سؤال برلماني حول معايير اختيار أسماء المرشحين في التشكيل الحكومي    الضرائب: 15 يوليو بدء تطبيق المرحلة السادسة من «توحيد معاييراحتساب ضريبة الأجور»    بدأت اليوم.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2024 قبل إجازة عيد الأضحى وفقًا لوزارة المالية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    وزير المالية: حريصون على دعم تعزيز الاستدامة المالية للنظم الصحية الأفريقية    معلومات المناخ: موجة شديدة الحرارة بداية من الأربعاء لمدة 10 أيام    وزير الإسكان: حملات مكبرة على الإشغالات والظواهر العشوائية ب6 مدن    سلطنة عمان تدين الهجوم الإسرائيلي الوحشي على مخيم النصيرات    حماس: مصر وقطر لم تبلغا قادة الحركة بمواجهة الاعتقال إذا رفضوا صفقة التهدئة مع إسرائيل    طائرات الاحتلال المروحية تطلق نيرانها شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة    3 شهداء وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا بمخيم البريج بغزة    الصحة الروسية تعلن عن موعد كشف نتائج الدراسات السريرية للقاح السرطان    الخارجية الكويتية: مجزرة النصيرات تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي    موعد مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري السوبر لكرة السلة والقنوات الناقلة    بهدف قاتل من إندريك.. البرازيل تفوز على المكسيك ودياً استعدادا لكوبا أمريكا (فيديو)    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    موجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس حتى نهاية الأسبوع    تجهيز 100 لجنة لاستقبال 37 ألف طالب وطالبة لامتحانات الثانوية بالمنيا    السعودية توفر شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف الرحمن    السكة الحديد: تخفيض السرعة المقررة للقطارات نظرا لارتفاع درجات الحرارة    «السكة الحديد» توجه نداءً عاجلاً للركاب بسبب ارتفاع درجات الحرارة    مصرع ربه منزل فى حادث قطار "القاهره/أسوان" بسوهاج    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة المرور بشوارع القاهرة والجيزة    شاهد عيان في واقعة عمرو دياب: «المعجب هو اللي وصل نفسه للضرب»    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    الليلة.. عرضان في ثاني أيام مهرجان فرق الأقاليم المسرحية تعرف عليهما    هيئة الرعاية الصحية: نستهدف الاستفادة من الخبرات العالمية لمؤسسة مجدي يعقوب    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي 133 مرتبة    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي    الأحد 9 يونيو 2024 .. البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 55 مليار جنيه    صربيا تفوز على السويد بثلاثية دون مقابل وديا قبل يورو 2024    اليوم.. جمعية الفيلم تقيم تأبينًا ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    عن أى أساطير تتحدثون؟!    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    البحرية البريطانية: اندلاع النيران في سفينة جراء إصابتها بمقذوف في خليج عدن    اليوم.. محاكمة المتهم بإنهاء حياة 3 مصريين في قطر    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    ماذا قالت سيدة التوقعات مع عمرو أديب عن العوضي وياسمين عبد العزيز وأمل ماهر وشيرين؟ (فيديو)    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    حظك اليوم برج الدلو الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاصيل الكاملة للضربة الجوية الأولى
نشر في أكتوبر يوم 09 - 10 - 2011

مثلما كان الشباب هم الشرارة الأولى لتفجير ثورة 25 يناير، بدأ أول مشروع شعبى (غير رسمى) لتوثيق تاريخ مصر العسكرى على يد مجموعة من الشباب فى 5 يونيو 2008 تحت مسمى (المجموعة 73 مؤرخين) التى تضم 9 شباب من مختلف الأعمار والمؤهلات كرسوا وقتهم وجهدهم لتوثيق التاريخ العسكرى الحديث لمصر، وبدأوا من حرب أكتوبر استلهاما من خطبة الرئيس الراحل أنور السادات فى مجلس الشعب يوم 16 أكتوبر 1973، والتى قال فيها: (عند كتابة تاريخ مصر، فلابد للمؤرخ أن يبدأ بيوم السادس من أكتوبر عام 73، كنقطة انطلاق عما سيكتبه قبل هذا اليوم وبعده).
من جانبها تنشر (أكتوبر) على صفحاتها إحدى الدراسات العسكرية التى أعدها أحمد زايد مؤسس المجموعة وتتناول حقيقة دور القوات الجوية خلال حرب أكتوبر بصورة حيادية فى محاولة لحسم الجدل المثار حاليا حول دور الضربة الجوية فى حسم الحرب.
