في الأعداد الماضية تناولنا سلبيات تعترض طريق منح جوائز الدولة بشكل عادل، مثل أن يتم تطبيق القانون الجديد، وخاصة المادة السادسة الخاصة بإعطاء لجان فحص جوائز الدولة: النيل، التقديرية، والتفوق، حق وضع القوائم القصيرة الملزمة لأعضاء المجلس عند التصويت، ولا يخرجون عنها، دون أن تصدر اللائحة التنفيذية التي تحدد كيفية تشكيل هذه اللجان وطريقة عملها، خاصة في الفروع التي يندرج تحتها أكثر من نوع، مثل الفنون، التي تشمل السينما، المسرح، الفن التشكيلي. فقد رأينا علي سبيل المثال أن لجنة فحص جائزة النيل في الدورة السابقة مباشرة قدمت اسمين من مجال الفنون التشكيلية، وهما د. مصطفي الرزاز الذي فاز بالجائزة، ونافسه – أيضا – الفنان التشكيلي جورج البهجوري، والتزم المجلس بالتصويت عليهما، رغم أن لجنة الفحص تجاهلت الفنون الأخري، وقدمت قائمة قصيرة من فن واحد، وهو ما فعلته – كذلك – في قائمتها القصيرة لجائزة النيل للمبدعين العرب في مجالات الفنون، والعلوم الاجتماعية، والآداب، وهي جائزة واحدة، إذ قدمت قائمة قصيرة من فنانين تشكيليين هما: يوسف عبدلكي، الذي فاز بالجائزة، ومحمد خليل، وتجاهلت الأسماء الأخري في التخصصات المختلفة. كما تناولنا في المقالات السابقة – أيضا – السلبيات التي تقع فيها جهات الترشيح مثل الجامعات التي لم تقدم أي مرشح – علي سبيل المثال – لجائزة الدولة التقديرية في الآداب، فيما عدا جامعة القاهرة، بينما الجامعات الأخري لم تر من أبنائها أو من هم من خارجها من هو جدير بمجرد الترشح لهذه الجائزة، كما لم تقم الجامعات المصرية مجتمعة بترشيح أي اسم لجائزة النيل للمبدعين العرب، رغم تعدد مجالات الجائزة في فروع العلوم الاجتماعية والفنون والآداب، بما يحمل علامات استفهام وتعجب لا حصر لها، كما تعرضنا –أيضا- لتراجع دور أكاديمية الفنون المؤثر في هذه الجوائز عبر سنوات طوال، وحصدها للكثير من الجوائز بفضل قوة الأسماء التي رشحتها، أما الآن فإنها تقدم أسماء تثير الجدل. في هذه المرة، التي اختم فيها هذه المقالات، فلابد أن أشير إلي عبث شديد في تشكيل لجان فحص الجوائز، فهناك علي سبيل المثال أعضاء في المجلس الأعلي للثقافة يقومون بالتصويت، وفي ذات الوقت يتولون رئاسة لجان الفحص، التي تقدم القوائم القصيرة، أي أنهم يقومون بعملين، يبدو بينهما تعارض، »المشاركة في تقديم القائمة القصيرة» ثم العودة من خلال عضويتهم في المجلس في »التصويت علي هذه القائمة» والمساهمة في ترجيح كافة الفائز، وأعتقد أن الأمر يقتضي ألا يشارك أعضاء المجلس الأعلي للثقافة في لجان الفحص تطبيقا لمبدأ الشفافية، كما أن المنطق يقتضي – أيضا- أن تخلو لجان الفحص من ممثلين عن الهيئات التي ترشح، سواء كان رئيس الهيئة أو من في مجلس الإدارة، لأنه من غير المقبول أو المعقول أن تكون لجنة مكونة من خمسة أو سبعة بينهم صوت ينحاز تلقائيا للمرشح الذي تبنته هيئته، وقدمت اسمه لنيل الجائزة. نحن الآن أمام اختبار صعب وسؤال أصعب: هل نريد للجوائز أن تنفض عن نفسها أي سلبيات؟، خاصة أنها جوائز الدولة المصرية، أعتقد أن هناك ملاحظات كثيرة يجب علي المجلس الأعلي للثقافة أن يسعي من الآن إلي التعامل معها بجدية وشفافية.