هل حان الوقت لكي نعيد النظر في أمور كثيرة تخص جوائز الدولة، تبدأ من هيئات الترشيح ومرورا بإجراءات المنح من قبل المجلس الأعلي للثقافة، ووصولا لجلسة التصويت من قبل أعضاء المجلس، أعتقد أننا في أمس الحاجة الآن لكي نسعي بجدية إلي تقنين الكثير من خطوات المنح، وذلك قبل أن تفقد الجوائز ما تبقي لها من بريق. أولي هذه الخطوات أن يسرع المجلس الأعلي للثقافة في إصدار اللائحة التنفيذية الخاصة بتعديلات القانون رقم 8 لسنة 2017، لاسيما المتعلقة بالمادة السادسة التي أعطت صفة الإلزام فيما يتعلق بالقوائم القصيرة التي تقدمها لجان الفحص، فلم تعد قوائم استشارية يلتزم بها أعضاء المجلس أو لا يلتزمون، مثلما كان يحدث في الدورات السابقة، التي كثيرا ما فاز مرشحين من خارج القوائم التي قدمتها اللجان، أما في هذه المرة فتعين علي المجلس الاختيار فقط من القوائم المقدمة له من قبل لجان الفحص تطبيقا لما جاء في هذه المادة: » يعين المجلس الأعلي المختص سنويا لجانا علمية متخصصة يشارك فيها من سبق حصولهم علي جوائز ( النيل – التقديرية – التفوق ) وذلك لفحص الإنتاج المقدم لنيل هذه الجوائز وتشكل اللجان المشار إليها من عدد لا يقل عن خمسة أعضاء ولا يزيد علي أحد عشر عضوا في كل لجنة، وتعد هذه اللجان في موعد تحدده اللائحة التنفيذية قوائم قصيرة تتضمن ضعف العدد المطلوب، مشفوعا بمبررات تفضيلهم، يختار منها المجلس الأعلي الفائزين بالجوائز«. هذا هو النص الصريح للمادة التي يشير إلي وجوب وجود اللائحة التنفيذية، وقد أعمل المجلس هذه المادة رغم عدم صدور اللائحة، وأعطي للجان حق تقديم القوائم وألزم المجلس بالتصويت عليها فقط، والمتأمل لعمل هذه اللجان قبل صدور اللائحة المشار إليها، يدرك علي الفور أننا في أمس الحاجة لتحديد عمل هذه اللجان، الذي تحول طبقا لهذا النص القانوني من كونها مجرد لجان تفحص الشروط الشكلية للمتقدمين ومدي مطابقتها للقانون، إلي لجان تقوم بالجزء الأكبر في عملية اختيار الفائزين، وليس أدل علي ذلك من تقليص القوائم الطويلة للمرشحين إلي عدد محدد جدا، فمهما كان – علي سبيل المثال – عدد أسماء المرشحين لجوائز النيل يتم التقليص لاسمين فقط، وهنا تلعب هذه اللجان الدور الأكبر في منح الجوائز، وليس أعضاء المجلس الأعلي للثقافة الذين هم مجبرون – طبقا للقانون – علي الاختيار من اسمين فقط، طبقا للمثل السابق، والسؤال ماذا حدث في هذا العام الذي طبقت فيه هذه المادة قبل أن تصدر اللائحة التنفيذية؟. وجدنا مثلا لجنة جائزة فحص الأعمال المقدمة لجوائز النيل: في العلوم الاجتماعية، الآداب، والفنون، تختار مرشحين من مجال واحد لجائزة النيل في الفنون وهما د. مصطفي الرزاز، وجورج البهجوري، واستبعدت فنانين في مجالات مختلفة، أي أنها قصرت المنافسة بين اثنين في ذات المجال، بالتأكيد اللائحة التنفيذية هنا لابد أن تلزم أن تكون القائمة القصيرة من مجالين مختلفين، يضاف لذلك ما قامت به ذات اللجنة، حينما قصرت الترشيح لجائزة النيل للمبدعين العرب وهي جائزة واحدة تمنح في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، لكن هذه اللجنة قدمت – أيضا – اسمين من ذات المجال وهو الفنون التشكيلية، واستبعدت ما دون ذلك، إذ وصل للقائمة القصيرة التي صوت عليها المجلس الفنان محمد عمر خليل الأمريكي الجنسية من أصول سودانية وهو متخصص في فن الحفر، ونافسه الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي، واستبعد ما دون ذلك، ويضاف لذلك أننا إذا تأملنا تشكيل ذات اللجنة نجد أن القرار الوزاري بالفعل التزم بأن تغطي أسماء اللجنة كافة تخصصات منح الجائزة، لكن عند التطبيق الفعلي وجدنا الاسمين المتخصصين في «الآداب» قد اعتذرا لسفرهما للخارج وقت انعقاد اللجنة وهما د. أحمد مرسي، ود. علاء عبد الهادي، وبذلك تم فحص الأعمال دون وجود متخصص في فرع من فروع الجائزة، وطبقا للائحة القديمة التي طبقت، لا تلزم اللجنة بأي إجراء، طالما العدد أكثر من النصف، فهنا من حقها ان تتصدي للأعمال. ما ذكرته يدل دلالة قاطعة إلي احتياجنا إلي اللائحة التنفيذية حتي تكون الضمائر مرتاحة، في ببقاء مرشح أو استبعاد آخر.