* السادات لمبارك: الطيران هو فيصل الحرب!
* طائرات الاستطلاع الميج 21 والسوخوى 7 رصدت كافة الأهداف الإسرائيلية لحظة بلحظة
لقد حظيت الضربة الجوية بمجد إعلامى كبير، وتزايد هذا المجد مع تولى الرئيس السابق محمد حسنى مبارك مقاليد الحكم فى مصر، هذا المجد الإعلامى جعل فئة كثيرة من مثقفى مصر والعالم العربى تهون من قوة تلك الضربة الجوية، مدعين بأن تلك الهالة الإعلامية للضربة الجوية لم تكن لترى النور لولا وصول مبارك لسدة الحكم فى مصر وأنها ضربة جوية عادية، واستكمل تلك الحملة الكاتب محمد حسنين هيكل فى مقابلته مع التليفزيون المصرى فى أعقاب ثورة 25 يناير حيث ادعى أن تلك الضربة هى مجرد فرقعة إعلامية ولم يكن لها ضرورة، فى تكرار لتصفية حسابات مع الرؤساء تعود عليها منذ اغتيال الرئيس أنور السادات.
ونحن هنا فى تلك الدراسة العسكرية - التى أعدها أحمد زايد - نلقى الضوء على الضربة الجوية كحدث عسكرى مستقل تماما عن أى اعتبارات سياسية أو شخصية، ونترك للقارئ تحديد مدى أهمية تلك الضربة الجوية ومدى المجد الإعلامى الذى تستحقه، ولكى نعطى كل ذى حق حقه من التكريم ومن التأريخ، لكى نقول لهم إن بمصر الآن رجال لا تنسى الأبطال الذين قاموا بإعادة كتابة تاريخ مصر.
ويجب على القارئ أن ينتبه إلى عدة نقاط مهمة أثناء قراءته الموضوع، أهم تلك النقاط هو التخلف النوعى للطائرات المصرية مقارنة بالطائرات الإسرائيلية وهو ما يزيد من روعة تلك الضربة الجوية فرغم أن أرقام الطائرات العاملة بين الدولتين المتحاربتين قد يكون قريبا إلا أن الفارق النوعى هائل بكل ما فى الكلمة من معانٍ.
فالعمود الفقرى للقوات الجوية المصرية يتكون من طائرات من جيل الخمسينات سوفيتية الصنع والمصممة للعمل لأهداف معينة، لكن فى مسرح جبهة قناة السويس كانت تلك الطائرات تواجه تحديا جديدا، فالطيران على ارتفاع عال أو متوسط كما فى الاتحاد السوفيتى أو أوروبا غير وارد فى مصر، فالرادارات الإسرائيلية فوق جبل أم خشيب ترصد حركة طائراتنا ثانية بثانية حتى فى العمق، مما يعنى أنه لكى تحقق مفاجأة للعدو يجب الطيران على ارتفاع منخفض جدا لتجنب الكشف الرادارى من رادارت العدو، مما قلص من مدى طائراتنا لأكثر من نصف المدى الحقيقى للطائرة، وكانت حرب الاستنزاف حقل فريد ورائع لاستنباط طرق القتال التى تصلح لمفاجأة العدو، ويكفى أن نعرف أن طيارينا كانوا يطيرون على أقل ارتفاع ممكن سواء فى التدريب أو فى القتال لتجنب رصد العدو، مما أدى الى خسائر كبيرة فى الطيارين نتيجة هذا النوع من الطيران الخطير.
نقطه أخرى يجب التنبه لها أثناء قراءة الموضوع، أن التخلف النوعى امتد إلى أنواع الصواريخ والذخائر المستخدمة فى طائراتنا أيضا، مما جعل الطيارين وقادتهم يتوصلون إلى أنسب الذخائر لكل هدف، متخطين الخبراء السوفيت وكتيبات الطيران السوفيتية التى تصلح للدراسة الأكاديمية فقط، لكن ميدان القتال شىء آخر.
إن التحدى الأكبر الذى برع فيه قائد القوات الجوية هو ومرؤوسوه، هو ضرورة تنفيذ الضربة الجوية بأكبر عدد متاح من الطائرات ومن مطارات مختلفة وفى نفس الوقت وعلى أقل ارتفاع لمفاجأة العدو بأكبر مفاجأة ممكنة.
