حافظ الأسد لعب دوراً بارزاً فى تحسين العلاقات بين القاهرةوموسكو فتم عقد صفقتى سلاح سراً القوات الجوية اعتمدت على طائرات «الميج» و«السخوى» السوفيتية كان التخطيط للضربة الجوية يقضى بأن تعبر الطائرات خط المواجهة فى وقت واحد، وأن تصل كل طائرة إلى هدفها فى نفس الوقت تقريبا، حتى تتم الضربة الجوية لكل الأهداف المحددة فى وقت واحد ، مما يربك العدو ويفقده القدرة على التفكير ويجعله عاجزا عن رد الفعل السريع. وكان ذلك يتطلب جدولا محددا لانطلاق الأسراب وحسابات معقدة ودقيقة ، مما دفع مبارك الى ان يشارك بنفسه فى متابعة ذلك مع مجموعة العمليات خاصة مع وجود هذا العدد الكبير من الطائرات، وهو220 طائرة تخرج من قواعد عديدة ومتفرقة لتعبر خط المواجهة فى وقت واحد ، وتقوم بإصابة أهدافها فى أوقات شبه موحدة ، تقاس الفروق فيها بالثوانى وليس بالدقائق. وكان المأمول أن تأخذ الطائرات طريق العودة إلى قواعدها فى زمن يقدر ما بين عشرين وواحد وعشرين دقيقة، ولا يزيد عن ذلك سوى ثوان معدودة. لكن هناك صعوبة من نوع خاص كان تواجه غرفة عمليات القوات الجوية بسبب التزام الطائرات بأوامر الطيران على ارتفاعات منخفضة حتى لا يتمكن العدو من رصدها وحتى تتحقق المفاجأة الكاملة ، تكمن فى عدم قدرة أجهزة الرادار المصرية على متابعة سير الطائرات فى الجو والاعتماد على الحسابات الدقيقة الموضوعة لمسار الطائرات على اختلاف أنواعها وتباين الأهداف التى ستقوم بضربها، وهكذا كانت عملية متابعة سير الطائرات تعتمد على الحسابات وعلى مدى التزام كل طائرة بخط السير الموضوع لها وزاوية الهجوم المحددة لها طبقا للهدف المنشود. وقد ساعد على ذلك دقة الخطة التى كان يتابع تنفيذها مبارك لتدريب الطيارين على طريقة الدخول إلى هذه الأهداف ، وعلى زواية ضرب كل هدف منها ، والارتفاع المحدد لزاوية الضرب بعد أن تقوم الطائرة بالارتفاع إلى المستوى المناسب ، وهو ما يطلق عليه الطيارون عملية »الشد« أى التحرك بسرعة من أسفل إلى أعلي. ولم تكن الطائرات المشاركة فى الضربة الجوية هى نفس الطائرات التى تضمنتها حسابات الحرب من قبل عند تعديل الخطة ، بحيث تعتمد على ما كان يتوفر لدينا من إمكانيات يومها، ويمكن أن تلحق بها زيادة ودعم قبل اليوم «ي» ، وقد زادت بالفعل وتم تدعيمها مرتين. فقد كان عدد طائرات قواتنا الجوية يوم السادس من أكتوبر أكثر مما كان لدينا يوم أن قال قائد القوات الجوية فى الاجتماع الذى ضمه مع الرئيس السادات واللواء محمد على فهمى فى طائرة الرئاسة: «إن قواتنا الجوية قادرة على القيام بواجبها فى إطار المهام التى كلفت بها، وعلى هذا الأساس أقول بمنتهى الثقة أننا على أتم الاستعداد لخوض المعركة».. ولا يمكن اغفال ان الفترة من يونيو 72 حتى مارس 73 ، قد شهدت دعما مؤثرا فى تسليح قواتنا الجوية، واستجاب الاتحاد السوفييتى لبعض المطالب المصرية بالنسبة للطائرات وغيرها، خاصة بعد علمه أن مصر تتجه إلى الحصول على طائرات غربية، كان منها طائرات «الجاجوار» التى رفضت بريطانيا بيعها لنا، ومن بين الطائرات الغربية التى سعت مصر للحصول عليها ، سربين من ليبيا طراز «ميراج» الفرنسي، وسرب طائرات «لايتنج» من السعودية. لكن المؤكد أن قواتنا الجوية اعتمدت بصورة أساسية فى ضربتها الجوية ، ظهر السادس من أكتوبر ، على الطائرات السوفييتية «الميج» و«السخوى»، وقد حصلت مصر على عدد منها قبل اليوم «ي» بوقت كاف، وتحديدا فى مارس 73 ، رغم أن الشائعات كانت تتردد عن سوء العلاقات المصرية السوفييتية خاصة فى مجال التسليح. فبعد نجاح رحلة الرئيس السورى حافظ الأسد السرية إلى موسكو بهدف تحسين هذه العلاقات دون أن ينعكس ذلك على ما ينشر أو يذاع ، توالى سفر عدد من كبار القادة العسكريين المصريين ومنهم وزير الحربية نفسه وأسفر ذلك عن عقد صفقتى سلاح وقطع غيار لم يعرف عنهما العالم شيئاً. وظلت تفاصيل هذه الأسلحة سراً ، لكن الأهم أن مواعيد تسليمها كانت جميعها قبل أكتوبر 73 بوقت مناسب، وكان آخر الصفقات قبل الحرب صفقة أسلحة ثالثة أطلق عليها القادة اسم «صفقة مارس» والتى جاء موعد تسليمها ليسبق الحرب بفترة قصيرة، وترجع أهمية «صفقة مارس» إلى أنها كانت إضافة للتسليح الذى تعتمد عليه خطة العبور. والسبب فى تسمية «صفقة مارس» يرجع إلى أنها تمت فى موسكو فى شهر مارس 73 ، ووقعها هناك وزير الحربية الفريق أحمد إسماعيل ، وسبقتها زيارة مهمة قام بها سراً إلى القاهرة وفد عسكرى سوفييتى برئاسة الجنرال لاشنكوف ، واستمرت من 5 إلى 21 فبراير 73 ، وتم خلالها التوصل إلى اتفاق بشأن الصفقة الإضافية التى وقعها أحمد إسماعيل فى موسكو، وشملت الصفقة الإضافية سربا للاستطلاع والإعاقة الإلكترونية لم يعمل العدو حساباً له، وكذلك سربا من طائرات «الميج 32» ، وتبعت الصفقة تدريب الطيارين المصريين على الطائرات الجديدة فى الاتحاد السوفييتى خلال شهرى مايو ويونيو 37. وأصبحت القوات الجوية المصرية تضم 305 طائرات ترتفع إلى أكثر من 004 طائرة إذا أضيفت اليها طائرات التدريب، لكن الطائرات التى خصصت للقيام بالضربة الجوية ظهر السبت السادس من أكتوبر كانت 022 طائرة ، أى نصف ما نملكه من الطائرات.