21 لقطة وهو المشروع الذي شاركت به في ورشة العمل في سيشيليا بإيطاليا ، أتذكر أنني في بداية الورشة كنت أشعر بالضغط النفسي الشديد نتيجة الطاقة السلبية من بعض المشاركين، ووضعي تحت الميكروسكوب انتظارا لنتائجي، ولم أكن راضية عن أدائي، وبعد أن شعرت باليأس من الوصول لنتائج مرضية، قررت أن أذهب للفسحة وأثناء ذلك صورت لقطات لرجلي وهي ماشية علي الأرض في أماكن مختلفة، فوجئت أن هذه المجموعة نالت استحسان المدرب وتم اختيارها أحسن مجموعة توثيقية ، وهنا تعلمت أن المصور عليه أن يلقي من علي عاتقه كل الهموم ، وأن يكون هدفه الأوحد من التصوير التعبير عن ذاته بعيدا عن المنافسة السلبية .
أما اللقطة الأخيرة فتلخص مشواري في التجريد وهي عبارة عن مساحة فارغة من اللون الأصفر وجزء من شباك أخضر بسيطة جدا لكن فيها كل المكونات الخط واللون والملمس ، وهي من أكثر التجارب التي حصلت علي جوائز ، وهذه اللقطات الثلاث تلخص مراحل مهمة من التوثيق المباشر إلي البعد تماما عن الواقع.
رغم شهرتك في مجال التجريد إلا أن لك تجربة متميزة في التصوير الذاتي ، فما انعكاس رؤيتك في الحياة عليها؟
هي تجربة ذاتية بحتة ، بدأت بها مشواري الفني من خلال أول معرض خاص وانتهيت بها في تجربة أخري لم تخرج للنور بعد، وأنا أصور ذاتي حتي أقول شيئا عني .. قد أخجل من الحديث عنه لأني في حالة الوعي عندي خجل أن أنظر داخل نفسي بهذا العمق، فربما كنت أمر بحالة من الضيق أو الغضب وأريد أن أصور نفسي في هذه اللحظة لأنظر بداخلي. لذا فإن هذه التجربة هي تسجيل لتجارب نفسية ومشاعرية ثرية وحقيقية أريد أن أوثقها، هي غوص داخل مشاعري الخاصة جدا كالفرح والحزن والحب والغضب وحالات إنسانية ثرية لكني لا أستطيع الكتابة عنها لأني لا أجيد ذلك، وهناك مشاعر أخري لم ترها الناس وأنا أحقد وأحب أو أشعر بأنوثتي، فحتي هذه اللحظة أخجل أن أناقش ذلك علي الملأ . إن تجربة تصوير الذات هي تلك المشاعر التي أريد أن أصورها لتخرج من ذاتي للحياة، ولا أجبر نفسي علي تجسيد مشاعر معينة لأصورها ولكنني أسجل تلك المشاعر التي تخرج تلقائيا بالفعل، ولا يتدخل فيها العقل إلا للتفكير في الكيفية التي ستصل مشاعري بهذا الشكل فنيا، من خلال اختيار التكنيك المناسب في التصوير.
مارست لفترة التصوير التجاري ، فما عوامل نجاح مثل هذا النوع من الفن ؟ وكيف يختلف عن المصور الفنان؟
بخصوص ممارستي لفن التصوير التجاري، فأنا أري أن التصوير التجاري في مصر لا يقف علي أرض صلبة . فهذا التصوير يعتمد علي تكنيك محدد لكنه أيضا معتمد في جزء منه علي فن ، ولكن مع الأسف لا يوجد صورة واضحة للمصور التجاري في السوق المصري ، بحيث يستوعب العميل لماذا يطلب المصور هذا المبلغ من المال فهو لا يدرك حجم التجهيزات أو المجهود الذي يتطلبه التقاط صورة واحدة، كذلك قد يدفع العنصر المادي البعض للدخول في مشروع لا يعرفون أبعاده وهو ما يسيء لسمعة المصورين .
أما عن التشابه بين المصور التجاري والفنان فهو من وجهة نظري تشابه كبير .. فليس هناك أي خبرة بصرية يكتسبها المصور إلا وتؤثر علي انتاجه البصري ، فخبرتي في مجال التصوير بهدف الفن التشكيلي أو التوثيق طبعا تصب في وجهة نظري كمصورة تجارية ، أما عن نقاط الاختلاف فنجد أن إمكانية التعبير عن الذات في الصور التجارية أقل بكثير من الصورة الفنية ، فالمطلوب من المصور التجاري أن يصل إلي المشاهد كي يتفاعل مع المنتج ويشتريه أو يقبل عليه ، لكن المصور التشكيلي لديه كامل الحرية بحيث يعبر عن وجهة نظره سواء وصلت للمتلقي أم لم تصل .