فكان التخطيط والذى أقل أن يوصف أنه باهر وفق المصادر الأجنبية والإسرائيلية نفسها، هذا التخطيط البارع كان يجب عليه مراعاة حمولة ومدى وسرعة كل طائرة ومكان انطلاقها والهدف المتجهة له، بحيث تكون كل الطائرات فوق أهدافها فى وقت واحد، لتلقى بحمولاتها من الموت فى أحضان الإسرائيليين، وهذا التخطيط تم بدون أجهزه كمبيوتر وشاشات وأقمار صناعية، فقط تم بالورقة والقلم والحسابات الفنية، أى أنها تمت بالعقل المصرى فقط.
لماذا التخطيط للضربة الجوية:
فى بداية عام 72 قال الرئيس محمد أنور السادات إلى قائد القوات الجوية المصرية اللواء محمد حسنى مبارك عندما اسند له قيادة القوات الجوية المصرية فى شهر أبريل من عام 1972، (إن الطيران هو فيصل الحرب.. وعليك منذ هذه اللحظة أن تختار أسلوب جديد فى استخدام طيرانك، أسلوب جديد فى الهجوم على العدو بحيث تحقق أقصى مفاجأة لطيرانه وقواته، وفى الوقت نفسه تضمن سلامة قواتنا الجوية وقدرتها على الاستمرار، وهذا هو وحده طريق النصر).
كان التخطيط لبدء حرب تحرير سيناء محدد بعبور أعداد كبيرة من المشاة المصريين لقناه السويس والتمسك بشريط من الأرض فى ساعات القتال الأولى حتى يتم إنشاء المعابر وعبور الأسلحة الثقيلة والمساندة من دبابات ومدفعية وأيضا الذخائر والتعيينات والتى قدر لها من 6 إلى 8 ساعات لإنشاء الجسور وبدء عبور الامدادات وهو وقت يصل إلى ثلث الوقت الذى قدرته القيادات الإسرائيلية والتى توقعت 12 إلى 18 ساعة لإقامة الجسور، مما كان يعنى أن الفرد المقاتل سيحارب بجسده مدرعات العدو وطيرانه المقاتل طوال تلك الفترة، وكان ذلك فى حد ذاته عملا انتحاريا وليس عسكريا، فحوالى 60 ألف جندى وضابط فى مواجهة 300 دبابة إسرائيلية وطيران العدو القاذف لمده 8 ساعات على أقل تقدير يعنى أن جزءا كبيرا من تلك القوات سيباد فى ساعات القتال الأولى.
وحتى فى وجود حائط الدفاع الجوى المصرى للتصدى لطائرات العدو فكان متوقعا أن يكثف العدو هجماته الجوية ضد مناطق عمل المشاة المصريين (رؤوس الجسور الأولية) بغرض تدمير تلك القوة، وهو ما ظهر عندما توصلت مصر إلى خطة الدفاع الإسرائيلية المسماة بالعبرية (شوفاح يونيم) أو تعنى بالعربية (برج الحمام) والتى قامت على مبدأ هام جدا ألا وهو تدمير قوة العبور المصرية بواسطة الطيران الإسرائيلى ثم تطوير الهجوم بالاستيلاء على معدات العبور المصرية وتطوير الهجوم غرب القناة.
مقارنة
وعندما وضعت الخطة المصرية الهجومية ومقارنتها بالخطة الدفاعية الإسرائيلية وجدت القيادة المصرية أنه من المهم جدا أن يتم تعطيل مطارات العدو ومراكز قيادته ومراكز التشويش والإعاقة وعدد من بطاريات المدفعية بعيدة المدى ومراكز تجمع مدرعات العدو حتى يمكن لقوات المشاة أن تقاتل فى تلك الساعات العصيبة بحرية أكثر وتكون فرص نجاحها أكبر فى التمسك بالأرض.
فتم الاعتماد فى التخطيط على قيام القوات الجوية بما تيسر لها من إمكانات متواضعة - مقارنة بإمكانيات العدو الجوية - بالقيام بهجوم جوى ضد أهداف منتقاة بعناية بغرض شل قدرات العدو الهجومية وإرباكه فى ساعات القتال الأولى، فتم أولا وضع مطارات العدو ومراكز القيادة المتقدمة كأهدف لها أولوية قصوى، لكن ظهرت مشكلات فى ضرب تلك الأهداف تمثلت فى أهداف فرعية تعيق تنفيذ المهمة الرئيسية، فمثلا تلك الأهداف الرئيسية مدافع عنها ببطاريات من صواريخ هوك المتقدمة، فتم وضع تلك البطاريات ضمن الأهداف الأولية بهدف تدميرها فى نفس توقيت بدء الهجوم على الهدف الرئيسى سواء مطار او مركز قياده، وتوالى التوسع فى الأهداف لتحقيق الهدف الأهم وهو شل العدو لمدة ساعات قليلة فزادت الأهداف وزادت المسئوليات وتحولت خطة الهجوم الجوى من خطة محددة إلى خطة عامة يستخدم فيها كامل تشكيلات القوات الجوية وتهدف إلى توجيه ضربة شاملة لمعظم أهداف العدو الحيوية فى سيناء.
قبل الخوض فى تفاصيل الضربة الجوية المصرية الأولى فى حرب أكتوبر عام 1973 تتطرق الدراسة التى أعدها أحم
زايد أحد مؤسسى المجموعة 73 مؤرخين إلى موضوع فى غاية الأهمية فى التحضير لهذه الضربة الجوية المركزة ولم يتم الإشارة له من قبل وهو موضوع الاستطلاع الجوى للأهداف الإسرائيلية المعادية و تصويرها فى سيناء بصورة مستمرة ومتواصلة، وظهرت أهمية الاستطلاع بعد حرب 1967 حيث كانت القيادة فى شوق لمعرفة ما يحدث على الجانب الآخر من القناة فتم إنشاء رف استطلاع من ميج 21 استطلاعية والمزودة بكاميرات تصوير ورف استطلاع آخر من طائرتين سوخوى 7 وبعدد قليل من الطيارين، ثم توسع العمل فى نواة الاستطلاع حتى تم إنشاء اللواء الجوى للاستطلاع عام 1971 والمكون من عدة أسراب ليغطى كامل جبهة سيناء من الشمال للجنوب طوال وقت الإعداد للمعركة، كذلك كان هناك طائرات محدودة من طرازات اليوشن 28 وتى يو 16 وهليكوبتر مخصصة للاستطلاع البحرى، وكذلك عدد محدود من طائرات الميج 25 المتقدمة جدا والتى يديرها أفراد سوفيت فى قاعدة مرسى مطروح الجوية، وكان غير مسموح للمصريين للاطلاع على صور تلك الطائرات إلا لمرة واحدة وعدم الاحتفاظ بنسخه منها، من واجبنا أن نذكر بشىء من التفصيل المجهود الرائع عظيم الفائدة الذى قام به طيارو لواء الاستطلاع الجوى خاصة سربى الميج 21 والسوخوى 7 حيث قام طيارو الاستطلاع الجوى بتصوير كافة الأهداف المعادية الحيوية فى سيناء باستمرار حتى تكون آخر مواقع وتحركات العدو مرصودة، رغم خطورة ذلك على طيارى الاستطلاع، إلا أنهم نفذورا مهامهم ببطولة كبيرة وبخسائر أقل من أن تذكر وذلك سهل على القيادة انتخاب وتحديد أفضل الأهداف لضربها فى الضربة الجوية الأولى وأيضا سهل مهمة طيارى القاذفات والقاذفات المقاتلة فى أداء مهامهم فى الهجوم والضرب الأرضى بسرعة ودقة عالية جدا، كما كان للمهندسين فى قواتنا الجوية دور مهم جدا فى تطوير الكاميرات ووسائل الاستطلاع فى طائرات الاستطلاع المصرية روسية الصنع وإضافة معدات غربية وكاميرات بديلة للمعدات الروسية لهذه الطائرات لكى تسهل عمليات التصوير الجوى وتزيد من دقة الصور، كما قام الطيارون بابتكار تكتيكات جديدة وفعالة جدا فى عمليات التصوير الجوى للمواقع الإسرائيلية فى سيناء خاصة عمليات تصوير مواقع الدفاع الجوى المعادية، حيث قام طيارو الاستطلاع الجوى بتصوير مواقع الدفاع الجوى الإسرائيلية فى داخل سيناء وتصوير مواقع ومناطق الشئون الإدارية للعدو وحصون خط بارليف فى كل مراحل بنائها ومواقع تمركز القوات البرية والاحتياطى للعدو ومعسكراته ومواقع القيادة والسيطرة وتصوير مواقع الإعاقة والتشويش الالكترونى، كما قام الطيارون بتصوير مطارات العدو فى سيناء ومواقع المدفعية بدقة عالية جدا.