كيف تقيمين وضع الفوتوغرافيا في مصر خاصة وقد سافرت للخارج ؟
هناك عوامل عدة يمكن التقييم علي أساسها منها الانتاج والمستوي وغير ذلك.. من حيث الانتاج فهو غزير للغاية حيث زاد عدد المصورين ووصلوا لمئات .. وأصبحت الكاميرا في يد الجميع. وتحولت الفوتوغرافيا لتقليعة ، وأنا بالمناسبة ليس لدي أي رفض أو تحفظ أن يتجه الشباب لهواية مفيدة، لكن مع كثرة الانتاج نجد أن هناك من 10 إلي 20 ٪ فقط انتاجاً جيداً، أما من حيث العرض ففرص العرض محدودة فليس في ثقافة المجتمع أن يشاهد الفوتوغرافيا ، وليست وحدها بل والفنون التشكيلية بصفة عامة نظرا لظروف ثقافية وتعليمة واقتصادية ، كذلك فإن رعاية وزارة الثقافة لفن الفوتوغرافيا لا يزال محدودا مقارنة بالفنون الأخري .
أنت من المدافعين عن مبدأ التجريب وتطور الرؤية ؟ فهل ترين هناك قصوراً في تعليم الفوتوغرافيا في مصر ، وما الحل؟
أنا من المدافعين عن فكرة التجريب وفكرة تطور الرؤية ، وتحول الانتاج التشكيلي لتجربة خاصة بصانعها، وهو ما أسميه تطور الرؤية، ولكن عندنا أكثر من مشكلة في تعليم الفوتوغرافيا لأنه لم يعد مقصورا علي الأكاديميات، بل امتد لشباب كثيرين بعضه هدفه نبيل والبعض الآخر حول الأمر إلي تجاري بحت، كذلك هناك قصور في أساليب التعليم حيث يتم التركيز علي تعليم التكنيك وطريقة استخدام الكاميرا والعدسات ولكن لا يتعامل مع فن الرؤية، الدراسة لا تؤهل الشاب لكيفية التعبير عن ذاته وأحلامه وخيالاته من خلال فن التصوير، حتي في المعارض قد تجد العديد من الصور المصنوعة بحرفية لكن القليل منها التي تمسك من الداخل، الأمر متعلق بروح العمل والإبداع ، وأعتقد أن المشكلة في أساسها مرتبط بنظام التعليم المصري ككل حيث لا يشجع علي الابتكار والتغيير وتوظيف النظرية بل حفظ النظرية .
كنت من أوائل الفوتوغرافيين الذين شاركوا في صالون الشباب بل وحصدت العديد من الجوائز؟ ولكن لك تحفظات كثيرة عليه؟
بالنسبة لصالون الشباب فقد سبقني إليه الكثيرات وأذكر منهن الفنانة سماح الليثي التي حصلت علي جائزة الصالون أكثر من مرة، ولكن كان هناك ميل واضح للتشكيليين علي حساب الفوتوغرافيين، وربما يرجع ذلك أن صالون الشباب يبحث عن الفن التشكيلي، وأن كثيراً من الفوتوغرافيين شغلهم توثيقي جدا، وهذا لا يعني تقليلي من شأن أي نوع من أنوع الفوتوغرافيا، حتي مصور الشاطئ أري أنه يوثق صورة مهمة في حياتنا فهو يحمل نصف ذكرياتنا عن طفولتنا ، ولكني ما أقصده أن المصورين الفوتوغرافيين لا يعرفون أي صورة مناسبة لصالون الشباب لأن صالون الشباب محتاج رؤية فنية وفناً تشكيلياً، وربما ميزة من مزاياه هو أن لجنته متغيرة وهو ما يعني منح فرص لمختلف الأساليب الفنية وعدم الركون إلي وجهة نظر واحدة ، ولكن تحفظي بالفعل علي صالون النيل نظرا لكونه صالونا متخصصا في التصوير ونظرا لكون اللجنة دائمة، إذ إن الانتاج الذي أقدمه لو رفضته اللجنة مرة، سوف تظل ترفضه دائما لكونها نفس اللجنة .
ما النصائح التي تقدمينها للمبتدئين في الفوتوغرافيا ؟
أولا عليه أن يطور رؤيته أكثر من اهتمامه بالتكنيك وحده ، وعليه أن يتعلم التعبير عن الذات من خلال أعماله الفنية ، وأن يكثر من مشاهدة الأعمال السابقة عليه سواء في مصر خارجها ، كذلك أحذر الشباب من الفيس بوك، فلا يجب أن يرتكنوا إلي عدد الليكات بل الاهتمام بالنقد الحقيقي الموجه للصور من أجل تطوير الأداء فعليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.