المعارك الجوية
وغالبا ما كانت طلعات طائرات الاستطلاع تقابل بالطائرات المعادية وتنشب معارك جوية، لكن رجال لواء الاستطلاع الجوى استطاعوا رغم كل هذه المخاطر تنفيذ مهمتهم بنجاح كبير، هذا المجهود الكبير من طيارى الاستطلاع الجوى منذ عام 1967 مرورا بحرب الاستنزاف وحتى سنوات الإعداد للمعركة قبل حرب أكتوبر أدى إلى سهولة تحديد القيادة لأهم وأفضل الأهداف التى يمكن مهاجمتها وضربها فى الهجوم الجوى الافتتاحى لحرب أكتوبر، وأثمر مجهود الاستطلاع الجوى فى تمييز الأهداف الحقيقية للعدو من الأهداف الهيكلية الخداعية بدقة كبيرة ومن ثمار هذا الجهد الكبير دقة القصف المدفعى على هذه الأهداف بسرعة كبيرة جدا فى وقت قليل جدا، وقد كانت كل القوات المصرية التى تعبر القناة تعلم بمنتهى الدقة كل تفاصيل المواقع المعادية فى سيناء التى سيتم مهاجمتها والاشتباك معها بالصور الدقيقة التى تحوى أدق التفاصيل لهذه المواقع.
حيث تدربت أسراب القاذفات على مواقع مشابهة تماما للأهداف الحقيقية، مما رفع من نسبة التدمير للأهداف لتصل إلى 90%، ومن طيارى الاستطلاع الجوى الواجب ذكرهم فى هذا السياق على سبيل المثال وليس الحصر ممدوح حشمت، أمين راضى، سامح عطية، محمد السيد حسن، عادل طه، مجدى شعراوى، حسن عزت، عادل عيد، وآخرون من الأبطال.
كيف تم اختيار الأهداف المراد ضربها فى الهجوم الجوى المصرى الكبير؟
اختيار الأهداف من قبل القيادة العامة للجيش المصرى وقيادة القوات الجوية جاء طبقا لخطة القوات المسلحة الهجومية تم على أساس حسابات دقيقة جدا، تم تحديد الأهداف المراد تدميرها حتى لا تتدخل وتعيق عبور القوات أو تعرقل تقدمها بعد العبور والأهداف التى تشكل خطورة على القوات الجوية المصرية مع مراعاة وضع القوات الجوية المصرية وإمكاناتها المتاحة من طيارين وطائرات ومطارات وعتاد، فكان مدى الطائرات المصرية هو المحدد الرئيسى فى اختيار الأهداف، فللأسف لم يكن مدى الطائرات المصرية المتاحة فى ذلك الوقت يسمح للطائرات المصرية بالوصول إلى عمق العدو، فتم الاكتفاء بالأهداف القريبة، مما يعنى أن القوات الجوية لم تكن تملك القدرة على توجيه ضربة استراتيجية للعدو، إنما كانت كل قداراتها تستطيع فقط توجيه ضربة على المستوى التعبوى وعلى المستوى التكتيكى القريب، بمعنى آخر أن الأهداف لم تكن تمثل قيمة استراتيجية للعدو، مثل مستودعات بترول أو مطارات فى العمق أو مراكز قيادة وسيطرة رئيسية فى العمق والتى مع ضربها يمكن تحقيق شلل تام لإسرائيل كدولة، لكن الأهداف والضربات كانت على مستوى الجبهة المصرية فقط وتدميرها يسبب ارباكا وشللا مؤقتا وليس دائما لجزء من الجبهة الإسرائيلية سواء فى الشمال أو الجنوب وكذلك تم حساب قدرات العدو الجوى ودفاعاته وسرعة استجابته واحتمالات تدخله أثناء الضربة الجوية وكيفية الهجوم المفاجئ على العدو واستغلاله لأقصى درجة وخداعه وتم دراسة مسرح العمليات جيدا فى سيناء وكان للدروس المستفادة من عمليات حرب الاستنزاف عظيم الأثر فى التخطيط الناجح للضربة الجوية الأولى، حيث تم الاقتناع الكامل منذ حرب الاستنزاف بضرورة مفاجأه العدو بالطيران المنخفض لتفادى الكشف الرادارى، وذلك تطلب مجهود مضاعف من طيارى الاستطلاع لتصوير طرق الهجوم وجغرافيا الأرض والهضاب والتلال، وكذلك مجهود كبير من طيارى القاذفات لتطوير أسلوب الطيران المنخفض والتعود عليه كأسلوب طيران وحيد
ولا بديل عنه لمفاجأه العدو.
*فى العدد القادم::تفاصيل كاملة عن الأهداف الإسرائيلية التى قصفها الطيران المصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.